احتجاجا على قطع رواتبهم.. محرّرون فلسطينيون يقضون ليلة العيد على "رصيف الحكومة"

لم يكفهم أن كان الاعتقال لدى الاحتلال الإسرائيلي سببًا في إبعادهم عن أهلهم في الكثير من المناسبات؛ أبرزها الأعياد، ليكون قرار السلطة الفلسطينية في رام الله قطع رواتبهم عاملًا جديدًا في بعدهم عن أهلهم وخلانهم في عيد الفطر لهذا العام.

الأسرى المحررون؛ اعتادت أجسادهم النوم في زنازين الاحتلال، وعانوا كثيرًا من وجع البعد وعذابات السجن وعنجهية السجان والقيود التي جعلت من حياتهم ظلامًا وعتمة ووجعًا انتهى بعضًا منه عقب تحررهم بصفقة وفاء الأحرار في نوفمبر 2011.. فكان قدر العشرات منهم أن يقضوا عيد الفطر هذا العام على رصيف أمام مقر حكومة رام الله، للمطالبة بالتراجع عن قرار قطع رواتبهم.

وصف الأسير المحرر منصور شماسنة الحال الذي وصلوا له بالقول: "نفترش الأرض ونلتحف السماء منذ أكثر من أسبوع، فبدلًا أن نكون بساعات العيد بين أبنائنا وأهلنا، ها نحن هنا، للتأكيد على حقنا الوطني والإنساني، بإعادة رواتبنا التي قطعت ظلمًا".

وشدد شماسنة في حديث لـ "قدس برس"، على أن المسؤولين في حكومة رام الله "ضربوا بعرض الحائط كل دعوات ومطالب الأسرى المحررين"، مؤكدًا: "فوجدنا أنفسنا مجبرين على مواصلة اعتصامنا على الرغم من أجواء العيد".

وأوضح: "الراتب المقطوع حق إنساني ووطني، يعتمد عليه المحررون أو عائلات من لا زالوا في سجون الاحتلال كمصدر رزق".

ودعا المحرر شماسنة؛ والذي أمضى أكثر من 16 عامًا في سجون الاحتلال، إلى تجنيب الأسرى تبعات أي خلاف سياسي، مؤكدًا أن هذا الملف "ثابت من الثوابت الفلسطينية، واستهدافه يعتبر طعنه في ظهر النضال الفلسطيني الطويل".

وبيّن أن قرار قطع الرواتب "ينعكس نفسيًا على الأسير ذاته والذي كان ينتظر من الآخرين تكريمه، لا منّة وإنما وفاء لتضحياته وتأكيدًا على حق الشعب الفلسطيني بالنضال أمام الاحتلال".

وتابع: "القرار خلق حالة نفسية سيئة لدى عائلاتنا وأطفالنا الذين سنكون عاجزين عن توفير أدنى مستويات العيش لهم تعويضًا عن سنوات طويلة عشناها بعيدًا عنهم داخل السجون".

وقالت زوجة الأسير إبراهيم شلش، إن راتب زوجها؛ اعتقل لأكثر من 20 عامًا ويمضي حكمًا بالسجن المؤبد في سجون الاحتلال، "قطع دون مبرر، ولم نجد إجابة لدى الجهات المعنية حول هذا القرار".

وأفادت شلش خلال حديث مع "قدس برس"، بأن معاناة عائلات الأسرى الذين قُطعت رواتبهم وما زالوا في السجون "مضاعفة" في ظل غيابهم وعدم قدرتهم على إيجاد مصدر رزق بديل لعائلاتهم.

وتابعت: "نجد أنفسنا عاجزين عن الاستجابة لتساؤلات وطلبات أطفالنا، التي تزداد مع حلول العيد، حيث دفعنا قطع الراتب للاستدانة للقيام بكل المتطلبات، الأمر الذي يزيد العبء علينا".

ودعت السلطة الفلسطينية للتراجع عن قرار قطع الرواتب، وعدم الإذعان للضغوط الخارجية، وطالبت بأهمية مشاركة الكل الفلسطيني في الاعتصام أمام حكومة رام الله، للضغط بشكل قوي على السلطة للتراجع الفوري عن القرار.

بدوره، أشار الأسير المحرر عبد الله أبو شلبك، إلى أن المحررين مستمرين باعتصامهم على الرغم من حلول عيد الفطر، تأكيدًا على حقهم وتنديدًا بقرار قطع رواتبهم.

وأوضح المحرّر أبو شلبك، أنهم تعرضوا لضغوطات مؤخرًا من قبل جهات أمنية فلسطينية لإزالة خيمة الاعتصام، بحجة اقتراب العيد، وعدم وجود مسؤولين خلال هذه الفترة لمقابلتهم.

وأضاف خلال حديث مع "قدس برس"، أن القوة الأمنية طالبتهم بإزالة الخيمة بدعوى أنها تعكس مظهرًا غير مألوف في مكان حيوي وبه مقرات رسمية، مؤكدًا رفض الطلب واستمرار الاعتصام حتى نيل الحقوق.

ودعا المحرر أبو شلبك، والذي شمله قرار السلطة بقطع رواتب أسرى ومحررين من سجون الاحتلال، إلى ضرورة تفعيل الدور الشعبي والفصائلي معهم، والمشاركة في الفعاليات أمام خيمة الاعتصام.

وأكد القيادي في حركة "حماس"، شاكر عمارة، أن قرار قطع الرواتب "جائر واعتداء سافر على حق من حقوق الأسرى والمحررين، وجريمة بحق عائلاتهم".

وأردف عمارة في حديث لـ "قدس برس"، بأن القرار "جريمة انسانية وسياسية وطعنة في كل التضحيات التي قدمها الأسرى والمحررين من أجل هذا الوطن وكرامة هذا الشعب".

ودعا إلى التراجع عن هذا القرار الذي "يحرم حياة الأسرى والمحررين وعائلاتهم من العيش بكرامة، خاصة مع حلول العيد".

وشدد القيادي في "حماس"، على أن "الشعب الذي يقبل أن يعيش أسراه، بعد كل التضحيات، متسولًا على الأبواب، شعب لا يستحق الحياة"، على حد تعبيره.

وكان الأسرى المحررون، قد بدأوا منذ الأحد الماضي، اعتصامًا احتجاجيًا للمطالبة بنيل حقوقهم، والتراجع عن القرار الذي قالوا إنه "يتنكر لنضالات الأسرى الذين أمضوا زهرات شبابهم في سجون الاحتلال".

وأكد المعتصمون أنهم "سلّموا رسائل للحكومة طالبوها بتحمّل مسؤولياتها، أمام ملف الأسرى داخل سجون الاحتلال وخارجها، غير أنهم لم يتلقّوا أي رد حتى اللحظة، كما لم يخرج للقائهم أي ممثل عن الحكومة".

وشددوا على أن "الرواتب تعتبر حق إنساني وأخلاقي للمحررين ولعائلات الأسرى، وتعبير عن الوفاء لمعانات استمرت سنوات طويلة في سبيل القضية الوطنية الفلسطينية".

وأقدمت السلطة الفلسطينية مؤخرًا على قطع رواتب 277 محررًا؛ جلهم من الأسرى الذين أفرج عنهم في صفقة التبادل الأخيرة "وفاء الأحرار"، تشرين ثاني/ نوفمبر عام 2011.

وأكدت هيئة شؤون الأسرى والمحررين (رسمية)، إقدام وزارة المالية التابعة للسلطة الفلسطينية في رام الله على قطع رواتب عشرات المحررين من معتقلات الاحتلال الإسرائيلي.

وأوضح الناطق باسم الهيئة، حسن عبد ربه، في حديث سابق لـ "قدس برس"، أن توقيف أو قطع رواتب قرابة 270 أسيرًا فلسطينيًا محررًا، هو إجراء مرتبط بوزارة المالية والحكومة، "ولا علاقة لهيئة الأسرى بالموضوع"، وفق قوله.

يذكر أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، والعديد من وزراء حكومته صرحوا أكثر من مرة بأنه يتوجب وقف رواتب ما وصفهم بـ "المخربين" (الأسرى والشهداء)، داعين السلطة الفلسطينية للتوقف عن دفع هذه الرواتب.

وكان البرلمان الإسرائيلي الـ "كنيست"، قد صادق مؤخرا، بالقراءة الأولى، على مشروع قانون اقتطاع الأموال المخصصة لعائلات الشهداء والأسرى الفلسطينيين من المستحقات الضريبية للسلطة.

وينّص على أن تقوم السلطات الإسرائيلية باقتطاع مبلغ مليار شيكل (285 مليون دولار أمريكي) من عائدات الضرائب التي تقوم بجمعها نيابة عن السلطة الفلسطينية، وذلك بهدف منع الأخيرة من تحويلها لعائلات الشهداء والأسرى والجرحى.

مواضيع ذات صلة
رام الله .. أسرى محررون يواصلون إضرابهم احتجاجا على قطع السلطة رواتبهم
أكد أسرى محرّرون من المعتقلات الإسرائيلية، على مواصلتهم الإضراب المفتوح عن الطعام، احتجاجا على مواصلة السلطة الفلسطينية قطع رواتبه...
2017-08-05 11:05:35
أسرى محرّرون يطالبون عباس بصرف رواتبهم المقطوعة
طالب أسرى فلسطينيون محرّرون من سجون الاحتلال الإسرائيلي، رئيس السلطة محمود عباس، بإعادة صرف رواتبهم المقطوعة منذ سنوات بقرار من وز...
2015-12-26 12:51:58
رام الله.. أسرى محرّرون يعتصمون ضد قطع السلطة الفلسطينية لرواتبهم
يواصل أسرى محرّرون من معتقلات وسجون الاحتلال الإسرائيلي، اعتصامهم أمام مقر حكومة التوافق الوطني في مدينة رام الله (شمال القدس المح...
2017-06-22 14:32:09