مخرجات "شرم الشيخ" و"العقبة".. وهم "خفض التصعيد" يتبخر

لم تكد الأحداث تهدأ قليلا في نابلس (شمال الضفة)، حتى عادت للاشتعال من جديد، باغتيال قوات الاحتلال الإسرائيلي لمقاومين من مجموعات عرين الأسود، وكتائب شهداء الأقصى التابعة لحركة "فتح"، في عملية عسكرية أمس الاثنين، هدفت لاعتقال منفذ عملية حوارة التي وقعت بداية الأسبوع الماضي، واسفرت عن إصابة جنديين إسرائيليين بجراح خطيرة.
وارتقى أمس المقاوم في "عرين الأسود" (مجموعات مقاتلة في نابلس) الشهيد محمد سعيد سيف (21 عاما)، والمقاوم في كتائب شهداء الأقصى محمد أبو بكر الجنيدي (43 عاما)، واعتقل شابين آخرين بتهمة تقديم المساعدة لمنفذ عملية حوارة.
ومع كل جريمة تنفذها قوات الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية تحديدا، تتعزز القناعة لدى الفلسطينيين بأن "مخرجات قمتي العقبة وشرم الشيخ التي شارك بهما وفود أمنية فلسطينية وإسرائيلية برعاية الولايات المتحدة الأمريكية وحضور مصري وأردني، لم تكن سوى حبرا على ورق، وأن كل ما أعلن عن اتفاق على خفض مستوى التوتر، لا رصيد له على الأرض".
يقول الباحث في الشؤون الإسرائيلية، عزام أبو العدس، لـ"قدس برس" إن "موقف الحكومة الإسرائيلية المتطرفة كان واضحا وجليا منذ الدقيقة الأولى، عندما قال وزير الأمن الإسرائيلي ايتمار بن غفير، إن ما جرى في العقبة سيبقى في العقبة، وطبقت قواته ذلك على أرض الواقع باغتيال عدد من المقاومين في نابلس وجنين، وهو ما تكرر بعد اجتماع شرم الشيخ".
وتابع: "لكن هناك في السلطة الفلسطينية من لا يريد أن يقتنع بأن كل تلك الاجتماعات لا تهدف إلا لحماية أمن إسرائيل، وقمع المقاومة في الضفة والقضاء على جيوبها، خاصة في نابلس وجنين".
ورأى أن ما "جرى في نابلس أمس يندرج في هذا الإطار. فالأمن الإسرائيلي يسيطر سيطرة تامة على الضفة الغربية، ويراقب كل كبيرة وصغيرة فيها، وقد منح قواته الإذن بتنفيذ هجمات وقتل واعتقال المقاومين عقب توفر اي معلومات عن أماكن تواجدهم، ولن ينتظر قرارا سياسيا لا من قمة هنا او اجتماع هناك".
وأوضح أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تعمل وفق مبدأ وسياسة "المطاردة الساخنة"، وهذا ليس جديدا، فقد كانت تشترط منذ عقود على السلطة الفلسطينية والوسطاء أنها لن توقف هذه السياسة مهما دار في الاجتماعات السياسية، وبـ"الفعل فقد نفذت عمليات اغتيال لقيادات فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة في ذروة اللقاءات السياسية بين الطرفين".
مصالح شخصية
وذهب القيادي في "حماس" حسين أبو كويك، إلى أبعد من هذا، مشيرا إلى أن "المصالح الشخصية والضيقة لبعض القيادات الفلسطينية على حساب المصلحة الوطنية العلا، هي التي أعمت عيونهم عن رؤية الحقائق الدامغة".
وأضاف لـ"قدس برس"، "يقف الإنسان عاجزا عن فهم الآلية التي تدير بها السلطة الأمور، وكيف لها أن تستمر في نهجها المرفوض وطنيا بالتنسيق الأمني واللقاءات والاجتماعات مع الاحتلال الإسرائيلي، فيما هو يوغل بالدم الفلسطيني ويواصل جرائمه".
وأشار إلى أن جريمة نابلس أمس خير دليل على ذلك، "لأن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو أكد استمرار حكومته ملاحقة أي فلسطيني يعتدي على الإسرائيليين"، وفق وصفه.
وشدد على أن "الشعب الفلسطيني يريد التخلص من الاحتلال الإسرائيلي، ولا يريد إجراءات اقتصادية وأمنية قد تخفف من التوتر -كما يدعون- ولا تزيل السبب الرئيسي وهو الاحتلال".
وحذر أبو كويك مجددا من أن "السياسيات الإسرائيلية تهدف لخلق تصادم فلسطيني داخلي، لذا على السلطة ان تكون مدركة لخطورة هذا الأمر، وعدم ملاحقة المقاومين واعتقالهم".