ضحى وأطفالها.. من الموت تحت الأنقاض إلى الموت حرقًا

 

في زاوية بعيدة بمركز إيواء في مدينة غزة، كانت ضحى عبده تُضم أطفالها الثلاثة إلى صدرها في عناق وداعي شعرت أنه قد يكون الأخير. أرادت أن ترحل برفقتهم، فكان ما لها، ورحلوا جميعا متفحمين، لتنتهي رحلة نزوحهم الطويلة التي استمرت قرابة العامين.

 

بدأت المأساة فجر الخميس 3 تموز/يوليو عندما تلقّت والدة ضحى مكالمة مأساوية من أحد الأقارب يطلب منها التوجه للمشفى. كان عليها التعرف على جثث ضحى وأطفالها شام وخالد وآدم، بعد استهداف الغرفة التي لجأوا إليها بثلاث طائرات انتحارية. لم يكن استهدافًا عاديًا؛ فقد تحولت الغرفة إلى محرقة طمست ملامح وجوههم ولم يُعرف منهم سوى أسمائهم.

 

لم يكن هناك وداع تقليدي؛ فقد تعذّر على أحد التعرف على وجوه الشهداء أو احتضان جثثهم. اكتفى الأهل بنظرات حزينة إلى الأكفان التي ضمت جثامين محترقة، دون القدرة على توديعهم بقبلة أخيرة.

 

رَحلت ضحى لتلحق بزوجها محمد الذي استُشهد في أيام الحرب الأولى، طالما تمنّت أن تلحق به برفقة أطفالها، فتكرّرت عبارتها "إذا متنا، رح نموت مع بعض، ما حد يأكل حسرة حد"، معبّرة عن ألمها على فقدان زوجها ورغبتها في عدم ترك أطفالها للمصير المجهول.

 

بكلمات مفعمة بالحزن، قال عبد الرحمن، شقيق ضحى: "كانت أختي تحرص على أطفالها كثيرًا. لطالما قالت إنهم سيستشهدون جميعًا معًا، كي لا يتحسر أحد على غياب الآخر". وأضاف: "كانت شام تحلم بأن تصبح طبيبة، ووالدتها تدرسها بنفسها، رافضة إرسالها للمراكز التعليمية خوفًا من القصف".

 

وتابع عبد الرحمن: "بحثت أختي عن الأمان لكنها لم تجده حتى في مراكز الإيواء. جاءنا خبر استشهادها من شقيق زوجها، وعندما وصلنا للمشفى، كان المشهد صادمًا". وأردف مستذكرًا حديث شقيقته عن رغبتها في لقاء زوجها، مُشيرًا إلى أنها كانت ترى محمد كثيرًا في أحلامها، وكأنها كانت تستعد لتوديعنا دون أن ندرك.

 

نزحت ضحى خمس مرات في الأسابيع الأخيرة بحثًا عن أمان يُبعد أطفالها عن شظايا الطائرات. حاولت حماية نسل زوجها، واستنشاق رائحته فيهم. لكنها رحلت لتلتحق به، وتكتب نهاية رحلة نزوحها بالشهادة مع أبنائها الثلاثة.

 

 

 

منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، تُرتكب إسرائيل، بدعم أميركي، إبادة جماعية في قطاع غزة، مُتجاهلة النداءات الدولية وأوامر المحكمة العدل الدولية بوقفها. خلّفت المجازر نحو 195 ألف شهيد وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء، وأكثر من 11 ألف مفقود، مما أدى إلى مجاعة واسعة ودمار في البنى التحتية.

تصنيفات :
مواضيع ذات صلة
مارثون "إسرائيلي" لإيقاع أكبر عدد من الشهداء الفلسطينيين قبل التهدئة
يوليو 10, 2025
يسابق الجيش "الإسرائيلي" الزمن من أجل قتل أكبر عدد من الفلسطينيين وإيقاع المزيد من الخسائر قبل إبرام التهدئة التي تلوح في الأفق خلال الأيام المقبلة بحسب المراقبين والمتابعين، في حين تبدي حركة "حماس" مرونة كبيرة وتبذل جهودا مكثفة لإنجاح جولة المفاوضات الجارية، سعيا للتوصل إلى اتفاق شامل ينهي العدوان، ويؤمّن دخول المساعدات الإنسانية بشكل حر
الصليب الأحمر: مستشفى رفح الميداني يواجه موجة إصابات غير مسبوقة
يوليو 9, 2025
أعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، الأربعاء، أن المستشفى الميداني التابع لها في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة يواجه موجة غير مسبوقة من الإصابات، معظمها ناجم عن إطلاق نار مباشر، وسط تدهور حاد في المنظومة الصحية نتيجة العدوان "الإسرائيلي" المستمر. وفي بيان رسمي، أوضحت اللجنة أن المستشفى الذي يضم 60 سريرا ويعد آخر مرفق طبي متكامل
جيش الاحتلال يقرّ بمقتل أحد جنوده بمحاولة أسر نفذتها المقاومة في خان يونس
يوليو 9, 2025
أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، مساء الأربعاء، مقتل أحد جنوده خلال محاولة أسر نفذتها كتائب "القسام" في مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، في عملية نوعية كانت "القسام" كشفت تفاصيلها في وقت سابق. وأوضح جيش الاحتلال في بيان، أن "تحقيقا أوليا أظهر أن مجموعة من (المسلحين) خرجوا من نفق أرضي في خان يونس وهاجموا القوات (الإسرائيلية)
المستشفى الميداني الأردني في غزة يمد خط مياه يخدم آلاف السكان
يوليو 9, 2025
أعلن المستشفى الميداني الأردني/82 في قطاع غزة، الأربعاء، عن مدّ خط مياه جديد لتزويد الأحياء السكنية المجاورة بالمياه الصالحة للشرب، بمعدل يومي يصل إلى 12 ألف لتر، يستفيد منها أكثر من 8 آلاف فلسطيني، في خطوة تهدف إلى التخفيف من معاناة السكان في ظل النقص الحاد في المياه الصالحة للاستخدام البشري داخل القطاع. وأوضح قائد
دفاع مدني غزة: الاحتلال يعرقل عمليات الإنقاذ ويواصل استهداف الطواقم
يوليو 9, 2025
أكد المتحدث باسم الدفاع المدني في قطاع غزة، محمود بصل، الأربعاء، أن قوات الاحتلال نفذت حزاما ناريا كثيفا في مدينة غزة، ما أدى إلى عرقلة جهود طواقم الإنقاذ في الوصول إلى العالقين تحت الأنقاض وفي المناطق المستهدفة. وأوضح بصل أن الاحتلال يرفض منذ 12 يوما الاستجابة لأي محاولات للتنسيق بهدف تنفيذ عمليات إنقاذ، مشيرا إلى
الكشف عن جهاز تجسس مموّه داخل كتلة باطون صناعية في غزة
يوليو 9, 2025
كشف أمن المقاومة في قطاع غزة، الأربعاء، عن أحد أجهزة التجسس المتطورة، تم العثور عليه مدسوسا داخل كتلة باطون صناعية مموّهة بعناية، في منطقة ميدانية نشطة داخل القطاع. وبحسب المعلومات التي نشرتها منصة "الحارس" الأمنية، فإن الجهاز يحتوي على كاميرا دقيقة وتقنيات استشعار حركي، ويُستخدم في التصوير والبث المباشر لرصد التحركات العسكرية والميدانية. وأكدت "الحارس"