معاناة أسرى غزة.. تعذيب جسدي وظروف قاهرة أودت بحياة العشرات منهم
نقلت صحيفة/ هآرتس/ العبرية عن مصدر في جيش الاحتلال قوله: أن 48 أسيرا من غزة ارتقوا شهداء، ممن تم اعتقالهم منذ بدء معركة "طوفان الأقصى" في الـ7 من تشرين الأول/أكتوبر الماضي ، جراء ظروف تتعلق بتعامل الجيش معهم.
وتشير الصحيفة إلى أن 36 من هؤلاء الأسرى الشهداء، ارتقوا داخل مركز "سدي تيمان" الذي أقامه الجيش لأسرى القطاع في صحراء النقب.
في حين واجه 12 أسيرا ظروفا قاهرة أدت لاستشهادهم، منها إرهاق الأسرى والضغط النفسي والتعذيب الجسدي أثناء فترة احتجازهم بمراكز الاعتقال، داخل غزة قبل نقلهم للسجون الإسرائيلية.
وفي سياق متصل أشار بيان لمكتب الإعلام الحكومي بغزة، إلى أن حالات الاعتقال من غزة وصلت لنحو 5 آلاف معتقل منذ بدء الحرب الإسرائيلية على القطاع، ولا يعرف مصير الكثيرون منهم، أو ظروف احتجازهم.
رحلة الاعتقال
منذ أن بدأ جيش الاحتلال عدوانه على القطاع، وتحديدا بداية الاجتياح البري للقطاع في الـ27 من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، قسم الجيش قطاع غزة إلى مربعات أمنية، وصلت لـ2300 مربع، بهدف إحكام السيطرة على مداخل ومخارج المنطقة التي ينوي الجيش التوغل إليها ولتسهيل حصارها.
وفرض الجيش حصارا على الأحياء التي قام بالتوغل إليها، مستعينا بسلاح الجو والمسيرات التي تقوم بدورها بإغلاق أي منافذ لهروب المواطنين من خلال إطلاق النار المباشر على كل جسم متحرك.
وما أن تبدأ عملية التوغل لقلب الأحياء السكنية، يقوم الجيش بنصب حواجز متنقلة تعرف باسم "الحلابات"، من خلالها يطلب الجيش من كل المواطنين المرور عبرها بعد أن يطلب منهم المشي "شبه عراة"، ليقوم بعدها بانتقاء الشباب على وجه الخصوص لاستجوابهم والتحقيق معهم.
مراكز الاعتقال داخل القطاع
وعلى جانبي حواجز الاحتلال يشرع الجيش بإنشاء معسكرات اعتقال مؤقتة، وهي عادة ما تكون ساحة مدرسة أو مستشفى أو ساحة لكرة القدم، من خلالها يقوم بتصنيف الأسرى إلى ذكور وإناث، حيث يقوم بإهانة الأسرى وإذلالهم أمام ذويهم.
ويمارس الجيش حربا نفسية ضد المعتقلين، حيث يعزلهم بشكل تام عن محيطهم الخارجي، ويستخدمهم كدروع بشرية عبر وضعهم في الخط الأمامي لأرتاله العسكرية في محاولة لثني المقاومة عن استهدافهم.
كما يجبرهم على البقاء في وضعية "القرفصاء" لساعات طويلة، بعد أن يكبل أيديهم ويعصب أعينهم، دون اكتراث بعجز الكثير من الأسرى على الصمود في هذه الظروف خصوصا المرضى والجرحى وكبار السن.
معسكر "سدي تيمان"
خصص الجيش معسكر "سدي تيمان" سيء السمعة لاحتجاز أسرى القطاع، ويقع المعسكر على بعد كيلو مترات معدودة من جنوب شرق القطاع على أطراف صحراء النقب.
ووفقا لشهادات أسرى تم الإفراج عنهم من معسكر "سدي تيمان" التقى بهم "قدس برس" فإن معسكر "سدي تيمان" يقع بالقرب من تجمع لآليات الجيش، وبالتالي تسمع أصوات الدبابات والآليات العسكرية طوال اليوم، ما يضع الأسرى في وضعية اليقظة طوال اليوم بسبب الأصوات المرتفعة لتحرك الآليات بجانبهم.
ويشير الأسير أبو مصطفى (43 عاما) لـ"قدس برس" "اعتقلني الاحتلال على حاجز من أمام مستشفى ناصر في مدينة خان يونس في منتصف يناير/ كانون الثاني 2024، واستمر احتجازي داخل المستشفى لثلاث أسابيع، بعدها تم نقلنا لسجن "سدي تيمان" لمدة شهر ونصف".
وأضاف "تعرضنا لأبشع أنواع التعذيب الجسدي والنفسي في معسكر "سدي تيمان"، فالمعسكر مصمم على شكل حاويات ضخمة من الحديد، وبالتالي كنا نعاني من طقس لا يطاق؛ ففي النهار حرارة مرتفعة، وليلا ينقلب الجو لبرد قارس، حتى أن كثيرا من الأسرى فقدوا حياتهم لعدم قدرتهم على تحمل هذا الطقس".
وتابع في أول أسبوعين داخل المعسكر كان يتم استجوابنا لما يزيد عن 5 مرات في اليوم، في محاولة لإرهاقنا جسديا ونفسيا، حتى أنهم أجبروا المعتقلين على الإدلاء باعترافات غير صحيحة والتوقيع عليها.
والهدف من وراء ذلك وفقا للأسير أبو مصطفى، تغيير تصنيف الأسرى من أسير مدني إلى أسير أمني، وما يترتب على ذلك من حرمان الأسرى من كثير من الحقوق كزيارة المحامين أو الحصول على الحقوق الآدمية التي يقرها القانون لأسرى الحرب المدنيين.
ويواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، عدوانه على قطاع غزة، بمساندة أمريكية وأوروبية، حيث تقصف طائراته محيط المستشفيات والبنايات والأبراج ومنازل المدنيين الفلسطينيين وتدمرها فوق رؤوس ساكنيها، ويمنع دخول الماء والغذاء والدواء والوقود.
وأدى العدوان المستمر للاحتلال على غزة، إلى ارتقاء 37 ألفا و 84 شهيدا، وإصابة 84 ألفا و 494 آخرين، إلى جانب نزوح نحو 1.7 مليون شخص من سكان القطاع، بحسب بيانات منظمة الأمم المتحدة