"قدس برس" تكشف تفاصيل "خلية السلطة" المسؤولة عن ملاحقة "عرين الأسود"
ما تزال تداعيات تنفيذ مجموعة "عرين الأسود" (مجموعات مقاتلة تنشط في نابلس) القصاص، بحق أحد المتعاونين مع الاحتلال الإسرائيلي (ز. غ)، قبل عدة أيام في البلدة القديمة بمدينة نابلس (شمال الضفة)، تفرض نفسها بقوة على الساحة الفلسطينية، خاصة مع كشف معلومات تتعلق بتواصل ضباط كبار في الأجهزة الأمنية الفلسطينية مع العميل والطلب منه مراقبة المقاومين.
فقد انتشرت على منصات التواصل الاجتماعي، محادثة بين العميل والضابط في جهاز الأمن الوقائي أسامة الأغبر، الملقب بـ"أبو هاجم"، يطالب فيها الأخير رصد تحركات المقاومين في "عرين الأسود"، وتحديدا المعتقل السياسي لدى السلطة الفلسطينية مصعب اشتية.
حيث ورد في المحادثة بينهما قول الضابط: "المهم إنك عرفت أنه بكرة في اله طلعة برا البلد القديمة (المقصود مصعب)، بدي تظلك مراقبه، وأول ما يطلع ظل وراه بالسيارة، وأول ما تشوفه وقف، رن عليّ مباشرة وابعتلي الموقع، بدي أخلي سجن أريحا يشهد إنه عذب حمساوي بده يخرب نابلس.. قال مشان يدعم المكاومة". (لقد عرفت أن مصعب يريد أن يخرج غدا من البلدة القديمة في نابلس، عليك ملاحقته وإبلاغي أين يذهب، أريد أن اعتقله وانقله إلى سجن أريحا حيث سيتم تعذيبه، لأنه يريد أن يحدث فوضى في نابلس تحت اسم المقاومة).
فرد العميل على ذلك، بإبلاغ الضابط الأغبر، أن اشتية كان يتحدث مع الشهيد وديع الحوح -الذي ارتقى بتاريخ 25 تشرين الأول/اكتوبر الماضي، في عملية عسكرية إسرائيلية استهدفت مكان تحصنه في البلدة القديمة- بصوت منخفض، وأنه قام بتصويرهما وأرسل الصورة لـ"سفيان" (ضابط في جهاز المخابرات الفلسطينية)، وأنه لا يفضل ملاحقة مصعب اشتية، خوفا من انكشاف أمره.
وترجح مصادر لـ"قدس برس" أن "الأغبر كان على علم تام بارتباط العميل مع المخابرات الإسرائيلية، وقد أجبره على التعامل معه أيضا تحت التهديد، بأن يكشف أمره، حال رفض ذلك".
ووفق المصادر، فإن "اعترافات العميل قبل قتله، كانت مرعبة، حيث كشف عن ثلاثة أسماء على الأقل، لأشخاص مرتبطين مع جهاز المخابرات الإسرائيلية، كما تحدث عن تواصله مع ضباط من الأمن الفلسطيني وإمدادهم بمعلومات عن العرين، وتحركاتهم في نابلس".
وأكدت مصادر خاصة لـ"قدس برس" أن "الأغبر وسفيان، يعملان ضمن خلية أكبر شكلتها الأجهزة الأمنية الفلسطينية في الضفة الغربية لملاحقة عرين الأسود، منذ بداية تشكيلها".
ووفقاً للمصادر، فإن "اللواء في جهاز مخابرات السلطة (م- س)، هو من يقف على رأس هذه الخلية، وتضم أيضا كوادر في حركة فتح من البلدة القديمة بنابلس، وأسرى محررين من حركة فتح، أبرزهم العميد (ب- ز)، الذي تم ترفيعه مؤخرا إلى رتبة لواء".
وأوضحت المصادر أن "الخلية بدأت عملها بمحاولة اعتقال الشهيدين محمد العزيزي وعبود صبح ورفقائهم، قبل الإعلان الرسمي عن اسم العرين، وحينما فشلت بذلك، بدأ بمسلسل الإغراءات والعروض بالتفريغ والأموال والمناصب داخل السلطة وهو ما فشلت به كذلك، رغم ادعاءاتها أن بعض عناصر العرين سلموا انفسهم فعليا للسلطة".
وكان الشهيد الحوح، كشف قبل استشهاده أن شخصيات أمنية فلسطينية رفيعة التقت به في البلدة القديمة بنابلس، بعد سويعات قليلة من اغتيال قوات الاحتلال للشهيد تامر كيلاني بتفجير عبوة ناسفة، إذ ساوموه على تسليم نفسه، مقابل منع الاحتلال من اغتياله، فكان رده الحرفي لهم: (أنا وهبت نفسي لله، ولا أخاف من الاحتلال.. اشربوا قهوتكم، ومع السلامة)".
واختتمت المصادر حديثها: "لم تترك الأجهزة من وقائي ومخابرات واستخبارات ومناديب وتنظيم فتح بالبلدة أي أسلوب إلا واستخدموه ضد شباب العرين، ولكن المطاردين وعلى رأسهم الشهيدين وديع الحوح وتامر الكيلاني، وقفوا أمام كل المخططات الشيطانية، وهو ما جعل (م- س) يقول في إحدى جلساته يجب أن يتم القضاء على وديع وتامر حتى نتمكن من إنهاء العرين".
والأحد الماضي، أعلنت مجموعات "عرين الأسود"، تصفية "عميل" للاحتلال الإسرائيلي.
وقالت "العرين"، في بيانٍ مقتضب، تلقته "قدس برس": "جماهير شعبنا الفلسطيني المجاهد، نظراً لعمليات البحث والتحري التي تقوم بها مجموعات عرين الأسود، بخصوص موضوع الخائن الذي تم تصفيته الليلة، نعلمكم بأننا سنوضح للرأي العام كل ما يلزم في حينه موثقاً توثيقاً دقيقاً بعد استيفاء الإجراءات الأمنية من طرفنا".