في ظل حرب الإبادة ضدهم... كيف يدفن الغزيون شهداءهم؟

في غزة إن كنت تمتلك حديقة في منزلك فأنت محظوظ... ستكون قادرا على دفن أمواتك
قبيل بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، بنحو شهر، أعلنت وزارة الأوقاف هناك عن إغلاق عدد من المقابر لامتلائها، مثل مقبرتي "الشيخ رضوان" شمال غرب مدينة غزة، و"المعمداني" وسط المدينة، وبعد ذلك القرار بنحو شهر آخر، بدأ القطاع في مواجهة تحد إنساني وبيئي وأخلاقي، نادر في تاريخ العالم. أين سندفن مئات الشهداء الذين تقتلهم إسرائيل يوميا؟ في مجتمع يعتبر أن إكرام الميت في سرعة دفن جثمانه.
 
تقدر وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، عدد الوفيات الطبيعية هناك، بأكثر من 6 آلاف حالة سنويا، ارتفع هذا الرقم خلال الأشهر الستة الماضية وحدها لنحو 34 ألف حالة وفاة بسبب حرب الإبادة، عدا عن الوفيات الطبيعية، مما خلق تحديا فريدا من نوعه، خصوصا في مجتمع يعطي جثامين الموتى قدسية ومكانة خاصتين.
 
استحدث الفلسطينيون في قطاع غزة عدداً كبير من المقابر المؤقتة لدفن شهدائهم وموتاهم، بعد أن أمست معظم المقابر الرسمية، والتي توجد جلها في أطراف المدن خارج الخدمة بفعل وقوعها تحت سيطرة قوات الاحتلال.
 
وتبرع عدد من الغزيين بقطع أراض لكي يقوم سكان كل منطقة بدفن شهدائهم وموتاهم فيها، وفي غالبها تضم قبورا جماعية؛ نظرا للعدد الكبير من الشهداء، حيث تتم عمليات الدفن على جناح السرعة وبحضور الحد الأدنى من العوائل، خوفا من القصف الإسرائيلي.
 
ويقول المواطن الغزي أنور سليم لـ"قدس برس" إنه "بعد استشهاد أخي محمد، والبدء في تجاوز الصدمة، اكتشفنا أننا نواجه مشكلة كبيرة في دفن جثمانه، في وقت كانت الدبابات الإسرائيلية تتوغل في الحي الذي نقطنه؛ فاضطررنا لدفنه في حديقة المنزل".
 
وأضاف "نحن لدينا حديقة دفنا أخي فيها؛ ولكن من ليس لديه حديقة أين ممكن أن يدفن شهداءه وأحبابه؟".
 
 وأشار سليم، إلى أنه يوجد في المنطقة التي يقطن بها عدة مقابر اُسْتُحْدِثَت لعدم مقدرة الوصول إلى مقبرة "الشهداء" شرقي مدينة غزة التي توجَد بها دبابات الاحتلال.
 
أما الغزي يحيى أحمد من "حي الصبرة" فظل جثمان والده ملقى على الأرض عدة ساعات، قبل أن يتمكن من الوصول إليه، ونقله على عربة يجرها حيوان إلى مقبرة "البطش" في "حي التفاح" لدفنه هناك بعد أن تمت الصلاة عليه في مكان استشهاده.
 
وتنقسم حالات الاستشهاد إلى عدة أقسام، الأول من تتمكن سيارات الإسعاف من انتشالهم وإيصالهم إلى المشافي حيث يوجد هناك متطوعون يكفنون الشهداء وتجهيزهم للدفن، والقسم الثاني الذين يُدْفَنُون دون الذهاب بهم إلى المشفى، وذلك بعد انتشالهم من تحت الأنقاض مباشرة، والقسم الثالث الذين يدفنون مكان استشهادهم لا سيما الذين قضوا في المشافي خلال حصارها. أما القسم الرابع فهم الشهداء الذين لا يزالون تحت أنقاض منازلهم التي دمرها الاحتلال، وفرق الدفاع المدني عاجزة عن انتشالهم لعدم وجود معدات مناسبة لذلك، حيث سجلتهم وزارة الصحة الفلسطينية في عداد المفقودين.
 
وقال أشرف القدرة الناطق باسم وزارة الصحة الفلسطينية بغزة، أن وزارته أطلقت رابطا على موقعها الإلكتروني لتسجيل كل حالات الوفاة التي دُفِنَت دون عرضها على الوزارة لحصرها واستخراج شهادات وفاة لهم.
 
وقدر، في حديث مع "قدس برس" هذه الحالات بالآلاف "وما زالت عملية الحصر مستمرة لمعرفة العدد بالضبط وتصنيفه".
 
أما بيوت العزاء في الشهداء والمتوفين فلا عزاء لها، حيث غابت تماما، في ظل دفن الغزيين موتاهم الذين قضوا بصمت، بصمت آخر، بالكاد يحصل الموتى هناك على "صلاة الميت"، في ظل استهداف طائرات الاحتلال ومسيراته أي تجمع للغزيين.
 
وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، اليوم الثلاثاء، ارتفاع حصيلة الشهداء في غزة إلى 34183 وغالبيتهم من الأطفال والنساء، منذ بدء عدوان الاحتلال الإسرائيلي على القطاع، في السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
 
وأضافت الوزارة في بيانها اليومي، أن "حصيلة الإصابات ارتفعت إلى 77143، في حين لا يزال آلاف الضحايا تحت الأنقاض، وفي الطرقات، إذ يمنع الاحتلال وصول طواقم الإسعاف والدفاع المدني إليهم".
 
وسوم :
تصنيفات :
مواضيع ذات صلة
الكشف عن مخطط إسرائيلي لتحويل رفح لمدينة غير صالحة للحياة
ديسمبر 12, 2024
قال رئيس بلدية رفح، أحمد الصوفي، اليوم الخميس، إن التقارير الواردة من داخل المدينة تنم عن وجود مخطط إسرائيلي لتدميرها بالكامل وجعلها غير صالحة للحياة. وأوضح الصوفي في بيان، أن "القوات الإسرائيلية التي توغلت داخل رفح منذ أيار/ مايو الماضي نفذت عمليات هدم وتجريف ونسف للمباني السكنية والمرافق الخدماتية وشبكات البنية التحتية في كافة أحياء
الصحة بغزة: الاحتلال ارتكب 3 مجازر خلال 24 ساعة أدت لارتقاء 30 شهيدا
ديسمبر 12, 2024
أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية بغزة أن الاحتلال الإسرائيلي ارتكب ثلاث مجازر ضد العائلات في قطاع غزة، وصل منها للمستشفيات 30 شهيدا، و 99 إصابة خلال الـ24 ساعة الماضية. وقالت الوزارة في تصريح صحفي، تلقته "قدس برس" اليوم الخميس، إنه "لا يزال عددا من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات، لا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم".
العاهل الأردني يطالب بمضاعفة المساعدات الإنسانية لقطاع غزة
ديسمبر 12, 2024
حذر العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، اليوم الخميس، من التصعيد الخطير في الضفة الغربية، بما في ذلك اعتداءات المستوطنين المتطرفين على الفلسطينيين، والانتهاكات للمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس. وشدد الملك الأردني، خلال اتصال هاتفي تلقاه من المستشار الألماني أولاف شولتس، على ضرورة تكثيف الجهود الدولية لوقف الحرب الإسرائيلية على غزة. وطالب بمضاعفة المساعدات الإنسانية
مستوطنون يعلقون لافتات في الضفة الغربية تدعو الفلسطينيين إلى الرحيل
ديسمبر 12, 2024
كشفت وسائل إعلام عبرية، أن مجموعات استيطانية أقدمت في الأيام الأخيرة على تعليق لوحات إعلانية على العديد من الطرق الرئيسية في الضفة الغربية المحتلة، تدعو إلى تهجير الفلسطينيبن. وكُتب على اللافتات باللغة العربية "لا مستقبل في فلسطين"، وفي الخلفية صورة لتهجير سكان غزة. ووفق صحيفة /يسرائيل هيوم/ العبرية الصادرة اليوم الخميس، أوضحت مجموعة "الكفاح من
قوات الاحتلال تعتقل 40 فلسطينيا من الضفة الغربية
ديسمبر 12, 2024
شنت قوات الاحتلال الإسرائيليّ منذ مساء أمس، وحتّى صباح اليوم الخميس، حملة اعتقالات واسعة طالت (40) مواطنًا فلسطينيا على الأقل من الضّفة، بينهم أسرى سابقون. وقالت "هيئة شؤون الأسرى والمحررين" (تابعة للسلطة)، و"نادي الأسير الفلسطيني" (حقوقي مقره رام الله) في بيان مشترك، تلقته "قدس برس"، اليوم الخميس، إن "عمليات الاعتقال تركزت في محافظة الخليل، فيما
"العودة": التغيير السياسي في سوريا يبعث الأمل بالعدالة والاستقرار للاجئين الفلسطينيين هناك
ديسمبر 12, 2024
رحب مركز "العودة الفلسطيني" (مستقل مقره لندن)، بما وصفه بـ "التغيير السياسي الكبير الذي شهدته سوريا مؤخرا مع نهاية حكم بشار الأسد"، واعتبره "تطور يحمل أملا متجددا للاجئين الفلسطينيين المقيمين هناك منذ النكبة" عام 1948.   وأوضح "العودة" في بيان له، تلقته "قدس برس" اليوم الخميس، أنه "منذ عام 2011 (اندلاع الثورة السورية) كان اللاجئون