متطوعون يعيدون تشغيل عيادة السلام في غزة رغم الدمار

في الوقت الذي خرجت فيه معظم مشافي قطاع غزة ومراكز الرعاية الأولية عن الخدمة بسبب العدوان المستمر على القطاع، إلا أنه بقي مركز واحد في مدينة غزة وشمالها يقدم الخدمة لآلاف المرضى من الفئات كافة بجهود عدد من المتطوعين.
ومع بداية العدوان على غزة في السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، ورغم توجه وزارة الصحة الفلسطينية بإغلاق هذه المراكز للحفاظ على حياة العاملين فيها بسبب كثافة العدوان، تداعى عدد من المتطوعين من أجل عدم إغلاق عيادة السلام الصحية في حي الصبرة جنوب قطاع غزة، بجهود لجنة الطوارئ في الحي التي أصرت على عدم إغلاقه ورفدت العيادة بالمتطوعين الأكفاء.
وقال هاني الغول مدير عيادة السلام لـ"قدس برس"، إنه "مع بداية العدوان وجدنا أنفسنا أمام تحد كبير، وكان هناك إصرار كبير على فتح العيادة وعدم ترك المرضى يواجهون مصيرهم لوحدهم رغم كل المخاطر والتحديات التي واجهتنا نظرا لأن المركز يقدم الخدمة لمنطقة جغرافية كبيرة بعد توقف العيادات كافة التي يبلغ عددها 14 عيادة عن العمل بفعل العدوان وخروجها عن الخدمة بشكل كامل".
وأضاف: "لم يبقى من موظفي المركز الـ25 سوى 3 موظفين بعد نزوح أغلبهم إلى الجنوب واستشهاد أحد العاملين وقصف بنايات عدة بجوار العيادة، لكن لجنة الطوارئ ردفتنا بـ32 متطوعا ومتطوعة لتغطية مكان زملائهم، من بينهم 4 أطباء و10 ممرضين و5 صيادلة 13 من الإداريين والخدمات".
وأوضح الغول أن العيادة ورغم صغر مساحتها فإنها تقدم الخدمة الطبية لنحو 700 مصاب يوميا، مشيرا إلى أنها قدمت الخدمة منذ بدء العدوان لـ17 ألف مريض ومصاب.
وأكد أن العيادة تقدم العديد من الخدمات للمرضى والمصابين من بينها خدمات تطعيم الأطفال، ومتابعة الحوامل، وعلاج المرضى، وتقديم الإسعافات الأولية للمصابين جراء العدوان، والأمراض المزمنة والتنفس الاصطناعي، مشيرا إلى أنها تقدم العلاج مجانا للمرضى.
وقال: "لم نتوقف لو ليوم واحد منذ بدء العدوان رغم التوغل البري الذي كان يقترب من العيادة بعد اجتياح قوات الاحتلال لحي الصبرة قبل شهر".
وأضاف: "كان هناك إصرار كبير على فتح العيادة وعدم إغلاقها تحت أي ظرف من الظروف، وتعاهد جميع العاملين فيها بمواصلة العمل وتقديم الخدمات الطبية للمرضى بالفئات كافة لا سيما الأطفال وأصحاب الأمراض المزمنة والنفسية كذلك".
واستعرض الغول في حديثه كيف تغلبوا على العقبات التي واجهتهم بعد نفاد الوقود والمستهلكات الطبية والعلاجات، مشيرا إلى أنه تم التنسيق مع وزارة الصحة، ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" وبعض الشركات الخاصة لفتح مستودعاتها لها من أجل استمرار العمل.
وقال: "رغم أن عمر مبنى العيادة يزيد عن 50 عاما، وبه تشققات في الجدران والشبابيك والأبواب وأصبح غير آمن وآيل للسقوط بسبب قدمه وقصف المنازل المحيطة به إلا أن الجميع كان لديه اصرار كبير على العمل لأنه لا يوجد أي مركز آخر يقدم الخدمة للمرضى، وأخذنا عهدا على أنفسنا أن لا نترك الناس للمرض".
واستعرض مدير التمريض في العيادة إياد أبو دلل أهم التحديات التي واجهتهم خلال العمل على مدار أكثر من شهرين، لا سيما نقص الأدوية والمستلزمات الطبية والازدحام الكبير.
وقال أبو دلال لـ"قدس برس" إن "أكبر تحد واجههم هو نزوح أغلب الموظفين في العيادة إلى الجنوب واستشهاد الموظف ياسر الشامي وبقاء 3 موظفين فقط".
وأضاف: "كما أن تعرض حي الصبرة إلى التوغل كان من أصعب المواقف التي مرت علينا حيث أن عددا من الموظفين والمرضى كانوا لا يستطيعون الوصول إلى العيادة".
وأكد أنه بعد توغل قوات الاحتلال في المناطق الشرقية لغزة ونزوح عشرات الآلاف إلى المنطقة التي توجد بها العيادة تضاعف عدد المراجعين مرات عدة، ما شكل عبئا على الطواقم العاملة.
ولليوم السادس والسبعين على التوالي، يواصل الاحتلال الإسرائيلي بمساندة أميركية وأوروبية عدوانه على قطاع غزة، حيث تقصف طائراته محيط المستشفيات والبنايات والأبراج ومنازل المدنيين الفلسطينيين وتدمرها فوق رؤوس ساكنيها، ويمنع دخول الماء والغذاء والدواء والوقود،.
وأدى عدوان الاحتلال لارتفاع حصيلة الشهداء إلى 20 ألفا، إلى جانب أكثر من 52 ألف إصابة، فيما أسفر عن دمار هائل في البنية التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة، بحسب مصادر فلسطينية وأممية.