جامعات أميركا ترسم خطا جديدا في تاريخ القضية الفلسطينية

اعتقلت الشرطة الأميركية، نحو 1200 طالب جامعي في الولايات المتحدة، على خلفية مشاركتهم في اعتصامات مناهضة للاحتلال الإسرائيلي وتطالب بوقف التعامل معه نتيجة حرب الإبادة التي يرتكبها الاحتلال ضد المدنيين في غزة.
ووصف الرئيس الأميركي جو بايدن هذه الحراكات بأنها "معادية للسامية"، وهو ما يعكس مدى التماهي ما بين أكثر الحكومات الاسرائيلية تطرفا، ورئيس وعد أن حجر الزاوية في رئاسته ستكون دعم حقوق الإنسان، إلا انه في الحقيقة يدعم حرب الإبادة في غزة.
ويرى الخبير في الشأن الأمريكي خالد الترعاني أن "الادارة الامريكية لا تتدخل في الحراك الطلابي وهي لا تعتبرها قضية مركزية، ولا تستطيع أن تمارس اي نوع من السلطة على هذه الحراكات وإنما هي قضية تتبع للمدينة أو الولاية أو الجامعة نفسها".
واستبعد الترعاني في حديثه لـ"قدس برس" قدرة السلطات الأمريكية "تحجيم حراك طلاب الجامعات الامريكية بالوسائل التقليدية عبر الشرطة والاعتقال والقمع أو الفصل، فالشواهد التاريخية تثبت ذلك".
إلا أن الترعاني لفت إلى أن "ما قد يحجم هذا الحراك هو انه خلال اسبوع إلى ثلاثة أسابيع، ستنتهي الدراسة في معظم الجامعات، وسيعود الطلاب إلى مدنهم وقراهم، وبالتالي سينتهي هذا الحراك بشكل طبيعي".
وأشار الترعاني إلى أن "الذي تخشاه الإدارة الامريكية من هذا الحراك كونه يعبر بشكل عملي ومرئي عن حالة الانفصام ما بين إدارة الرئيس جو بايدن من جهة والحزب الديمقرطي من جهة ثانية وكوادر الحزب الديمقراطي والشريحة من المجتمع الأمريكي التي تؤيد الحزب الديمقراطي تاريخيا".
وتطرق الترعاني إلى الاستطلاع الذي أجرته "غالوب" بول قبل نحو شهر، والذي أظهر "زيادة في مناوأة الاحتلال الاسرائيلي من قبل كوادر الحزب الديمقراطي بنسبة 18%، وما بات يمثل 75% ممن استطلعت آراؤهم. بعد انهيار السردية الاسرائيلية القائمة على فكرة التميز، وذلك بسبب الجرائم التي يرتكبها الاحتلال".
وأكد الترعاني ان "التغيرات المجتمعية تاريخيا كانت تقف خلفها الاتحادات العمالية وبدرجة أكبر طلاب الجامعات، الذين قادوا حركت اثرت على القرارات السياسية".
واعتبر الترعاني أننا "أمام نقطة مفصلية في تاريخ الشعب الفلسطيني من اجل الحرية والتحرير، على اعتبار أن المفصلية في هذا الحدث هو أن الغرب يرى انقلابا كاملا في توجهات ابناؤه في ما يخص قضية استثنائية اسرائيل الامنية والعسكرية والاستخباراتية والتي انهارت تماما، والتي جعلت رئيس عصبة الاتحاد اليهودي يعتبر أن إسرائيل أمام خطر وجودي".
من جانبه أكد الخبير في الشأن الأمريكي نادر الغول، أن "خيارات الطلبة واضحة وصريحة، فهم يطالبون الجامعات بعدم التعاطي مع الشركات التي تدعم الاحتلال وبالتالي حرب الإبادة على غزة".
وأضاف أنه "على افتراض ان الطلبة والجامعات ممكن ان يصلوا إلى حلول وسط مرضية للطرفين، وأي نتيجة هي انتصار للطلبة. فإن الإشكالية ان الموضوع لم يعد بين الطلبة والجامعات بعد التدخلات السافرة من قبل قوات الامن والشرطة الاميركية كما حصل في نيويورك ولوس انجلوس".
وأشار إلى "عدم رضى الشباب الأمريكي عن تعاطي الإدارة الاميركية مع حرب الإبادة الحاصلة في قطاع غزة. في استطلاعات أجريت بداية العام قالت إن 20 في المئة من الشباب تفضل التصويت لحزب ثالث، بعيدا عن الحزب الديموقراطي وحتى الجمهوري في فئة شباب الجامعات اللذين لا يحظيان بتأييد هذه الفئة إجمالا".
واعتبر الغول، أن "الانتخابات الرئاسية نهاية العام ستكون واحدة من اهم الانتخابات. وشدد على ضرورة عدم تجاهل مؤتمر الحزب الديمقراطي الذي سيعقد في مدينة شيكاغو قلب الجالية الفلسطينية في اميركا ان جاز التعبير، وعليه ربما نشهد مؤتمر مختلف وربما فوضى".
ووصف الغول حراك الجامعات الأمريكية بأنه "يمثل اكبر خسائر دولة الاحتلال أكاديميا. لافتا ان ما يحصل الآن هو مستمر منذ فترة ولكن حرب الإبادة والتطهير العرقي في غزة سرعت وتيرة التحولات في اميركا على المستوى الشعبي".
وشدد على "ضرورة البناء على هذه التراكمات والتغييرات من أجل حصول تحول حقيقي في السياسة الأميركية".