هل اقتربت "الحرب الشاملة" بين المقاومة في لبنان و الاحتلال الإسرائيلي؟
تشهد المواجهات المتواصلة بين المقاومة في لبنان و الاحتلال الاسرائيلي، مستويات من التصعيد، تتغير من يوم إلى آخر.
وفي وقت فشلت فيه مساعي تهدئة الجبهة في تحقيق النتائج المرجوة، أكد قادة المقاومة في لبنان أنه "لا يمكن لشيء أن يؤدي إلى إيقاف جبهة لبنان إلا وقف العدوان على غزة بشروط المقاومة".
وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، الثلاثاء الماضي، الموافقة على خطط عملياتية لهجوم في لبنان، وجاء هذا الإعلان بعد تحذير وزير الخارجية في حكومة الاحتلال، يسرائيل كاتس، الذي قال إن "(إسرائيل) قد تقضي على حزب الله وتوجّه ضربات قوية للبنان في حال اندلاع حرب شاملة".
وفي هذا السياق، قال الخبير الإستراتيجي اللبناني، علي دربج، إنّ بعضاً ممّن يسمّون أنفسهم بـ "الإعلاميين" أو "المحلّلين" باتوا يروّجون لفكرة الحرب أكثر من الاحتلال نفسه، معتبراً أن "كل ذلك يصبّ في خانة الأقاويل والتكهّنات والتأويلات البعيدة عن الواقع".
وأضاف دربج، في تصريح خاص لـ"قدس برس"، اليوم الأحد، أن "الاحتلال لا يزال غارقاً في وحل رفح، ولا قدرة لديه على خوض جبهة إضافية متمثّلة بجبهة لبنان، وخاصةً أنه بات مُنكاً في ظل المعارك التي يخوضها مع المقاومة الفلسطينية منذ تسعة أشهر حتى يومنا هذا".
وأشار إلى أن"مسألة توفُّر الذخائِر المطلوبة لمواصلة الحرب ليست على ما يُرام لدى جيش الاحتلال الصهيوني، وخاصةً بعد التصريحات الأخيرة التي هاجم فيها رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الإدارة الأميركية عقب تأخيرها تسليم شحنة الذخائر للكيان".
ولفت دربج إلى أن "المستوى الأمني والعسكري والسياسي في الكيان الصهيوني يدركون تماماً مدى وقدرة إمكانات المقاومة الإسلامية في لبنان، في حال الخوض في معركة شاملة مع لبنان، وبالتالي هم يدركون جيداً أن لبنان ليس غزة المحاصرة منذ عقود، فالمقاومة في لبنان تراكم قدراتها منذ أكثر من 25 عاماً على عدة مستويات".
وأشار الخبير الإستراتيجي إلى أن "حزب الله تعمّد في الآونة الأخيرة إظهار بعض قدراته، وخصوصاً الدفاع الجوّي، في رسالة إلى قادة الكيان الصهيوني بأن طائراته لن تعمل بأريحية في الأجواء اللبنانية، هذا الى جانب إظهار قوّة استخباراتية هائلة في تتبّع وجود الجنود الصهاينة، وما جاءت به طائرة الهدهد بات يشكّل حالة ردع أساسيّة للكيان".
وأضاف أنه "لا بُد من أن يدرك الجميع بأن الاحتلال ليس حُـرّاً في تحركاته العسكرية، وأن إستمرار الحرب على قطاع غزة هي بقرار أميركي، والإدارة الأميركية غير معنيّة بإيقاف الحرب هناك، وبالتالي فإن قرار الحرب مع لبنان هو أيضاً قرار أميركي بحتّ، والتصريحات التي أدلى بها الرئيس الأميركي جو بايدن حول نية الإدارة الأميركية وقف إطلاق النار ما هي إلا تصريحات مخادعة خدع بها العالم بأسره".
وأشار إلى أن "إهتمام الإدارة الأميركية في الوقت الحالي هو أكبر ممّا يجري في فلسطين، وإدارة بايدن على وجه الخصوص اهتمامها مُنصبّ على أوكرانيا تحديداً، وهو ما عكسه حجم المساعدات العسكرية المقدمة من الولايات المتحدة الأميركية إلى أوكرانيا مقارنةً بحجم المساعدات التي قُدمت للكيان الصهيوني".
ولفت إلى أن "الإدارة الأميركية تسعى من خلال الدعم المكثف والهائل لحجم المساعدات العسكرية والمالية المقدمة لأوكرانيا إلى كسر روسيا واخضاعها، وبالتالي الإدارة الأميركية في الوقت الراهن لا تريد افتعال أزمة جديدة تفوق تداعياتها وتأثيرها العالمي على الوجود الأميركي في المنطقة".
وأضاف أن "أي أزمة جديدة من شأنها (صرف نظر) الإدارة الأميركية عن مواجهة روسيا والصين، وبالتالي فإن الولايات المتحدة الأميركية لا تريد أن يشغلها أي شيء عن هاتين القضيتين".
وأكد على أنه "لا يوجد حتى الآن أي ضوء أخضر أميركي للكيان الصهيوني بشن حرب شاملة على لبنان، وخاصةً أن الولايات المتحدة الأميركية على مقربة من بدء الانتخابات، وبالتالي فإن إدارة بايدن لا تريد افتعال أزمة جديدة من شأنها أن تزيد من الضغط الشعبي عليها، وخاصة أن فئة الشباب هناك تضغط من أجل وقف إطلاق النار في قطاع غزة بأقرب وقت".
هذا ويشهد جنوب لبنان منذ الـ8 من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، تبادلا شبه يومي لإطلاق النيران، بين "حزب الله" اللبناني، بالتعاون مع "كتائب القسام - لبنان" الجناح العسكري لحركة "حماس"، و"سرايا القدس" الجناح العسكري لحركة "الجهاد الإسلامي"، و"قوات الفجر" الجناح العسكري لـ "الجماعة الإسلامية" في لبنان (الإخوان المسلمين)، ضد جيش الاحتلال الإسرائيلي، ردا على عدوان الأخير على قطاع غزة.
ويواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ 260 يوما، عدوانه على قطاع غزة، بمساندة أمريكية وأوروبية، حيث تقصف طائراته محيط المستشفيات والبنايات والأبراج ومنازل المدنيين الفلسطينيين وتدمرها فوق رؤوس ساكنيها، ويمنع دخول الماء والغذاء والدواء والوقود.
وأدى العدوان المستمر للاحتلال على غزة، إلى ارتقاء 37 ألفا و598 شهيدا، وإصابة 86 ألفا و32 آخرين، إلى جانب نزوح نحو 1.7 مليون شخص من سكان القطاع، بحسب بيانات منظمة الأمم المتحدة.