مشعل في عمان .. هل هي استدارة أردنية لترسيم العلاقة مجدداً مع "حماس"؟

وصل رئيس حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في الخارج خالد مشعل إلى الأردن، الزيارة جاءت بعد أيامٍ قليلة من إنتهاء التصعيد الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، والذي استمر لثلاثة أيام، وانتهى بهدنة توسطت فيها مصر، ولم تنخرط "حماس" عسكريا بها.

وفي هذه الزيارة، ظهر مشعل الذي يحمل الجنسية الأردنية، في أول صورة له بالصحافة المحلية، وهو يزور قبر والديه في عمّان.

مصدر مقرب من مطبخ القرار في الأردن، تحدث لـ"قدس برس"، بأن "الموقف الذي أظهرته حركة حماس من ضبط النفس، في قطاع غزة أثناء الحرب الأخيرة، لفت الأنظار إليها من قبل الأردن الرسمي، وعدد من الدول العربية، والغربية" ، وأن هذا الموقف الحاسم من حركة حماس أكد مجددا أن قرارها مستقل وأنها ليست في جيب أحد ، وفق ما يرى.

أهداف سياسية

وتحت عنوانٍ عائلي، تحرك مشعل في الأردن طولاً وعرضاً، لكن بهدوء، ودون ضجيج إعلامي، ودون أيضاً أية لقاءاتٍ رسمية مباشرة أو على الأقل معلنة، فيما تأتي زيارة مشعل الحالية كإضافة نوعية على مجمل زيارته الأخيرة للأردن، من حيث مدة الإقامة التي تمتد على مدار أسبوعين، بالإضافة إلى استقباله في قاعة كبار الزوار في مطار الملكة علياء، مع وجود مرافقين له بترتيباتٍ رسمية، وهو ما يعني بحسب مراقبين بأن الزيارة التي يؤديها مشعل إلى الأردن، تحمل دلالاتٍ سياسية هامة وعميقة، رغم منحها الصبغة العائلية.

نائب رئيس الوزراء الأردني الأسبق الدكتور ممدوح العبادي، أكد أن "خالد مشعل رجل سياسي بامتياز، وكل تحركاته يتم التعاطي معها على هذا الأساس".

وقال العبادي في تصريحٍ  لـ "قدس برس" إنه "على الرغم من الأحاديث المتوالية بأن زيارة مشعل جاءت لارتباطات عائلية وأخوية، إلا أنه من الواضح أن الزيارة هذه المرة جاءت لأهداف سياسية، بدليل أنه اجتمع مع عدد كبير من الشخصيات السياسية (غير الرسمية)، وذلك بهدف ترطيب الأجواء ما بين حركة حماس من جانب، والدولة الأردنية من جانب آخر،  وهذا الأمر مقبول في العمل السياسي" على حد تعبيره.

ترسيم العلاقة

ورداً على سؤال "قدس برس"، حول إمكانية عقد مشعل لعدد من اللقاءات مع شخصيات رسمية دون الإعلان عن ذلك، قال نائب رئيس الوزراء الأردني السابق: "كل شيء وارد"، معرباً في الوقت عينه، عن "أمله في أن تكون هناك علاقة طيبة في المستقبل القريب، ما بين الدولة الأردنية وحركة حماس".

يشار إلى أن موقع "عمون" الإلكتروني، القريب من دوائر صنع القرار في الأردن، كان أول من تفرد بخبر الزيارة، "زيارة مشعل ستقتصر عائِليّا، وسيلتقي خلالها عددا من أصدقائه المقربين فقط"، وفق ما أورد. وهذا على عكس الزيارات السابقة، التي كانت وسائل إعلام مقربة من الحركة تعلن عنها.

إلا أن التساؤل الذي بات مثار تساؤل الصالونات السياسية في البلاد، هل تأتي زيارة مشعل لعمان، ولقاءه بعدد من الشخصيات السياسية وشخصيات كانت تشغل  مواقع وزارية،  ووجهاء العشائرية الأردنية، يندرج تحت لافتة الاستدارة الأردنية في العلاقة مع حماس؟ّ!، وعدم حصر تعاون عمّان مع السلطة الفلسطينية في المشهد الفلسطيني المتأزم.

وسبق وصول خالد مشعل، إلى عمّان، نشر مقال للكاتب الأردني ماهر أبوطير، في صحيفة "الغد" الأردنية اليومية (في 9 آب/أغسطس)، وجه فيه انتقادات غير مسبوقة لعلاقة الأردن مع السلطة الفلسطينية في رام الله، قال فيه "لا بد أن يقال بشكل صريح هنا ان الأردن يتحالف اليوم بشيك على بياض، مع سلطة مكروهة في اوساط الفلسطينيين، ومبنوذة سياسيا وشعبيا، بسبب .. ممارسات رجالات السلطة ومؤسساتها، وقصص التجني والتعسف والظلم والفساد، إضافة الى الدور الوظيفي الذي تقوم به السلطة نيابة عن الاحتلال داخل الضفة الغربية".

الحرص على أمن الأردن

بحسب ما نقل عن مشعل نفسه، فإنه لطالما أعرب من خلال زياراته المتعددة لعدد كبير من الشخصيات الوطنية والحزبية عن حرص حركته ورغبتها في تطوير العلاقة، وتمتين شبكة الاتصالات مع صانع القرار في المملكة، والتأكيد على حرص "حماس" على أمن الأردن واستقراره.

وهذه الزيارة هي الثانية التي قام مشعل بها إلى الأردن خلال نحو عام، إذ سبق له الحضور في مثل هذا الشهر من 2021، للمشاركة في جنازة القيادي السابق بالحركة إبراهيم غوشة.. تلك الزيارة التي شارك فيها رئيس حركة حماس اسماعيل هنية.

ويقول مراقبون إن ظروف المنطقة تغيرت، كما أن الوضع داخل الأراضي الفلسطينية يشهد هو الآخر تحولاً على مستوى القوى المؤثرة، وهذا من شأنه أن ينعكس على مواقف الأردن تجاه الفاعلين الفلسطينيين، لا سيما حركة "حماس".

يذكر أن العلاقة ما بين "حماس" والدولة الأردنية، أخذت منحاً متوتراً في العام 1999، حيث اعتقل مشعل، وعدد من قيادات الحركة عقب عودته من طهران، وتم في هذا العام إبعاده إلى الدوحة، وإغلاق مكاتب الحركة في الأردن.

وعلمت "قدس برس" أن الأمين العام لـ "منتدى الوسطية" الأردني المهندس مروان الفاعوري، استقبل خالد مشعل على مأدبة عشاء خاصة بحضور نحو 20 شخصية وطنية بارزة، وتخلل اللقاء تبادل للرأي السياسي بحضور رئيس الوزراء الأردني الأسبق طاهر المصري، و مروان المعشر (وزير خارجية أسبق)، و عبد الرحيم العكور (وزير أسبق وقيادي إسلامي) وأخرون، فيما التقى بزيارةٍ منفصلة وزير الإعلام الأسبق راكان المجالي.

كما أن زيارات مشعل لم تقتصر على الشخصيات الأردنية، فقد التقى رئيس حماس في الخارج بالمفكر والسفير والدبلوماسي الليبي البارز الدكتور محمد الميرغني في حديث خاص استعرض التحديات التي تواجهها الأمة، كما التقى مشعل بالشيخ صادق بن عبد الله الأحمر للاطمئنان على صحته بحضور شقيقه حميد الأحمر.

واستهل الكاتب حازم قشوع مقال له بعنوان "خالد مشعل في الأردن" بالإشارة إلى أن زيارة مشعل لعمان "تحمل دلالات سياسية وتعد تحولاً استراتيجياً في العلاقة مع عمان"، وقال: "زيارة خالد مشعل للاردن زيارة تحمل دلالة سياسية، ورمزية تحول استراتيجية، وسيكون لها معاني أخرى في حال تم تأطيرها بعناوين أمنية وسياسية، من هنا تأتي دلالة زيارة خالد مشعل للأردن" وفق ما ورد في البيان

تصنيفات :
مواضيع ذات صلة
مبادرة ترامب للتهدئة في غزة: مقترح "ملغوم" يفتقر للضمانات ويكرّس الواقع القائم
يوليو 2, 2025
أثار مقترح الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن وقف إطلاق النار في غزة لمدة 60 يوماً، والذي يتضمن ترتيبات جزئية لتبادل الأسرى وتخفيف محدود للحصار، موجة من التحفظات لدى محللين فلسطينيين وعرب، رأوا فيه طرحاً غير متوازن يفتقر إلى الضمانات الحقيقية لوقف دائم للعدوان أو لتأمين الاحتياجات الإنسانية المتفاقمة في القطاع. واعتُبر المقترح، الذي يأتي قبيل
خبراء يحذرون: الاقتصاد في مناطق السلطة الفلسطينية ينهار وديون الموظفين قنبلة موقوتة
يوليو 1, 2025
"الاقتصاد الفلسطيني يواجه كارثة مالية وديونًا متراكمة تهدد بالانهيار البنيوي" – بهذه العبارة الصادمة افتتح البنك الدولي تقريره الأخير الصادر في حزيران/يونيو 2025، ليدق ناقوس الخطر بشأن الحالة الاقتصادية والمالية في مناطق السلطة الفلسطينية بالضفة الغربية المحتلة. غير أن الأزمة لم تعد في خانة التحذير، بل تحوّلت إلى واقع يومي يعيشه الفلسطينيون في الضفة الغربية،
"طوفان الأقصى".. سيناريوهات متوقعة وغير متوقعة بعد 630 يوما
يونيو 29, 2025
تُذكّرنا الحروب الكبرى دومًا بما قاله وزير الدفاع الأميركي الأسبق، روبرت مكنمارا، في وثائقي "ضباب الحرب" إن للحروب نتائج مقصودة، وأخرى غير مقصودة قد تكون أكثر تأثيرًا وخطورة . وهذا يتقاطع ويتصادى اليوم مع ما أحدثه السابع من أكتوبر في حرب غزة. فمنذ صباح طوفان السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، أصبح الشرق الأوسط يسير بتوقيت
لماذا دعا ترامب إلى إلغاء محاكمة نتنياهو؟
يونيو 28, 2025
في ظل حالة الارتباك التي يعيشها كيان الاحتلال الإسرائيلي بعد أشهر من العدوان على غزة، أثارت تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، التي طالب فيها بإلغاء محاكمة رئيس الوزراء في حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو أو منحه عفوًا، جدلًا واسعًا واعتُبرت مؤشرًا جديدًا على تعمق الأزمة داخل الاحتلال الإسرائيلي. ورأى مراقبون أن هذه التصريحات جاءت في توقيت
سوريا…ورش تدريبية للشباب الفلسطيني تحت عنوان "القيادة والتأثير"
يونيو 28, 2025
في وقت تتكاثف فيه التحديات أمام الوعي الفلسطيني الجمعي، من حملات التطبيع والتزييف والسطو على الرواية الأصلية، أطلقت مبادرة "قناديل مقدسية" سلسلة من الورش التدريبية في سوريا، تحت عنوان "القيادة والتأثير للشباب"، بهدف تمكين الجيل الفلسطيني الشاب، وخاصة في الشتات، من أدوات التعبير الرقمي والتأثير المجتمعي. إيمان بالشباب… واستثمار في المستقبل في حديثه لـ"قدس برس"،
اعلامي اردني ودبلوماسي سابق يحذر من "الاختراق الاستخباري" الإسرائيلي
يونيو 26, 2025
حذر الاعلامي الأردني والدبلوماسي السابق د. ذيب القرالة ، الدول العربية من عمليات الاختراق الاستخباري الاسرائيلي متوقعا ان تتحرش اسرائيل خلال الاشهر القادمة ( سياسيا وامنيا ) بدول عربية ، بعد ان انهت الجولة الاولى من حربها مع ايران. وأعتبر القرالة، في مقال تحليلي نشره على موقع /عمون/ الإخباري اليوم الخميس، أن الاختراق الإسرائيلي العميق