سوء التغذية وإرهاق النزوح.. معاناة تواجهها النساء الحوامل في غزة
![](https://qudspress.com/wp-content/uploads/2024/07/GettyImages-1013781696-1697439182.webp)
فقدت هبة (29 عاما) جنينها في شهره الثالث، بعد أن نزحت قسرا للمرة الخامسة تحت زخات الرصاص، بعد أن اقتربت منها آليات الاحتلال أثناء توغلها الأخير في منطقة "المتنزه الإقليمي" شمال مدينة رفح جنوبي قطاع غزة الخميس الماضي.
هبة، واحدة من اللواتي أصابهن الإجهاض المبكر في أشهر الحمل الأولى، نتيجة الإرهاق الذي لحق بها جراء النزوح والتنقل المستمر من منطقة إلى أخرى، والذي وصل في بعض العائلات للنزوح العاشر منذ بداية الحرب "الإسرائيلية" على القطاع في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023.
وتقدر منظمة الصحة العالمية، أن عدد النساء الحوامل في غزة يزيد عن 57 ألف امرأة حامل، يجدن صعوبة في الحفاظ على حملهن، وبالتالي تعرض أجنتهن أو حياتهن أو كلاهما لخطر الموت في ظل افتقارهن لأدنى مقومات المتابعة الدورية للحمل.
ووفقا لوثيقة صادرة عن المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية اطلعت عليها "قدس برس"، فإن "أُمان اثنتان تموتان كل ساعة في قطاع غزة"، ناهيك عن مئات حالات الإجهاض والولادات المبكرة التي سجلتها مشافي القطاع بعضها تم في ظروف صعبة دون أدنى مقومات الرعاية الأولية المتبعة في هذه الحالات.
وبحسب الوثيقة، فإن المخاوف تتعدى مسألة حياة الأمهات عند الولادة، ففي ظل تسجيل عشرين ألف مولود، يعاني غالبيتهم من سوء التغذية، جراء افتقار الأسواق للعديد من السلع الغذائية الواجب على الأم تناولها في فترة الرضاعة.
كما تفتقر أسواق غزة لوجود الحليب الصناعي الذي ينصح به للتعويض عن حليب الأم، وما يتم اللجوء إليه من بدائل في القطاع كحليب "الأونروا"، "لا يصلح للأطفال الرضع ويسبب عند تناوله أعراضا صحية سيئة للغاية"، وفقا لشهادات الأمهات.
كما تواجه نساء القطاع تحديا في توفر منتجات "الفوط الصحية" والمياه النظيفة، إذ يشير ذات التقرير عن منظمة الصحة العالمية إلى أن 700 ألف امرأة وفتاة في غزة يواجهن تحديات في توفير مستلزمات النظافة الشخصية بسبب شحها في الأسواق.
وتبدو الصورة أكثر سوءا في مخيمات النزوح، وتحديدا فيما يتعلق بتوفر المرافق الصحية، فمثلا تشير بعض الأرقام الصادرة عن منظمات أممية، إلى أن عدد مستخدمي دورة المياه يزيد عن 700 نازح لكل دورة مياه.
تشير أحد القابلات العاملات بمشفى العودة وسط القطاع لـ"قدس برس"، إلى إن "مشفى العودة ذو الإمكانات المتواضعة مسؤول عن متابعة عشرين ألف حالة حمل في جنوب القطاع، وهذا العدد يتم التعامل معه من خلال خمسة أطباء فقط، لذلك يتم تحديد الأولويات بمتابعة النساء اللواتي اقترب موعد ولادتهن، أما المتابعة الدورية للحوامل في الأشهر الأولى يتم متابعتهن من خلال عيادات وكالة الغوث".
وتقول القابلة، إن "التحديات التي نواجهها تتمثل في عدم توفر المستهلكات الطبية لتغطية العدد الكبير من عمليات الولادة التي تتم بشكل (قيصري) وليست ولادة طبيعية، كما كان متبعا في السابق بسبب عدم توفر أسرة بشكل كاف تغطي كامل القسم".
كما نلاحظ وفقا للقابلة في حديثها لـ"قدس برس"، "ارتفاعا كبيرا في حالات الإجهاض، منها ما هو متعلق بسوء التغذية، وأخرى جراء الإرهاق والتعب بسبب النزوح والتنقل المستمر وحمل الأمهات للأشياء الثقيلة وتحديدا غالونات المياه، والاختناق التي تتعرض له الأمهات من اشعال النار في الأفران من الخشب والورق، بالإضافة لانتشار المكاره الصحية وروائح النفايات التي تسبب للنساء تقلبات هرمونية تدفعهن نحو الإجهاض".
يأتي ذلك في وقت حذرت فيه وزارة الصحة في بيان تلقته "قدس برس" الأحد، من أن "عمل المستشفيات سيتوقف خلال ساعات نتيجة نفاد الوقود اللازم لعمل المولدات بالرغم من الإجراءات القاسية والتقشفية التي اتخذتها الوزارة للحفاظ على ما تبقى من كميات الوقود لأطول فترة ممكنة في ظل عدم توريد الكميات اللازمة للتشغيل".