وسط احتجاجات واسعة من الموظفين.. سلطة النقد تشرع بخصم أقساط القروض لموظفي غزة

أعلنت "سلطة النقد" في رام الله (تابعة للسلطة االفلسطينية) عن استئناف خصم أقساط القروض المستحقة على موظفي القطاع العام في قطاع غزة، ابتداء من راتب الشهر الجاري، بنسبة قد تصل إلى 50 في المئة من الراتب الشهري، في خطوة أثارت ردود فعل غاضبة في أوساط الموظفين الذين وصفوها بـ"الصادمة وغير المسؤولة".
ويأتي القرار في وقت يعيش فيه القطاع أوضاعا اقتصادية كارثية، وسط موجات غير مسبوقة من ارتفاع الأسعار وانهيار القدرة الشرائية، حيث باتت أغلب الأسر تكافح لتوفير احتياجاتها الأساسية، وفق شهادات عدد من المواطنين لـ"قدس برس".
وكانت سلطة النقد قد قررت في كانون الثاني/يناير الماضي، تمديد تجميد استيفاء الأقساط المستحقة من موظفي قطاع غزة حتى نهاية الشهر الماضي 2025، لكن مع دخول الشهر الجاري، انتهت المهلة تلقائيا، دون الإعلان عن أي آليات دعم أو حماية اجتماعية للموظفين المتضررين.
وفي رد فعل واسع، أطلقت اتحادات نقابية وأهلية وتنسيقيات شعبية مناشدات عاجلة إلى رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، دعت فيها إلى وقف تنفيذ القرار، محذرة من تداعياته الاجتماعية والاقتصادية الخطيرة، في ظل انعدام البدائل وغياب شبكات الأمان، واتساع رقعة الفقر والعوز في القطاع المحاصر منذ أكثر من 17 عاما.
ودعت إلى تجميد قرار الخصومات حتى نهاية عام 2025 على الأقل، والعمل بشكل عاجل على توفير شبكة أمان مالية تحفظ استقرار الموظفين وأسرهم، وتضمن الحد الأدنى من مقومات الحياة الكريمة.
وفي حديثه لـ"قدس برس"، قال بشار وهو موظف حكومي نازح من مدينة رفح إلى مواصي خانيونس، جنوبي القطاع، إن القرار يمثل "طعنة في الظهر"، مضيفا: "كنا ننتظر من السلطة أن تساندنا في هذه المحنة، لا أن تزيد من أعبائنا"، متسائلا "كيف يمكن لموظف خسر بيته ويعيش في خيمة أن يتحمل خصم نصف راتبه؟".
أما الحكيم صالح، العامل في مستشفى ناصر بخان يونس، فأكد لـ"قدس برس" أن خصم الأقساط سيضاعف معاناة آلاف الموظفين الذين "لا يستطيعون أصلا تغطية نفقات أسرهم"، مشيرا إلى أنه يضطر للعمل بعد دوامه الرسمي لتوفير احتياجات أبنائه وسط الغلاء المتصاعد.
من جهته، وصف صالح ساق الله، القيادي في الهيئة الوطنية للمتقاعدين العسكريين، القرار بأنه "عملية تجويع ممنهجة"، مضيفا "نحن أمام قرار يطاول نحو 70 ألف موظف ومتقاعد في غزة، وأن ما يجري ليس سياسة نقدية، بل مجزرة اقتصادية تُضاف إلى سلسلة المعاناة التي نعيشها منذ أكثر من عام ونصف".
وأشار إلى أن القرار يتجاهل واقع الاستقطاعات السابقة من الرواتب، والتي قد تصل إلى 45 في المئة بسبب العمولات والضرائب، ما يترك الموظفين دون أي سيولة حقيقية، وتساءل بمرارة: "هل من المقبول أن تذهب بقية الرواتب للبنوك، بينما آلاف العائلات لا تجد قوت يومها؟ لمصلحة من يُنفذ هذا القرار؟".