تشغيل مطار رامون.. تسهيلات اقتصادية أم مماحكات سياسية؟

شكّل انطلاق أول رحلة جوية للفلسطينيين من الضفة الغربية المحتلة عبر مطار "رامون" التابع للاحتلال، إلى قبرص، موجة من الجدل والخلاف حول التعاطي معه من قبل الفلسطينيين، تزامنا مع رفض السلطة  الفلسطينية.

ورفض المتحدث باسم وزارة المواصلات لدى السلطة الفلسطينية، موسى رحال، خطوة الاحتلال فتح مطار رامون، (جنوب فلسطين المحتلة عام 48)، والتعاطي معه، مطالبا بتفعيل مطاري غزة الدولي وقلنديا، وإنشاء مطار خاص بمدن الشمال، وتسهيل الإجراءات.

وقال رحال لـ"قدس برس"، إن "ما يجري من قبل الاحتلال يأتي في سياق الفصل العنصري، وحرمان المواطن الفلسطيني من التنقل بحرية وكرامة، وتحت إدارة وإرادة فلسطينية".

وعدّ رحال وجود المطار "مصلحة إسرائيلية فقط، يريد من خلالها جني الفوائد الاقتصادية والسياسية، وتشويه صورة السلطة في أعين الفلسطينيين".

ولفت إلى أن المطار في منطقة يصعب الوصول إليها، والفلسطينيون يحتاجون ما لا يقل عن 6 ساعات للالتحاق برحلاته.

ومن جانبه، رأى الكاتب والمتابع للشأن الإسرائيلي سعيد بشارات، أن "افتتاح مطار رامون يكشف أن دولة الاحتلال حسمت علاقتها مع الضفة الغربية، من خلال المنح الاقتصادية والإجراءات الاقتصادية التي تستهدف مواطني الضفة".

وأوضح بشارات لـ"قدس برس"، أن "حكومة الاحتلال لم تُعر انتباها للسلطة ومعارضتها وأصبحت كأنها شيء غير موجود، وبمثابة المشكلة وليس الحل، تزامنا مع حالة الغضب الموجودة أصلا بين الجمهور والسلطة على خلفية الإخفاقات السياسية، ومشاكل النقابات، وصولا الى قضية ترحيل رواتب العمال الأخيرة".

واعتبر بشارات إلى أن "حكومة الاحتلال تريد إيصال رسالة للفلسطينيين مفادها أن ما يحصلون عليه من امتيازات غير مرتبط بالسلطة الفلسطينية، وانما بإسرائيل التي تحاول إرتداء ثوب الإنسانية، من خلال تلمس احتياجات الناس ومعاناتهم".

ورأى بشارات أن "ما يحصل بمثابة الضم الهادئ للضفة، وإن لم يكن جغرافيا، فمن خلال إدارتها والتحكم بشأنها بعد أن حوّلت السلطة لأداة أمنية مساعدة، وباتت كتلة فاسدة يعاني منها السكان بحسب ما تراه المنظومة الأمنية الإسرائيلية" وفق ما يراه.

ومن جهته، رأى المختص بالشأن الإسرائيلي عزام أبو العدس، أن الاحتلال من خلال افتتاحه لمطار رامون، وإتاحته السفر من خلاله "يريد أن يؤكد حقيقة مفادها أن إسرائيل لا تقدم شيئا للفلسطينيين إلا إذا كان يحرك مصالحها، وأنها تنظر للفلسطينيين على أنهم مادة بشرية، الهدف من وجودها الدفع بعجلة الاقتصاد الإسرائيلي".

وقال أبو العدس لـ"قدس برس"، إن "الاحتلال أسس مطار رامون في العام 2019 بتكلفة 500 مليون دولار امريكي، كجزء من خطة توسيع الاستيطان في النقب المحتل، وتقليل الضغط عن مطارات وسط فلسطين المحتلة عام 48".

ولفت إلى أن "مشروع المطار فشل فشلا ذريعا، بسبب بُعده في صحراء النقب حوالي 350 كيلومترا، وبالتالي السفر إلى المطار مرهق بحد ذاته، وغير مجدٍ اقتصاديا بسبب ارتفاع أسعار المواصلات الداخلية في دولة الاحتلال، ولذلك شهد عزوفا شديدا، وأصبح شبه مهجور".

واستدرك أن "هنا برزت الخطة الإسرائيلية بإحياء هذه المطار، من خلال تشغيله بواسطة الفلسطينيين وأموالهم، لاسيما مع التذمر الشديد، بسبب الإهمال المتعمد أو غير المتعمد لخدمات السفر عبر الجسر والازدحام الشديد، الذي صوّر مطار رامون حلا مقبولا للسفر".

وأكد أن "الاحتلال لا يرغب بإضعاف السلطة الفلسطينية من خلال هذه الخطوة، لأن بقاء السلطة وقوتها غاية استراتيجية لديه، ولكن السلطة هي من تضعف نفسها في التعامل مع هذه الأزمة وغيرها".

تصنيفات :
مواضيع ذات صلة
قراءة في المقترح الأمريكي الجديد لوقف إطلاق النار في غزة
يوليو 3, 2025
في خضم تسريبات متزايدة حول تفاصيل الورقة الأمريكية لوقف إطلاق النار في غزة، تتحدث تقارير إعلامية عن مقترح مختلف من حيث الشكل والمضمون، تطرحه إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بصيغة تحمل ملامح تحول سياسي لافت. هذه الورقة، التي يُروّج لها على أنها اتفاق متكامل يمتد لـ60 يومًا، تتضمن بنودًا غير مسبوقة، كوقف شامل لإطلاق النار،
مبادرة ترامب للتهدئة في غزة: مقترح "ملغوم" يفتقر للضمانات ويكرّس الواقع القائم
يوليو 2, 2025
أثار مقترح الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن وقف إطلاق النار في غزة لمدة 60 يوماً، والذي يتضمن ترتيبات جزئية لتبادل الأسرى وتخفيف محدود للحصار، موجة من التحفظات لدى محللين فلسطينيين وعرب، رأوا فيه طرحاً غير متوازن يفتقر إلى الضمانات الحقيقية لوقف دائم للعدوان أو لتأمين الاحتياجات الإنسانية المتفاقمة في القطاع. واعتُبر المقترح، الذي يأتي قبيل
خبراء يحذرون: الاقتصاد في مناطق السلطة الفلسطينية ينهار وديون الموظفين قنبلة موقوتة
يوليو 1, 2025
"الاقتصاد الفلسطيني يواجه كارثة مالية وديونًا متراكمة تهدد بالانهيار البنيوي" – بهذه العبارة الصادمة افتتح البنك الدولي تقريره الأخير الصادر في حزيران/يونيو 2025، ليدق ناقوس الخطر بشأن الحالة الاقتصادية والمالية في مناطق السلطة الفلسطينية بالضفة الغربية المحتلة. غير أن الأزمة لم تعد في خانة التحذير، بل تحوّلت إلى واقع يومي يعيشه الفلسطينيون في الضفة الغربية،
"طوفان الأقصى".. سيناريوهات متوقعة وغير متوقعة بعد 630 يوما
يونيو 29, 2025
تُذكّرنا الحروب الكبرى دومًا بما قاله وزير الدفاع الأميركي الأسبق، روبرت مكنمارا، في وثائقي "ضباب الحرب" إن للحروب نتائج مقصودة، وأخرى غير مقصودة قد تكون أكثر تأثيرًا وخطورة . وهذا يتقاطع ويتصادى اليوم مع ما أحدثه السابع من أكتوبر في حرب غزة. فمنذ صباح طوفان السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، أصبح الشرق الأوسط يسير بتوقيت
لماذا دعا ترامب إلى إلغاء محاكمة نتنياهو؟
يونيو 28, 2025
في ظل حالة الارتباك التي يعيشها كيان الاحتلال الإسرائيلي بعد أشهر من العدوان على غزة، أثارت تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، التي طالب فيها بإلغاء محاكمة رئيس الوزراء في حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو أو منحه عفوًا، جدلًا واسعًا واعتُبرت مؤشرًا جديدًا على تعمق الأزمة داخل الاحتلال الإسرائيلي. ورأى مراقبون أن هذه التصريحات جاءت في توقيت
سوريا…ورش تدريبية للشباب الفلسطيني تحت عنوان "القيادة والتأثير"
يونيو 28, 2025
في وقت تتكاثف فيه التحديات أمام الوعي الفلسطيني الجمعي، من حملات التطبيع والتزييف والسطو على الرواية الأصلية، أطلقت مبادرة "قناديل مقدسية" سلسلة من الورش التدريبية في سوريا، تحت عنوان "القيادة والتأثير للشباب"، بهدف تمكين الجيل الفلسطيني الشاب، وخاصة في الشتات، من أدوات التعبير الرقمي والتأثير المجتمعي. إيمان بالشباب… واستثمار في المستقبل في حديثه لـ"قدس برس"،