ماذا تريد السلطة الفلسطينية من "نظام الحوكمة" الجديد.. وما علاقة الاحتلال؟
سبتمبر 29, 2022 6:49 م
أصدر مجلس الوزراء في السلطة الفلسطينية نظامًا جديدًا للشركات غير الربحية يفرض فيه على المنظمات الأهلية المسجلة كشركات غير ربحية تصويب أوضاعها وفقا للنظام في غضون شهر.
تلت نشر النظام الجديد في صحيفة الوقائع الفلسطينية الرسمية، الأحد الماضي، حالة من الغضب العارم في أوساط منظمات المجتمع المدني في فلسطين، والتي ينضوي معظمها تحت وصف "الشركات غير الربحية" التي صدر بحقها القرار.
واعتبرت هذه المنظمات، التي في معظمها هي مؤسسات حقوقية، النظام الذي أُقرّ دون التشاور معها، ودون مراعاة طبيعة عملها، حلقة من حلقات التضييق لاستكمال حملة الاحتلال عليها، فيما يعرف باسم "مكافحة الإرهاب".
ولخطورة النظام، عقدت منظمات المجتمع المدني الفلسطيني، أمس الأول، الثلاثاء، اجتماعًا موسعًا لها، شارك فيه ممثلون عن شبكة المنظمات الأهلية ومجلس منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية وعدد من المنظمات الأهلية المسجلة كشركات غير ربحية، لمناقشة التداعيات.
وأكد رئيس شبكة المنظمات الأهلية، أمجد الشوا، أن المشاركين في الاجتماع "عبروا عن صدمتهم من إصدار هذا النظام دون عرضه للتشاور ودون مشاركة منظمات المجتمع المدني".
وأضاف الشوا لـ"قدس برس" أن هؤلاء "انتقدوا الإسراف في سَن السلطة الفلسطينية للتشريعات والقرارات بقانون، في غياب المجلس التشريعي، صاحب الاختصاص الأصيل بالعملية التشريعية".
وبيّن أن ذلك "يعكس التغول من قبل السلطة التنفيذية وإحكام سيطرتها على المجتمع الفلسطيني ومكوناته".
وقال الشوا: "جاء هذا النظام كأحدث حلقة من حلقات تضييق الخناق على منظمات المجتمع المدني، ومساعي الهيمنة عليه، وتدميره، تحت ذريعة مكافحة الإرهاب وغسيل الأموال، ووضعه في دائرة الشبهة بتمويل الإرهاب والفساد المالي".
واعتبر أن ذلك "يتساوق مع ادعاءات الاحتلال الزائفة بربط المنظمات الأهلية الفلسطينية بالإرهاب، الأمر الذي فشلت (إسرائيل في تسويقه) وترويجه على المستوى الدولي، حتى لأقرب حلفائها".
وشدد الشوا على "الدور الهام والفاعل لمنظمات المجتمع المدني في خدمة قضايا الشعب الفلسطيني وتعزيز صموده، وفي مواجهة انتهاكات الاحتلال"، مشيرًا إلى أن "نظام مجلس الوزراء المذكور من شأنه القضاء على الفلسفة من وجود مجتمع مدني".
وأكد أن المشاركين في الاجتماع "قرروا الشروع بحملة واسعة في مواجهة هذا النظام، والعمل على إلغائه، لأن استمرار العمل به سيكون له تأثيرات خطيرة نحو إلغاء وجود المجتمع المدني".
بدوره، رأى نائب مدير مركز الميزان لحقوق الإنسان (غير حكومي مقره غزة)، سمير زقوت، أن "الأصل أن تكون هناك حرية في تأسيس الجمعيات الحقوقية والمؤسسات الأهلية، والتي تعتبر أحد أهم الضمانات المهمة في هذا العهد".
وأشار زقوت لـ"قدس برس" إلى أن "دولة فلسطين انضمت للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية، ما يوجب عليها كدولة طرف في الاتفاقية الموافقة على حرية تأسيس المنظمات الأهلية".
وأضاف أن "تاريخ صدور النظام في رام الله (وسط الضفة) كان قبل 3 أيام من قرار جيش الاحتلال إغلاق سبع مؤسسات الفلسطينية (بتهمة الإرهاب)، وذلك يعني أنه أتى في أُتون المشكلة التي تواجه هذه المؤسسات".
تجدر الإشارة إلى أن قرار مجلس الوزراء المنشور في "الوقائع الفلسطينية" بتاريخ 25 أيلول/سبتمبر الجاري، حول نظام الشركات غير الربحية، أقرّه المجلس في 15 آب/أغسطس الماضي، وفق الجريدة ذاتها.
وفي 18 من الشهر ذاته، أغلقت قوات الاحتلال سبع مؤسسات فلسطينية حقوقية (منظمات مجتمع مدني)، بعد مداهمة مقارها في محافظة رام الله والبيرة، ونهب محتوياتها، بتهمة "مكافحة الإرهاب".
وتابع زقوت: "هذا النظام لا يراعي طبيعة عمل المؤسسات من عدة زوايا لأنه حدد أن الموازنة والمصاريف التشغيلية لا يجب أن تتجاوز 25 في المائة من إجمالي موازنة المؤسسة".
وأشار الى أنه "من الصعب على مؤسسات حقوق الانسان الالتزام بهذا المعيار، لأن كل شغلها هو خدمة المجتمع فقط، دون أن يكون لها إنتاج على الأرض".
وشدد زقوت على أن "المجتمع المدني هو جزء من المجتمع الفلسطيني، رغم كل ما يثار حوله، وذلك من أجل تعزيز صمود المواطن في وجه المحتل حتى قبل وجود السلطة عام 1994".
واعتبر نائب مدير "الميزان" أن "النظام يسعى إلى تحويل مسجل الشركات لسلطة المندوب السامي، والذي يعطيه الحق وفق القانون بتصفيتها وإغلاقها دون ذكر السبب".
وأكد أن النظام الجديد "يطلب من المؤسسات تزويد السلطة بتقارير مالية وإدارية وتحليل دوري لنشاطها كل ثلاثة أشهر"، مشيرًا إلى أن هذا "إشغال للمؤسسة التي لا تضمن النتائج التي تعمل عليها، نظرًا للبيئة التي يعيشها الشعب الفلسطيني في ظل الاحتلال والحصار والتضييق".
وكشف الحقوقي الفلسطيني أن مؤسسات المجتمع المدني "بصدد رفع مذكرة لرئيس الوزراء، للمطالبة بإلغاء القانون أو تنظيمه، بعد المناقشة فيه، بما لا يخالف القانون وبما يحقق الهدف والغاية للمجتمع الفلسطيني من وجود هذه المؤسسات على الأرض".
تصنيفات : الأخبار