البطيخة الواحدة في غزة تُباع بـ 70 دولارًا.. ماذا يأكل الغزيون للهروب من حرارة الصيف؟

تعج أسواق وسط وجنوب قطاع غزة بالبسطات الصغيرة التي يفترشها باعة يعرضون شرائح من فاكهة البطيخ، موضوعة على ورق نايلون أو ألواح خشبية بسيطة، وتُعرض تحت أشعة الشمس الحارقة ضمن محاولة لجذب الزبائن الباحثين عن انتعاش بأسعار معقولة.
وخلال جولة لمراسل "قدس برس" في مخيم النصيرات وسط القطاع، لوحظ اصطفاف عشرات الأطفال والفتية أمام تلك البسطات، في مشهد يتكرر في مختلف مناطق القطاع، حيث ينادي الباعة بصوت مرتفع: "شريحة البطيخ بـواحد شيكل" (الدولار يساوي تقريبًا 3.4 شواكل).
وبات البطيخ، الذي يُعد الفاكهة الوحيدة المتوفرة حاليًا في أسواق غزة، الخيار الوحيد أمام الغزيين، في ظل الحصار الإسرائيلي المستمر على القطاع منذ 2 آذار/مارس الماضي، والذي ألقى بظلاله الثقيلة على سلاسل الإمداد ومخزونات الغذاء.
وصل سعر الكيلوغرام الواحد من البطيخ إلى أكثر من 50 شيكلًا (14 دولارًا)، في حين أن البطيخة متوسطة الحجم قد تتجاوز قيمتها 70 دولارًا، الأمر الذي يجعل شراؤها كاملة أمرا شبه مستحيل لمعظم العائلات.
ولتجاوز أزمة ارتفاع الأسعار، لجأ بعض الباعة إلى حلول بديلة تتوافق مع القدرة الشرائية للمواطنين، أبرزها بيع شرائح مفردة من البطيخ بأسعار رمزية، تبدأ من شيكل واحد وتصل أحيانًا إلى خمسة شواكل، بحسب حجم الشريحة.
وقال صبحي، أحد الباعة في سوق النصيرات، لـ"قدس برس": "كما تعلم، أغلب الناس لا يملكون ثمن شراء بطيخة كاملة، خاصة إذا تجاوز وزنها 5 كغم، لذلك لجأنا لبيعها بالقطعة، حتى يتمكن الناس من شراء كمية بسيطة تسعد أطفالهم وتكسّر حرارة الجو".
وأوضح أن ارتفاع الأسعار يعود إلى ضعف الإنتاج المحلي لهذا الموسم، مشيرًا إلى أن البطيخ المتوفر مصدره أراضي زراعية في وسط وجنوب القطاع، والتي عانت من شح المياه وارتفاع تكاليف الزراعة والنقل، إلى جانب محدودية المساحات المتاحة للزراعة بسبب الحرب.
وقال أحد تجار الجملة: "الإنتاج هذا العام كان ضعيفًا، ومع توقف الاستيراد بسبب الحصار، ارتفعت الأسعار بشكل طبيعي بفعل زيادة الطلب وانخفاض المعروض، فضلاً عن ارتفاع تكاليف الزراعة والعمالة".
من جهة أخرى، تعكس ظاهرة "البيع بالقطعة" عمق الأزمة الاقتصادية التي يعانيها الغزيون، حيث تحولت فواكه الصيف البسيطة إلى سلع تُشترى بالحبة أو الشريحة. ومع الانقطاع المتواصل للتيار الكهربائي، وتلف الثلاجات، لم تعد الأسر قادرة على تخزين الفاكهة، مما زاد من الإقبال على شراء الكميات الصغيرة والفورية.
وترتكب إسرائيل، منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 وبدعم أميركي، إبادة جماعية في قطاع غزة، تشمل قتلاً وتجويعًا وتدميرًا وتهجيرًا، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر محكمة العدل الدولية بوقفها.
وقد خلفت هذه الإبادة نحو 195 ألف شهيد وجريح، مع معظم الضحايا من الأطفال والنساء، بالإضافة إلى أكثر من 11 ألف مفقود، ومئات آلاف النازحين، وتسببت في مجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم أطفال، إلى جانب دمار واسع في البنى التحتية.