تقرير: أسيران محرران يرويان لـ"قدس برس" فظاعات بحق الأسرى في سجون الاحتلال

لأول مرة منذ العاشر من أكتوبر الماضي، وهو اليوم الذي اعتقل فيه الأسير المحرر رأفت البرغوثي، يتمكن من تغيير ملابسه وارتداء أخرى جديدة، في حين يتعرض الأسرى داخل سجون الاحتلال لتعذيب ممنهج، لا يستثن الصغار والكبار والمرضى.
ويقول البرغوثي لـ"قدس برس": "هذا أبسط مثال على حال الغالبية العظمى من الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، سحبوا كل الملابس وبالتالي عشت نحو 120 يوماً بالملابس ذاتها، ولا مجال لغسلها لأنه لا يوجد بديل".
وأضاف بأن أغلب الأسرى اضطروا إلى البقاء بالملابس ذاتها خلال هذه الفترة حتى يوم الإفراج، ولم يمْنَحُوا أيَّ نوع من مواد التنظيف، أو أي أدوات للحفاظ على النظافة الشخصية، بما فيها أدوات الحلاقة.
البرغوثي تحدث عن عشرات الانتهاكات التي تمارسها إدارة سجون الاحتلال بحق الأسرى، وهي تصرفات لا إنسانية وغير آدمية، "ومن لم يعش التجربة لا يمكن أن يصدق ما مررنا به، لكن هذا واقع مرير وسادية وانتقام بطريقة مرعبة. لقد اعتقلت سابقا مرات كثيرة، لكن ما عشته في هذا الاعتقال الأخير مختلف تماماً ولا يشبه أي تجربة سابقة".
أما المحرر نور القاضي من مدينة البيرة، فتحدث عن عمليات تعذيب جماعية بحق الأسرى، لا تستثني أحدا مثل الأسرى كبار السن أو المرضى، والسجانون يتعمدون إهانة الكبار والمرضى.
وأضاف القاضي "كأسير سابق لدي ملف لدى إدارة سجون الاحتلال يشير إلى أنني أعاني من مشاكل في القلب، لكن هذه نقطة بدلا من أن تكون عاملا للتخفيف عني، استغلها عناصر وحدة "الكتير" المتخصصة في قمع الأسرى لمضاعفة معاناتي، والتركيز عليّ في الضرب والتعذيب.
ويقول "تعرضت للضرب المبرح أكثر من خمس مرات، واصعبها عندما تم وضعي في العزل الانفرادي، حيث استفرد بي أربع عناصر مدججين بالسلاح، ما أدى إلى إصابتي جرّاء ذلك بكسور بالأضلاع في الصدر والظهر، بالإضافة إلى رضوض قوية في كافة أنحاء جسدي، عدا عن إصابتي بجروح عميقة في الرأس".
وبحسب شهادة القاضي، فإنّ وحدات (الكيتر) التي كانت ترافقها الكلاب البوليسية، كانت تتعمد ضرب الأسرى على الرأس والصدر، هذا إلى جانب تعرضه للتفتيش العاري والضرب المبرّح، خلال عمليات النقل المتكررة التي جرت من قسم إلى قسم داخل سجن النقب.
وفي إحدى عمليات النقل، تعرّض جميع أسرى القسم، وعددهم 99 أسيراً، لعمليات ضرب مبرّح، وكان الأسير القاضي آخرهم، وعلى مدار فترة النقل والضرب، كان يسمع صراخهم.
وعلى مدار أكثر من 100 يوم، تعرّض القاضي لجريمة طبيّة، فلم يتلقّ أي علاج خاص به خلال تلك الفترة. بقول "عندما كنت اطلب من السجان المسؤول عن قسمنا ادويتي كان يرد على طلبي بجملة "اشرب مية"، وعندما حاول مسؤول الغرفة التي كنت بها وهو أسير يجيد اللغة العبرية الحديث معهم بشأني، ردوا عليه بعنف شديد وتهديد بضربه إن عاود الحديث في موضوعي، وقال له أحدهم بلغة عربية ركيكة "إن شاء الله بتموتوا كلكم".
وإلى جانب حالة الاكتظاظ الشديدة، يضطر أغلب الأسرى إلى النوم على الأرض، وما هو متوافر بطانيات خفيفة جدًا، في ظل الأجواء الباردة جدًا في سجن النقب، خصوصاً بعد أن أقدمت إدارة السّجون على إزالة الشبابيك داخل الزنازين.
وفي تعليق له، قال قدورة فارس رئيس هيئة شؤون الأسرى لـ"قدس برس" إن شهادة الاسيرين المحررين البرغوثي والقاضي تعكس مستوى التوحش والإجرام الذي تنُفّذ بحقّ الأسرى في سجن النقب الصحراوي وبقية السجون، والتي طاولت الآلاف.
وتابع "لكن سجن النقب بات شاهدًا على جرائم كثيفة غير مسبوقة، ولم يُستثنَ أحد منها، بمن فيهم المرضى وكبار السّن"، مشيرا إلى أنّ سجن النقب يعتبر من السّجون المركزية التي يقبع فيها الآلاف من المعتقلين والأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال.