"أبو عبيدة"... رمز النضال والتحرر لدى الأتراك
مع بدء العدوان البري على قطاع غزة، والذي يشنه جيش الاحتلال الإسرائيلي لليوم الثاني والثلاثين على التوالي مصحوبا بحملة هستيرية من القصف الهمجي والمدمر، وفي ظل مقاومة شرسة، كانت هناك معركة أخرى في ميدان الإعلام بين الروايتين الفلسطينية والإسرائيلية.
وبينما سخر الاحتلال وحلفاؤه المنابر الإعلامية والغربية لتشويه المقاومة بسيل من الأكاذيب والتي فُضِح زيفها، تصدر "أبو عبيدة" الناطق الرسمي باسم "كتائب القسام" لمواجهة هذه الحرب الإعلامية، وتمكّن من خلال ظهوره كسب ثقة الجماهير الإسلامية والغربية على حد سواء.
ويرى مراقبون أن الإسرائيليين أنفسهم "باتوا يصدقون الناطق باسم القسام أكثر من قادتهم، فالقول الفصل ما يقوله أبو عبيدة".
تقول "فاطمة" وهي طالبة جامعية تركية أنها ومنذ بدء معركة "طوفان الأقصى" لا تترك جوالها إلا نادرا، وتقلب المواقع الإخبارية، وتتابع باهتمام ما يجري في غزة.
وتضيف في حديثها مع مراسل "قدس برس" إنه "بعد فرحنا بما حققه الفلسطينيون في السابع من أكتوبر إلا أني بدأت أشعر بالقلق جراء المجازر والدمار الذي يرتكبه الاحتلال في غزة، وأحيانا أشعر باليأس، ولكن ما أن يظهر أبو عبيدة حتى يعود إلينا الأمل، لقد أصبح أبو عبيدة نافذة الأمل بالنسبة لنا، إنه بطل حقيقي".
ويرى الكاتب والصحفي التركي حمزة تكين في حديث مع "قدس برس" أن "تعليق صور أبي عبيدة في الشارع التركي بالتزامن مع مرور موكب وزير الخارجية التركي أنتوني بلينكن يحمل في طياته عدة رسائل من الشعب التركي".
مشيرا إلى أن "أولى هذه الرسائل أن الغالبية الساحقة من الشعب التركي هي مع المقاومة الفلسطينية وأحقيتها في الدفاع عن أرضها وحقوقها المسلوبة من قبل الاحتلال الإسرائيلي، مؤكدا أن طيفا واسعا من الشعب التركي يرى في إسرائيل قوة احتلال".
ويضيف تكين قائلا "أما الرسالة الثانية فهي لوزير الخارجية الأمريكي بلينكن، أن الشعب التركي ليس مع التوجه الأمريكي والانحياز الواضح والمشاركة في الحرب الإسرائيلية على غزة، وهناك رسالة خاصة لأبي عبيدة وهي رسالة تأييد وافتخار بما تقوم به المقاومة الفلسطينية".
واعتبر أن "هناك براعة في الحرب الإعلامية التي يقودها أبو عبيدة من خلال توقيت وأسلوب البيانات والمصطلحات التي تستخدم والنبرة التي يتكلم بها لذلك أصبح محط إعجاب الأتراك، حتى باتت الوسائل الإعلامية التركية تنشر خبرا عاجلا: بعد وقبيل كلمة لأبي عبيدة... وتنشر هذه الكلمة بترجمة فورية باللغة التركية".
بدوره اعتبر الإعلامي توران كشلاكجي، أن "الشعب التركي يقارن بين ما تقوم به المقاومة الفلسطينية التي يتحدث أبو عبيدة باسمها وبين المقاومة التركية للاحتلالين الإنكليزي والفرنسي، وأضاف المقاومة الفلسطينية تقاوم ضد الصهيونية والإمبريالية؛ ولذلك نحن الأتراك نقف مع هذه المقاومة" بحسب قوله.
ويرى أن أبا عبيدة "أصبح بطلا في عيون الأتراك" مؤكدا أنه "بات حاضرا وبقوة في الشارع التركي، ولفت إلى أن عدة نساء تركيات إحداهن زوجة مخرج تركي معروف أبدين رغبتهن في إنجاب طفل جيد من أجل تسميته بأبي عبيدة".
وأضاف: حتى العلمانيين الأتراك بدأوا بتشبيه أبي عبيدة بتشي غيفارا، قائد المقاومة الشيوعية في أمريكية اللاتينية.
مشيرا إلى أن البعض بات يلقب نفسه بـ"أبي عبيدة التركي وأبي عبيدة الكردي أو أبي عبيدة الشركسي" لافتا أن الجميع يريد أن ينسب أبا عبيدة لقوميته.
وظهر الناطق باسم "كتائب القسام" الجناح المسلح لحركة "حماس"، أبو عبيدة على الشاشة للمرة الأولى عام 2006 معلنًا نبأ أسر "كتائب القسام" للجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، ومنذ ذلك الوقت وهو الناطق الرسمي والرئيسي للكتائب.
وأكّدت مصادر قيادية في "حماس" أنّ وجه أبي عبيدة لا يعرفه سوى قليلون، ولم يسبق له الظهور على نحو علني في أيّة وسيلة إعلاميّة.