ماذا وراء "إعلان النوايا" بين الأردن والاحتلال؟ وهل تتم الصفقة؟

ما زال الحديث حول "إعلان نوايا" لتوقيع اتفاق لتبادل المياه والطاقة بين الأردن والاحتلال الإسرائيلي، يلقى صدى واسعًا في الشارع الأردني، بينما تتواصل الاحتجاجات الشعبية المنددة به.

ويؤكد مختصون وجود العديد من البدائل المحلية لتوفير المياه، بدلاً من اللجوء إلى الاحتلال، وعقد مزيد من الاتفاقات التطبيعية معه، وهو ما يثير التساؤل حول السبب الحقيقي الذي يقف وراء عقد الاتفاق الذي يحظى برعاية أمريكية وتمويل إماراتي، ويقضي بتزويد "تل أبيب" عمّان بالمياه، مقابل أن تزودها الأخيرة بالكهرباء.

وتدور تساؤلات أخرى في الشارع الأردني، حول إمكانية أن يمتنع الأردن عن توقيع الاتفاق، وهل ينجح الضغط الشعبي في إجبارها على ذلك؟ أم أن ثمة ضغوط تمارسها واشنطن على عمّان؛ هي أقوى من الجميع؟

وكان وزير المياه الأسبق، منذر حدادين، قال في تصريحات لقناة "المملكة" الأردنية مؤخراً، إن الحديث عن فقر الأردن مائياً هو كلام "فارغ".

وقال إن هناك طبقة من الصخر الرملي تحت كافة أنحاء المملكة، وتمتد للسعودية والعراق وسوريا وفلسطين، وهذه الطبقة مشبعة بالمياه، وعلى أعماق مختلفة، والديسي يضخ مياه من هذه الطبقة، وهي تكفي الأردن لـ500 سنة قادمة.

سر مبهم

ورأى مؤسس مركز حماية وحرية الصحفيين، الكاتب الأردني نضال منصور، أنه "لا أحد يعلم السر الحقيقي وراء صفقة المياه والطاقة، حيث إنه لا تتوفر معلومات عن ذلك".

وأضاف لـ"قدس برس" أن ما يثير الفضول أكثر، هو أن "إعلان النوايا" جاء "في ظل الحديث عن بدء الحكومة الأردنية بتنفيذ مشروع تحلية المياه من خليج العقبة العام القادم، والذي يوفر 300 مليون متر مكعب من المياه خلال خمس سنوات".

وتساءل منصور: "هل إعلان النوايا استبدال حكومي لمشروعها الوطني؟".

وتابع: "الحكومة مطالبة بإجابة الناس والمجتمع حول ذلك، خصوصاً أنها تتحدث بشكل متكرر حول أن إسرائيل تشكل تهديدًا للمصالح الوطنية الأردنية".

وأوضح منصور أن "خبر إعلان النوايا وقع كالصاعقة في الأردن، فالتطبيع مع إسرائيل ما زال برأي المجتمع خيانة، رغم مرور أكثر من 27 عامًا على اتفاقية السلام بين البلدين".

وقال: "للأسف؛ تُمعن الحكومات المتعاقبة في إدارة خدودها لصفعات جديدة وعدم التعلم، مع أنها عايشت كل التفاصيل لتعطيل إسرائيل للمشروع الإقليمي لناقل البحرين".

وأضاف: "إذا كان في قدرة الحكومة إنشاء محطة لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية لمصلحة إسرائيل؛ فلماذا لا يكون هذا المشروع وطنياً محلياً، يوفر كهرباء رخيصة ونظيفة في نفس الوقت للشعب الأردني، والفائض يستخدم بمشاريع الربط الكهربائي".

هل ثمة ضغوط أمريكية؟

ويتحدث مراقبون عن وجود ضغوط أمريكية على الأردن من أجل توقيع الاتفاق، الذي تم في معرض إكسبو 2020 بدبي في الإمارات، وحضره المبعوث الأميركي للمناخ، جون كيري، وأُعلن عنه رسمياً في 22 تشرين الثاني/نوفمبر الفائت.

ويرى مدير مركز الدراسات الإستراتيجية في الجامعة الأردنية الأسبق، موسى شتيوي أنه "إذا كانت هناك ضغوطات أمريكية؛ فهي محدودة"، معللاً ذلك بأن الأمريكيين يدركون الأمور الداخلية، ولا أتوقع أن يصل الأمر بهم إلى درجة لي الذراع".

وقال لـ"قدس برس" إن "لدى الدولة الأردنية القدرة على إيصال الصورة لشركائها، وقد صمد الأردن سابقاً أمام ضغوطات عديدة، والعلاقة الأردنية الأمريكية ليست علاقة إجبار، والتفاهم دائما هو الذي يطغى بين الطرفين".

ولفت شتيوي إلى أن "تمرير الصفقة ليس بالأمر السهل، خصوصًا بعد ردة الفعل الشعبية والنقابية الحاصلة"، مرجحاً أن تكون هناك "مراجعة دقيقة جداً" للموقف من قبل الحكومة الأردنية، خصوصاً أن إعلان النوايا "غير ملزم، ولا بد من البحث عن بدائل أخرى".

إعلان نوايا أم اتفاق منتهٍ؟

من جهته؛ أكد المحلل السياسي منذر الحوارات أن "الاتفاقية ليست مجرد إعلان نوايا كما تقول الحكومة الأردنية، فهي قيد دراسات الجدوى الآن، ومعنى ذلك أنها تكاد تصبح أمراً واقعاً".

وأضاف لـ"قدس برس": "مع كل هذا؛ فإن الاتفاقية لم تعرض على الرأي العام الأردني، ولا على مجلس النواب، وهذا يعني تهميش دور ممثلي الشعب".

وقال الحوارات إن "العجيب أن الحكومة سهلت لكثير من أعضاء البرلمان أن يصبحوا نواباً، ولكن ليس لديها الثقة بهم في مثل هذا الملف، مما أشعَرَ المواطن الأردني بالخيبة والإحباط، وهو ما سينعكس في مواقفه مستقبلاً".

وأعاد التأكيد على أن "الاتفاقية مرّت، ولا يمكن لأمريكا أن تقف على رؤوس الأشهاد وتوقع عقداً مع ثلاث دول وتتراجع، وليس باستطاعة الأردن والإمارات القول لأمريكا (لا)، فالمشروع نفذ في ظل تغييب الرأي العام، المنهك اقتصاديًا واجتماعيًا ونفسيًا".

وأقر الحوارات بمعاناة الأردن من نقص المياه، مشدداً في الوقت نفسه على أن "حل هذه المشكلة بطريقة التشبيك مع الكيان مرفوض مطلقاً".

ولفت إلى أن "الأردن أصبح مرتبطاً مع الاحتلال باتفاقيات غاز، ومياه، وطاقة، وتنسيق أمني، وتحالف في الحرب على الإرهاب"، مضيفاً أن "معنى ذلك؛ هو أن الدولة الأردنية أصبحت في كثير من علاقاتها الاستراتيجية مرهونة للاحتلال، الذي يجب ألا يحمل صفة (دولة) كونه احتلالياً، ويخالف الشرعية الدولية".

وتجدر الإشارة إلى أن الأردن مرتبط بـ"اتفاقية سلام" مع الاحتلال منذ عام 1994، فيما عرف باتفاقية "وادي عربة" (صحراء أردنية محاذية لفلسطين)، والتي نصت على إنهاء حالة العداء بين الطرفين، وتطبيق أحكام ميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي بشأن العلاقات بين الدول.

مواضيع ذات صلة
مخيم اليرموك.. ماذا عن وعود العودة.. وهل انتهت ظاهرة "التعفيش"؟
لا تزال الحكومة السورية، منذ ما يزيد عن عامين، تماطل بإعادة أهالي مخيم اليرموك، الواقع جنوب دمشق، إلى منازلهم. وأعلنت محافظة دمشق...
2021-01-29 16:11:33
ماذا وراء اتفاقيات "التبادل التجاري" الجديدة بين الأردن والسلطة؟
اختلفت وجهات نظر المراقبين حول الأهداف الحقيقية التي تقف وراء توقيع السلطة الفلسطينية والمملكة الأردنية تسع اتفاقيات ومذكرات تفاهم...
2021-12-13 10:31:04
الأردن .. وقفة احتجاجية أمام مجلس النواب رفضاً لـ "إعلان النوايا" مع الاحتلال
شارك عشرات الأردنيين، اليوم الأربعاء، في وقفة أمام مجلس النواب، احتجاجًا على اتفاقية "الماء مقابل الكهرباء" مع الاحتلال الإسرائيلي...
2021-12-08 12:18:24