"فشل أميركي ممتد".. ما دلالات تصويت 153 دولة على وقف "حرب غزة"؟
مع دخول العدوان الذي يشنه الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة شهره الثالث، برزت مواقف العديد من الدول (منها التي كانت مؤيدة لحكومة الاحتلال في عدوانها)، لتنتقل إلى الحديث بجدية عن وجوب وقف فوري لإطلاق النار في غزة.
ومما كان لافتا في جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة الثلاثاء، توجه دول مثل: كندا وأستراليا واليابان وكوريا الجنوبية، للتصويت لصالح "مشروع قرار" دعا إلى وقف إطلاق النار في غزة، بعد أن امتنعت هذه الدول عن التصويت لمشروع قرار مماثل في السابع والعشرين من تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
الكاتب والمحلل السياسي الأردني حازم عياد، اعتبر أن تصويت 153 دولة في الجمعية العامة للأمم المتحدة، من أصل 193، على قرار يتضمن وقفا فوريا للحرب على غزة، يدل على تراجع مكانة الولايات المتحدة في المنظمات الدولية المؤثرة والفاعلة.
وقال عياد لـ"قدس برس"، اليوم الخميس، إن "الولايات المتحدة بدأت تفشل في حشد الدول الحليفة والصديقة من أجل دعم الاحتلال، بعدما أجهض (فيتو) أميركي قرارا في مجلس الأمن الجمعة الماضية، يدعو لوقف إطلاق النار في غزة".
وأضاف أن "ما حصل في الأمم المتحدة، كان امتدادا للفشل الأميركي في مجلس الأمن".
وأوضح عياد، أن "هناك تراجعا في مركزية الولايات المتحدة ومركزها الأخلاقي، بحيث لم تعد قادرة على خشد الحلفاء في دعمها داخل المؤسسات الدولية".
وبالتوازي مع ذلك، دخل الاحتلال الإسرائيلي، في عزلة دولية من جانب الدول الداعمة له، بحسب عياد الذي أكد أن "حجة الاحتلال في أنه تعرض لعمل (إرهابي) في السابع من تشرين الأول/أكتوبر انقلبت عليه".
ووفقا لعياد، فإن "الدول الداعمة للاحتلال تخلت عن دعمها المطلق، ولم تعد تكثر من الحديث عن تعاطفها مع الاحتلال، وإنما أصبحت تتحدث أخيرا عن وقف إطلاق النار في غزة".
كما تشعر حكومة الاحتلال، بالتهديد من احتمال تصاعد الاحتجاجات ضدها في أميركا، وأن يتصاعد الصراع الداخلي في الولايات المتحدة وأوروبا، حول دعم الحرب على قطاع غزة، على ما ذكر عياد.
ويرى عياد، أن "مناورات بايدن السياسية الداخلية، ومحاولات طرح حلول سياسية، أو الضغط على نتنياهو لوضع حد للحرب، تأتي نتيجة للضغوط الداخلية التي يتعرض لها".
وأشار عياد، إلى أن "حكومة الاحتلال تشعر بالقلق من حدوث تحول ومزيد من الضغوط في المرحلة المقبلة".
وتشهد سردية الاحتلال الإسرائيلي تراجعا ملحوظا، ولم تعد تلقي قبولا عند الدول وشعوب المنطقة، "ما قد يشكل تبعات وتأثير على مكانة الاحتلال مستقبلا"، يضيف عياد.
ويعتقد عياد، أن "صورة الاحتلال على أنه دولة تقدمية لم تعد مقبولة في العالم"، وسادت صورة "الدولة النازية التي تمارس الإبادة الجماعية في غزة"، الأمر الذي يصعب من ترميم تلك الصورة مسقبلا.
ومن شأن ذلك، أن "يضع الكثير من الحواجز والعقبات، أمام الدول قبل التعامل مع الاحتلال، وأن يشعرها ذلك أيضا، بالحرج من استمرار التعاطي مع حكومة الاحتلال"، وفقا لعياد.
وأردف عياد، أن "نجاح حملات المقاطعة، يحمل في طياته أن دول العالم ستصبح أكثر حذرا في التعاطي مع الاحتلال، حتى لا تعرض مصالحها في المستقبل لأي ضرر".
وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة، طالبت الثلاثاء، بوقف فوري للحرب على غزة، لأسباب إنسانية، بتأييد من ثلاثة أرباع أعضاء الجمعية المؤلفة من 193 عضوا.
وأيدت 153 دولة في الأمم المتحدة قرار وقف إطلاق النار، فيما عارضته 10 دول بينها الاحتلال والولايات المتحدة، كما امتنعت 23 دولة عن التصويت.
ولا تكون القرارات الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة ملزمة، على عكس مجلس الأمن الذي تكون قراراته ملزمة لجميع أعضاء الأمم المتحدة، وعليها الامتثال لها بموجب ميثاق الأمم المتحدة.
ولا تملك الولايات المتحدة، حق النقض (الفيتو) في الجمعية العامة للأمم المتحدة، مثلما استخدمته في مجلس الأمن الدولي الجمعة الماضية، ما أدى إلى إجهاض تمرير مشروع قرار يطالب بوقف إطلاق النار في غزة.
ويشن جيش الاحتلال الإسرائيلي، منذ 7 تشرين أول/أكتوبر الماضي، حربا مدمرة على غزة، خلّفت حتى اليوم الخميس، 18 ألفا و787 شهيدا إلى جانب 50 ألفا 897 جريحا، معظمهم أطفال ونساء، ودمارا هائلا في البنية التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة، بحسب مصادر فلسطينية وأممية.
