"أبو دغش".. شاب فلسطيني يتحدى الإعاقة بريشة الرسم

أصيب بمرض هشاشة العظام وخطأ طبي جعله "قعيد" كرسي متحرك منذ الـ 15 من عمره

محمود أبو دغش، شاب فلسطيني في الـ 24 من عمره، يسكن مدينة طولكرم (شمال القدس المحتلة)، أصيب بإعاقة جعلته قعيد كرسي متحرك منذ العام الخامس عشر من عمره (...)، تحدى الإعاقة بموهبة جعلت منه "رسامًا موهوبًا" مع مرور الأيام.

امتهن أبو دغش فنّ الرسم في الـ 23 من عمره؛ عندما وجد نفسه بلا عمل في مجتمع لم ينظر لشهاداته وصب جام اهتمامه على شكل محمود "المقعد"، رغم تخرجه من جامعة معترف بها رسميًا وبتقدير "ممتاز".

ويوضح أبو دغش أنه أصيب بمرض "هشاشة العظام" منذ صغر سنه، واضطر لاستخدام الكرسي المتحرك وهو في الخامسة عشرمن عمره "نتيجة خطأ طبي تعرض له خلال تلقيه العلاج".

وأضاف في حديثه لـ "قدس برس"، أنه تحدى الإعاقة وانطلق ليرسم للحياة، من خلال التعبير عما يختلج في كيانه ووجدانه، مشددًا: "أنقل برسمي معاناة شعبي، واعكس جمال الطبيعة في لوحات تروي الحكاية كاملة لكل من شاهدها، وتأمل في تفاصيلها ورسائلها".

وأشار أبو دغش أنه كان يُجيد الرسم منذ صغر سنه، "إلا أنني لم أهتم لهذه الموهبة (...)، وبدأت بممارستها منذ نحو عام بعد تخرجي وعدم العثور على عمل".

ولفت النظر إلى أنه بدأ يرسم بأقلام الرصاص والحبر، ومن ثم توجه نحو الرسم بالألوان الخشبية والزيتية، حتى استطاع أن يبدع كثيرًا في هذا المجال، وينافس أقرانه من الرسامين المحترفين منذ سنوات، وفق قوله.

وحول طبيعة رسوماته، ذكر محمود أنه عادة ما يرسم اللوحات التي تعبّر عن حال الشعب الفلسطيني في ظل ما يتعرض له من قبل الاحتلال، كما يرسم اللوحات التي تعكس الطبيعة وجمالها.

لافتًا إلى أنه يقوم كذلك برسم لوحات شخصية، بناء على طلب أصحابها، حيث يستفيد من عوائدها المادية.

وأضاف: "شاركت في معرضيْن بمدينتي نابلس وطولكرم منذ انطلاقي نحو موهبة بالرسم، وكانا دافعًا لي لمواصلة ما بدأته، خاصة بعد الإعجاب الكبير الذي لاقته رسوماتي من قبل الزائرين".

وقال الرسام أبودغش، إنه يملأ أوقات الفراغ لديه، بإبداع الجديد من لوحات الرسم، ومحاولة التغلب على الحالة الصحية الخاصة التي يعيشها، مشددًا على أن "وضعه الاستثنائي زاده إصرارًا على مواصلة رسوماته وإثبات ذاته أمام غيره من الرسامين".

وأكد الرسام الكرمي أن مرضه لم يكن حائلًا أمام مسيرته التعليمية، حيث أنهى الثانوية العامة وحصل على درجة الدبلوم في "الإدارة وأتمتة المكاتب"، بتقدير ممتاز من جامعة فلسطين التقنية "خضوري".

وتابع: "بعد تخرجي عام 2015، بدأت أبحث عن عمل في مجال تخصصي، وقدمت أوراقي لكل من استطعت الوصول إليهم من المؤسسات؛ الرسمية والخاصة، ولكن دون جدوى، ولم يوافق أحد على توظيفي".

مستدركًا باستغراب: "هل عدم قبول أي جهة توظيفي جاء بسبب حالتي الخاصة، أم لأن كل شي عندنا يحتاج إلى الواسطة؟!".

أما فيما يتعلق باهتمام الجهات المختصة بأمثاله من الموهوبين، قال الرسام الشاب إن هذا الاهتمام اقتصر على أدوات الرسم التي قُدمت له، من قبل وزارة الثقافة والمسؤولين في مدينته (طولكرم).

وفي هذا السياق، طالب أبو دغش بضرورة قيام المؤسسات المختصة بدورها في دعم مواهب وقدرات الشباب الفلسطيني، وتوفير البيئة المناسبة لتطوير إبداعاتهم وتنميتها.

ودعا لضرورة الإلتفات إلى الأشخاص ذوي الإعاقة وتوفير الوظائف لهم وفق ما نص عليه القانون، لافتًا إلى أن موهبة الرسم ستظل مصاحبة  له بحال توفرت له وظيفة عمل.

وشدد الشاب محمود على أنه وأمثاله من أصحاب ذوي الإعاقة لديهم من الطاقات والمواهب ما ينافسوا بها الأصحاء من الناس.

مستطردًا: "كثيرًا ممن أصيبوا بإعاقة لديهم طاقات وإبداعات كثيرة، وهم قادرون على إثبات أنفسهم، متحدين ظروفهم الجسدية الخاصة، وذلك بحال وجدوا من يحتضنهم ويؤمن لهم الظروف والبيئة المناسبة لتنيمة ما لديهم من قدرات".

ــــــــــــــ

من محمد منى

تحرير خلدون مظلوم

مواضيع ذات صلة
من القهوة.. لوحات فنية بريشة التشكيليّ الفلسطيني "يزن غريب"
"القهوة تأمّل وتغلغل في النفس وفي الذكريات" .. قالها يوما الشاعر الفلسطيني محمود درويش، لتجسيد روعة مذاقها وأجوائها، تماماً كشعراء...
2016-11-02 17:20:47
إسحاق النتشة.. فلسطيني يتحدى إعاقته بإبداع في النحت
لم يبرح الفلسطيني إسحق النتشة من مدينة الخليل (جنوب القدس المحتلة) ذاك المكان الذي انتقاه بعناية منذ ست سنوات، على طرف أحد الشوارع...
2016-09-26 09:34:56
اتحاد البرلمان العربي: الاحتلال يتحدى القوانين الدولية ويستخف بالعدالة الإنسانية
اعتبر الاتحاد البرلماني العربي، أن مصادقة سلطات الاحتلال الإسرائيلي على "قانون التسوية"، تشريع واضح للسرقة والسلب، وتجسيد لشريعة ا...
2017-02-18 16:17:48