"لهيب الضفة" وسيناريوهات المشهد القادم (تقرير)
اعتبر خبراء فلسطينيون أن الاحتلال الإسرائيلي يعيش أسوأ أيامه منذ سنوات في مدن الضفة الغربية المحتلة، بالنظر إلى تصاعد العمليات الفدائية واتساع رقعتها، شمالا وجنوبا.
ورأى الخبراء في أحاديث منفصلة لـ"قدس برس"، أن نواة المقاومة الفلسطينية المتمثلة في تشكيلات مسلحة من الفصائل المختلفة، مثل "كتيبة جنين" و"عرين الأسود" و"كتيبة مخيم بلاطة" (مجموعات مقاومة في شمال الضفة)، زادت من حالة الارتباك التي يعيشها الاحتلال.
ورأى المتحدث باسم "حركة الأحرار"، ياسر خلف، أن "السيناريو الأرجح هو تصاعد العمل المقاوم، وإقدام الشباب الثائر بمزيد الجرأة، لتتكامل الجهود ويتوحد المشهد البطولي في الضفة".
واعتبر خلف أن مدينة الخليل (جنوبا) تمثّل "ثقلاً كبيرًا للعمل المقاوم"، مشيرًا إلى أن "تحركها عامل رعب وكابوس للاحتلال".
وأوضح أن "الميدان وسلوك الاحتلال هما من يحدد مسار المشهد"، لافتًا إلى أن الاحتلال "يحاول إيهام العالم بأن مشكلته ليست مع الشعب الفلسطيني، وإنما مع المقاومين، في محاولة بائسة للفصل بين الشعب والمقاومة" وفق ما يرى.
واعتبر أن "استثمار ما يجري لن يكون إلا بتشكيل قيادة وطنية ميدانية، تقود وتنظم العمل بشكل قوي"، مطالبًا السلطة الفلسطينية بـ"رفع يدها عن المقاومة، ووقف التنسيق الأمني، وتفعيل المسار الدبلوماسي لحشد المواقف الدولية لصالح شعبنا وقضيته".
فشل العبث بالوعي الفلسطيني
وأكد المتحدث باسم "حركة الأحرار" أن "عرين الأسود (مجموعة مقاومة مسلحة في نابلس، شمال الضفة) نموذج مميز لوحدة المقاومة، وقد باتت محط رحال الشباب الثائر المؤمن بالمقاومة، واستطاعت توحيد الميدان".
ورأى أن "إصرار قيادة السلطة الفلسطينية على العلاقة مع الاحتلال، رغم كل جرائمه، دفع الأجيال الفلسطينية المتعاقبة للفظ اتفاقية أوسلو (اتفاقية التسوية بين منظمة التحرير والاحتلال عام 1993) وقيادتها، والانتفاض في وجه الاحتلال" وفق ما يرى.
بدوره، بيّن المحلل السياسي تيسير محيسن أن "دخول الخليل بعد جنين ونابلس على خط المقاومة خلق أملاً كبيرًا بأن تكون في الضفة مراكز قوة دفع لتمدد عمل المقاومة وانتشارها بشكل كبير".
وشدد محيسن على أن "العامل الأهم لزيادة قوة هذه الحالات العسكرية.. هو عامل الزمن، الذي من شأنه أن يؤسس لحالة عسكرية شاملة وكاملة في واقع الضفة".
الضفة ونموذج غزة
وأكد أن "الدور هنا يقع على الفصائل والقوى الفلسطينية المقاومة، التي يجب أن تحتضن هذه الحالات العسكرية في كل المدن الفلسطينية، وتمدها بكل الإمكانيات المادية والمعنوية والسياسية والأمنية والعسكرية، حتى تكون قادرة على تسيير دفة العمل العسكري بإمكاناتها الذاتية المباشرة".
وبيّن أن "الاحتلال راهن كثيرًا على خلق واقع جديد في الضفة، وكثيرًا ما تحدث عن حرصه على ألا ينسحب نموذج غزة ومقاومتها إلى ساحة الضفة، وعمل جاهدًا على الحيلولة دون ذلك".
واعتبر المحلل السياسي أن "السلطة الفلسطينية باتت عاجزة عن كبح جماح الشبان، وأنها كلما أمعنت في طغيانها تجاه تفكيك هذه الحالات العسكرية، كلما زادت حالة الكره والغضب في الشارع الفلسطيني تجاهها".
ورأى أن "السلطة تعاني من حالة تراجع كبير، وكلما زادت السلطة من عنادها في التعامل مع هذه الحالات العسكرية سيزداد التفاف الجماهير حول هذه الحالات العسكرية، كما سيزداد التصدي لممارسات السلطة بشكل أكبر".
وتصاعدت المواجهات خلال الأشهر الأخيرة في الضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس، ولا سيما في مدينتي نابلس وجنين (شمال)، حيث كثفت قوات الاحتلال الإسرائيلي من مداهماتها في أعقاب عدة عمليات مقاوِمة نفذها فلسطينيون ضد جنود الاحتلال ومستوطنيه.
ويأتي هذا التصاعد الملحوظ في عمليات المقاومة ردًا على انتهاكات الاحتلال المتواصلة بحق الفلسطينيين، ورعايته للاقتحامات والممارسات الاستفزازية التي يمارسها مستوطنوه في المسجد الأقصى المبارك.
يذكر أن مركز معلومات فلسطين "مُعطى" (مركز إحصاء مستقل) سجّل في شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي ألفًا و999 عملاً مقاومًا، مقابل نحو 832 عملاً مقاومًا في أيلول/سبتمبر الفائت.
وأشار المركز إلى تنوع أعمال المقاومة ما بين عمليات إطلاق نار، وعمليات دهس وطعن، وزرع عبوات ناسفة، وإلقاء مفرقعات نارية وزجاجات حارقة على المستوطنين وقوات الاحتلال.
وبيّن أن هذه العمليات أسفرت في مجموعها عن مقتل جنديين ومستوطن، وجرح 81 آخرين بجراح مختلفة.