جنوب نابلس.. عندما يتحول المستوطنون لجنود مدججين بالسلاح
قال المزارع الفلسطيني راجي عبد الرحيم (44 عاما) إن الجندي الإسرائيلي الذي كان يرتدي الزي العسكري الكامل، وأطلق النار قبل عدة أيام تجاه المزارعين ورعاة الأغنام في جنوب مدينة نابلس، هو ذاته المستوطن الذي تعارك معهم، وتمكنوا من طرده قبلها بساعات قليلة.
تأتي هذه الرواية، لتتوافق مع شهادات قدمها رعاة ومزارعون بأن مستوطنين إسرائيليين نفذوا، خلال الفترة السابقة، اعتداءات واسعة وهم يرتدون لباس جيش الاحتلال الإسرائيلي الرسمي، ما أسفر عن استشهاد وإصابة عدد من الفلسطينيين.
ويقول عبد الرحيم لـ"قدس برس": "نحن أمام ظاهرة جديدة. المستوطنون الذين يتحولون لجنود في دقائق. فهم في حال لم يتمكنوا من تنفيذ اعتداءاتهم بعد صدنا لهم، يبتعدون قليلا ويختفون عن الأنظار، لكنهم لا يلبثوا أن يعودوا وهم يرتدون الزي العسكري الذي يرتديه جنود الاحتلال الإسرائيلي ومدججين بالسلاح ويبدأون بإطلاق الرصاص تجاهنا، ما يوقع في صفوفنا شهداء ومصابين".
ويدلل المزارع عبد الرحيم على صدق كلامه بما جرى مع الشهيد فاخر بني جابر (40 عاما) من بلدة عقربا جنوب نابلس، الذي كان يرعى أبقاره وأغنامه في أرضه الزراعية، عندما اقترب منه أربعة جنود، واعتدوا عليه، وعندما حاول الدفاع عن نفسه قتلوه، ليتبين لاحقا أنهم لم يكونوا سوى مستوطنين يرتدون الزّي العسكري الذي يرتديه جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وكشفت الحادثة التي وقعت الثلاثاء 19 مارس/ آذار الماضي، عن تعاون وثيق ما بين جيش الاحتلال الإسرائيلي ومجموعات المستوطنين، الذين يحاولون بشتى السبل إفراغ المناطق الرعوية والزراعية من التواجد الفلسطيني، ولو وصل الأمر لقتلهم، كما جرى مع بني جابر.
ويتساءل الناشط في مقاومة الاستيطان عواد مرعي عن كيفية حصول المستوطنين على سلاح رسمي كالذي يحمله جنود الاحتلال، قائلا "هناك احتمال كبير أن الجيش متواطئ تماما مع المستوطنين، ويسمحون لهم بارتداء زيّهم العسكري وحمل سلاحهم وتنفيذ جرائمهم ومن ثم خلع هذا اللباس والعودة لهيئتهم المعتادة".
وأضاف "في الآونة الأخيرة تزايد اعداد المستوطنين الذي يخدمون في جيش الاحتلال، وبالتالي هذا اللباس والسلاح يمكن أن يتوفر مع أي جندي، لكنه لا يرتديه إلا خلال دوامه الرسمي، غير أن المستوطنين يلجئون إليه عندما يفشلوا في الاعتداء على المزارعين وهم بهيئتهم العادية، فيذهبون إلى المستوطنة ويرتدون الزي ويحملون السلاح ويعودون ليرتكبوا أفعالهم الدنيئة، في مواجهة مزارعين عُزل".
ويشدد مرعي على أن المستوطنين باتوا يجوبون كل الريف الفلسطيني وخاصة مناطق جنوب نابلس وهم مسلحون، وحتى الرعاة منهم الذين يعيشون في البؤر الاستيطانية الرعوية ويعملون في رعي الأبقار والأغنام يحملون السلاح، وعندما يتم الاقتراب منهم يشهرون السلاح في وجوه الفلسطينيين.
بدوره، أكد رئيس مجلس قروي دوما سليمان دوابشة لـ"قدس برس" أن اعتداءات المستوطنين تجري بحماية جنود جيش الاحتلال الذين عادة لا يفارقون المنطقة، حيث تجوب دورياتهم السهول والجبال على مدار الساعة، لكنهم في لحظة تنفيذ المستوطنين لهجومهم يختفون تماماً، مضيفاً: "عندما نتصل على الارتباط الإسرائيلي أو الشرطة الإسرائيلية يتلكؤون في القدوم، وكأنهم يعطون المستوطنين فرصتهم لتنفيذ جريمتهم والانسحاب".
ويتابع أنه "في كثير من الحالات يواجه أهالي المنطقة قطعان المستوطنين، لكنهم يعودون بحماية الجيش الذي يطلق الرصاص وقنابل الغاز، ويعتقل عدداً من الفلسطينيين، وكأنه ينتقم للمستوطنين".
لكن ما هو أخطر من ذلك، بحسب دوابشة أن المستوطنين ذاتهم يعودون وهم يرتدون لباس جيش الاحتلال ويحملون قطعاً عسكرية تشبه تماماً التي يحملها الجندي الإسرائيلي ويقتلون الرعاة والمزارعين.