على درب والده.. آدم فراج يزف شهيدا في يوم زفاف شقيقته

لن يستطيع الشاب المقاتل المطارد آدم فراج، أن يتجرد من إنسانيته ويتغيب عن حفل زفاف شق روحه –شقيقته–، ليتحول حفل الزفاف إلى زفافه نحو جنات الخلود، بعد أن ارتقى شهيدا على أيدي قوات خاصة لم تجد من طريقة للظفر به إلا محاصرة قاعة الفرح التي كان يوجد فيها.
فراج الشاب العشريني، أحد المطاردين المطلوبين لقوات الاحتلال، عاش طفولته وترعرع في مخيم بلاطة إلى الشرق من مدينة نابلس، سائرا على درب والده الشهيد صلاح فراج الذي اغتالته قوات الاحتلال في شباط/فبراير من عام 2002 حيث كان آنذاك طفلا لم يعي إلا شيئا واحدا، أنه سيبقى الوفي لدماء والده.
اليوم، وبعد 22 عامًا على استشهاد الأب، يلتقي بهِ ولده بنفس الطريقة، رافضًا الاستسلام والتسليم، حيث اقتحم الجيش صالة عُرس شقيقة آدم، ليصعد آدم إلى سطح تلك الصالة بكل سُرعته، ويستلَّ سلاحه ويقاتل حتى تحوَّل العُرس إلى عُرسِه.
وحتى الرمق الأخير وكما وثقت كاميرات الصحفيين، فإن قوات الاحتلال صعدت إلى صالة القاعة بعد أن أصابت رصاصات قاتلة جسد الشهيد آدم وارتقى مدرجا بدمائه، لتصل قوة مدججة بالسلاح إليه، يعتريها الخوف والرعب، ومدعومة بطائرات تصوير، و تجره على الأرض في مشهد يدلل على انعدام إنسانية ذلك العدو الذي يحاول أن يسجل انتصارا باعتقاله جثة شهيد.
وأعلن الحداد في مخيم بلاطة كما كل مدينة نابلس في الضفة الغربي، ونعت المآذن الشهيد، وفتح بيت الأجر للشهيد في المخيم ليوم واحد، على عكس العادة، كون جثمان الشهيد ما زال محتجزا لدى قوات الاحتلال ولا يعلم إذا ما كان سيكون مصيره مصير المئات من جثامين الشهداء المحتجزة.
عائلة الشهيد فراج أكدت لـ"قدس برس"، أن "قوات الاحتلال باغتيالها لنجلها تعبر عن حجم العقلية الإجرامية التي يتمتع بها قادة العدو من خلال محاصرة قاعة أفراح تعج بالمئات من المدعوين".
وشددت العائلة على أن "اغتيال نجلها يدلل على الجبن والهزيمة التي تعتري جنود الاحتلال الذين استغلوا وجود نجلهم في حفل زفاف شقيقته لتقوم قوات الاحتلال بتصفيته بعد أن عجزت خلال الأشهر الماضية من الظفر به خلال اجتياحاتها المتكررة للمخيم".
وتابعت العائلة: "قدمنا قبل أكثر من 22 عاما ابننا صلاح شهيدا واليوم نقدم نجله، فدماء أبنائنا ليست أغلى من دماء أبناء غزة والضفة الغربية، وسوف نستمر على طريق الجهاد والتضحية ما دام هناك عدو يتربص بنا".
واستشهد مساء الاثنين، فلسطينيان برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال اقتحامها مخيم بلاطة إلى الشرق من مدينة نابلس في الضفة الغربية المحتلة.
وبحسب وزارة الصحة الفلسطينية (تابعة للسلطة)، فإن الهيئة العامة للشؤون المدنية أبلغت باستشهاد آدم صلاح الدين منصور فراج (23 عاما)، كما وصل إلى مستشفى رفيديا الحكومي الشهيد معتز خالد صادق نابلسي (28 عاما)، و6 إصابات بجروح متفاوتة.
وفي وقت سابق من اليوم، اقتحمت قوات الاحتلال شرق مدينة نابلس من محاور عدة، وانتشرت في منطقة الضاحية، وشارع القدس، ومحيط مخيم بلاطة، واعتلى قناصتها أسطح المنازل، ودارت مواجهات بين قوات الاحتلال وشبان فلسطينيين أطلق خلالها الاحتلال الرصاص الحي، وقنابل الغاز السام والصوت.
ويصعد جيش الاحتلال من اعتداءاته على الفلسطينيين في الضفة الغربية، بالتزامن مع العدوان الذي يشنه على قطاع غزة، منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، حيث يعتقل الرجال والنساء والأطفال، ويضيّق الخناق على الفلسطينيين في أعمالهم، إلى جانب استهداف من يخرجون باحتجاجات ضد العدوان على غزة بالرصاص الحي، ما أسفر عن ارتقاء مئات الشهداء.
وبالتزامن مع ذلك، يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، عدوانه على قطاع غزة، بمساندة أمريكية وأوروبية، حيث تقصف طائراته محيط المستشفيات والبنايات والأبراج ومنازل المدنيين الفلسطينيين وتدمرها فوق رؤوس ساكنيها، ويمنع دخول الماء والغذاء والدواء والوقود.
وأدى العدوان المستمر للاحتلال على غزة، إلى ارتقاء 36 ألفا و479 شهيدا، وإصابة 82 ألفا و777 آخرين، إلى جانب نزوح نحو 1.7 مليون شخص من سكان القطاع، بحسب بيانات منظمة الأمم المتحدة.