صراع الجنرالات في السودان.. هل يقدم البلاد على طبق من ذهب لـ"إسرائيل"؟!
أكد الباحث والخبير في الشأن السوداني، محمد جمال عرفة، على أن الأحداث في السودان تقدم البلاد على طبق من ذهب للاحتلال الإسرائيلي الذي له أطماع استراتيجية فيها.
وقال عرفة لـ "قدس برس" إن "المواجهة فتحت بين الجنرالين عبد الفتاح البرهان، ومحمد حمدان دقلو (حميدتي)، بعدما اشتركا سابقا في الإطاحة بالرئيس السابق، عمر البشير، عام 2019؛ باب جهنم على وحدة أراضي السودان وتوشك أن تقدم البلاد على طبق من ذلك للعدو الإسرائيلي" وفق تقديره.
وأضاف أنه "برغم عرض إسرائيل الوساطة بين الجنرالين عبر خارجيتها وجهاز المخابرات (الموساد) حسبما أكدت صحيفة يديعوت احرونوت العبرية الأحد الماضي، إلا أن الاشتباكات مستمرة ولم تتوقف".
وقال عرفة: "ستكون إسرائيل هي الرابح الأكبر من الصراع العسكري بين جنرالات السودان، لأن لديها مخطط استراتيجي قديم منذ الخمسينات لتفتيت السودان، وتقسيمه ليسهل لها الانتشار هناك والانطلاق من الخرطوم لكل دول إفريقيا ودول عربية أخرى".
وأضاف: "يبدو أن الحرب المشتعلة بين قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع (جيش مواز) حميدتي، للتنافس على السلطة والنفوذ والثروة، ستضع السودان على طبق من ذهب لدولة الاحتلال الإسرائيلي" وفق ما يرى.
وحذر عرفة من أن السودان يعج بالحركات الانفصالية التي ترغب في الانفصال عن الخرطوم "مثل انفصال جنوب السودان الذي تم برعاية إسرائيلية غربية، والصراع العسكري والفوضى الحالية قد تشجع بعضهم على تطوير تمرده لانفصال بأقاليم مختلفة".
وقال إن "هناك مخاوف أن يؤدي صراع الجنرالات في السودان لتفكيك السودان وزيارة قوة الحركات الانفصالية وهو هدف استراتيجي إسرائيلي وأميركي بدأ منذ دعمهم انفصال جنوب السودان، ثم توريط الخرطوم في التطبيع مع دولة الاحتلال".
وعن سبب التوتر والخلاف الرئيسي بين البرهان وحميدتي؛ أكد عرفة أن الأمر يتعلق بدمج قوات الدعم السريع داخل الجيش، مشيرا إلى أن الأخير اقترح فترة عامين لإكمال العملية، لكن "قوات الدعم السريع" بقيادة حميدتي رفضت وأعلنت أن العملية تحتاج لعشر سنوات.
وأوضح أنه "ضمن الخلاف العسكري على الهيمنة، ظهر خلاف آخر على القيادة والسيطرة، خلال المرحلة المقبلة، حيث يرى الجيش أن قيادة الدولة يجب أن تكون للقائد العام (البرهان)، بينما الدعم السريع يرى أن تكون قيادة الدولة لرئيس الوزراء المدني في الحكومة المقبلة، حيث أن كل هذه الخلافات عجلت بالصراع المسلح في ظل التحشيدات العسكرية بينهما".
وأضاف الخبير في الشأن السوداني "أن هناك سبب أخر للصراع هو رفض كليهما تسليم السلطة للمدنيين من تيار (الحرية والتغيير) الذي يضم قوى يسارية وليبرالية، والذين كانوا يطمحون في أن يسلم لهم البرهان السلطة، ولكن الأخير اشترط لتمرير اتفاق السلام أن يجري دمج وحل قوات حميدتي في الجيش، حتى إذا أراد التخلص منه لاحقا لا يجد حميدتي من يدعمه".
ورأى عرفة أن مستقبل السودان "بات في خطر شديد، لأنه بلد قبلي يضم عدة أعراق وقبائل وجماعات متمردة وحركات انفصالية، وكل منها يتطلع لفصل جزء من السودان كما فعل (زعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان) جون قرنق مع جنوب السودان وفصله عن الشمال".
وقال إن "هذا التفكيك وتقسيم السودان حلم صهيوني وأمريكي منذ زمن واعترف به قادة الاستخبارات في البلدين، لأن السودان بحجمه وموارده يشكل دولة عظمي لو أحسن أهلها استغلال خيراته بعيدا عن طمع الجنرالات وفساد السياسيين".
وأضاف "تعود الرغبة الصهيونية في تفتيت السودان وتفكيكه إلى الخمسينات، وفي محاضرة رسمية لوزير الأمن الإسرائيلي أفي ديختر يوم 30 تشرين أول/أكتوبر 2008، قال: نحن نقود خراب السودان" بحسب ما أورد.
وأضاف: "شجعهم على ذلك كون السودان يشكل عمقا استراتيجيا لمصر، وهو ما ظهر بوضوح بعد حرب حزيران/يونيو 1967عندما تحول السودان إلى قواعد تدريب وإيواء لسلاح الجو المصري وللقوات البرية هو وليبيا".
وأكد على أن إضعاف السودان وانتزاع المبادرة منه لبناء دولة قوية موحدة رغم أنها تعج بالتعددية الإثنية والطائفية منظور استراتيجي إسرائيلي وضرورة من ضرورات دعم وتعظيم الأمن القومي الإسرائيلي.
وقد اندلعت اشتباكات السبت الماضي في الخرطوم، بين قوات الجيش السوداني التي يقودها الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وقوات "الدعم السريع" بقيادة محمد حمدان دقلو المعروف باسم "حميدتي"، في تحول مفاجئ للصراع بينهما إلى نزاع مسلح.