الكشف عن أضخم مشروع تهويدي لبلدة سبسطية الأثرية في نابلس

تتسارع الإجراءات التي تتخذها حكومة الاحتلال الإسرائيلي للسيطرة على بلدة سبسطية التاريخية الواقعة شمال مدينة نابلس بالضفة الغربية المحتلة، خاصة بعد الكشف عن أضخم مشروع تهويدي للموقع الأثري فيها، بقيمة 32 مليون شيكل (نحو 10 ملايين دولار)، والذي سيبدأ تنفيذ المرحلة الأولى منه خلال 60 يوما فقط على مساحة 152 دونما.
ويقول رئيس بلدية سبسطية محمد عازم لـ"قدس برس"، إن المشروع التهويدي هو البداية فقط، ومع الانتهاء من كافة مراحله يكون الاحتلال قد استولى على نحو ألف دونم، وهي تقريبا مساحة كل المواقع الأثرية في سبسطية، والتي تعود لحقب تاريخية مختلفة منذ عشرات آلاف السنين.
ويدعي الاحتلال أن ما يقوم به يقع في المناطق المصنفة "ج"، وفق اتفاق أوسلو أي الخاضعة لسيطرته الكاملة، وهو ما يفنده الفلسطينيون، حيث يقول عازم: "أن الخرائط التي نشرها الاحتلال تؤكد أن هدفه تمكين سيطرة المستوطنين على المناطق الأثرية ومنع أي وجود فلسطيني فيها، وغدا سيتم وضع سياج فاصل يعزلها، وبالتالي حرماننا كأهالي سبسطية وحرمان الزوار والسياح الفلسطينيين والأجانب من الوصول إليها".
ويؤكد رئيس بلدية سبسطية أن هذه ليست مجرد توقعات أو مخاوف، بل حقائق، "لأن المشروع يتضمن شق شارع التفافي داخل المنطقة الأثرية ليخدم الحركة الاستيطانية فقط، ووضع شباك وسياج وكاميرات حماية وبرج عسكري إسرائيلي يداخل المنطقة الأثرية، بالإضافة للتنقيب عن قبور "أجدادهم"، وفق زعمهم.
وعن تبعات المشروع، يؤكد عازم أنه حال تنفيذه سيوجه ضربة قاضية لسبسطية على كافة الصعد، ويقول: "سيقضي الاحتلال بذلك على قطاع السياحة في البلدة، وستقتصر على السياحة الاستيطانية، كما سيؤثر على الوضع الاقتصادي لأن هناك عشرات العائلات في سبسطية تعيش من وراء السيّاح، وكذلك على الصعيد الأمني، نظراً لكون الاحتلال سيبقى متواجدا على الدوام لحماية المستوطنين".
التهويد بدأ فعليا
شن المستوطنون مؤخراً حملة تحريض ضد بلدية سبسطية، على خلفية شق طريق خارج حدود المدينة الأثرية منذ العصر الحديدي حتى الفترة الرومانية، إذ ظهر خلال العمل مقابر رومانية، وعندما بدأت دائرة الآثار الفلسطينية بأعمال تنقيب إنقاذي، اقتحم جيش الاحتلال الموقع وأوقف العمل، رغم أن التنقيب الإنقاذي كان في المنطقة الخاضعة للسلطة الفلسطينية.
في المقابل، أنشأ الاحتلال -لتسهيل اقتحام المستوطنين لسبسطية- فنادق ونُزُلا في مستوطنة "شافي شمرون" المقامة على أراضي نابلس والقريبة من سبسطية، كما منع إحداث تغييرات كخدمات البنية التحتية أو أعمال ترميم في المكان من طرف الفلسطينيين، ولاحق المواطنين المستثمرين وهدم منشآتهم، وصعَّد وتيرة الاقتحامات باستهداف المنطقة.
كما أحال الاحتلال ملف سبسطية لدائرة الحدائق العامة الإسرائيلية التي يترأسها مجلس المستوطنات، والذي سهَّل بدوره وكثف اقتحام المستوطنين، وشرع قبل سنوات في إقامة "الشارع الدائري" حول المنطقة الأثرية الذي يمر عبر أراضي المواطنين، ويُسهِّل ضمها ويؤمِّن طريقاً بديلاً لخروج ودخول المستوطنين.
رسالة إلى يونسكو
ويبدو الموقف الرسمي الفلسطيني ضعيفا في مواجهة المخطط، إذ اكتفت السلطة الفلسطينية ومن خلال وزارة السياحة والآثار بإصدار بيان استنكار وتحذير من المشروع، دون أي خطوات فعلية على الأرض للتصدي له ولحماية البلدة من التهويد.
وقالت الوزارة في بيان لها وصل "قدس برس" إنها بصدد إرسال رسالة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونيسكو" تشرح فيها خطورة المشروع والطلب منها التدخل لمنع إقامته لما من شأنه "أن يتسبب بأضرار فادحة بالموقع التاريخي في البلدة"، حيث سبق وأن تقدمت فلسطين منذ ثلاث سنوات بطلب لإدراج الموقع في لائحة التراث العالمي.
وتعد سبسطية من أبرز المواقع التي تحاول إسرائيل السيطرة عليها، وتعتبر عاصمة الرومان في فلسطين، وتتميز بموقعها الجغرافي الذي يربط ثلاث محافظات في شمال الضفة الغربية ببعضها، وهي نابلس وطولكرم وجنين، كما أنها تقع على طريق الحج المسيحي من القدس وبيت لحم وبئر يعقوب والناصرة.
وتزخر البلدة بعشرات المواقع الأثرية، ومنها: المقبرة الرومانية، وضريح النبي يحيى ومسجده، وكاتدرائية يوحنا المعمدان، وقصر الكايد، وكذلك ساحة البازيليكا، والقصر الملكي، والبرج الهيلينستي، ومعبد أغسطس، والمسرح، وشارع الأعمدة، والملعب".