مكتب لحلف "الناتو" في الأردن.. هل يغيّر ذلك موقفه بشأن القضية الفلسطينية؟
أعلن الأردن، فجر الخميس، إنشاء مكتب اتصال لحلف شمال الأطلسي (الناتو) في المملكة، من أجل "تعزيز علاقات التعاون المشترك مع الحلف".
ويأتي إنشاء المكتب وهو الأول في المنطقة، بحسب بيان أردني مشترك مع أعضاء الحلف، لتعزيز التعاون في منطقة الشرق الأوسط، ومواكبة تطورات المشهد الأمني الإقليمي والعالمي.
كما يُعبر إنشاء المكتب وفقا للـ"الناتو"، عن "علامة فارقة في الشراكة الاستراتيجية العميقة بين الأردن والحلف، حيث يقر الحلف بدور الأردن المحوري في تحقيق الاستقرار إقليميا ودوليا، ويشيد بإنجازاته الممتدة في مكافحة التهديدات العابرة للحدود كالإرهاب والتطرف العنيف".
تعزيز الاستقرار في المنطقة
ويقول الخبير العسكري والاستراتيجي الأردني، الدكتور مأمون أبو نوار، إن "المكتب سيلعب دورا مهما في تعزيز الاستقرار بالمنطقة، من خلال الاستراتيجيات التي توضع بالتباحث من دول المنطقة و(الناتو)".
وأضاف أبو نوار لـ"قدس برس"، أن وجود المكتب يأتي في محاولة لـ"تقليص فرصة توسع الحرب على غزة إلى حرب إقليمية، وسيعمل على تقريب وجهات النظر في المنطقة".
وتابع أن من شأن وجود المكتب، "تخفيف التوترات واحتواؤها في المنطقة".
وأوضح أن أي "خلل في الأردن سيؤثر على أمن المنطقة وأمن أوروبا، بسبب موقعه الحساس في الشرق الأوسط".
الاستفادة من دور الأردن
وترغب الولايات المتحدة الأميركية، بالاستفادة من فهم الأردن للمنطقة، ودوره التاريخي في محاربة الإرهاب والتطرف، مما ساهم بالدفع نحو إنشاء المكتب في عمّان، وفقا لأبو نوار.
وبحسب أبو نوار، فإن "الناتو يحاول الوصول إلى حل في غزة، ومن شأن المكتب في عمّان أن يلعب دورا في هذا الشأن".
وأكد أبو نوار، أن من شأن المكتب، "توسيع عمليات إرسال المساعدات إلى غزة، إلى جانب طرح قضية إعادة الإعمار بعد انتهاء الحرب والمشاركة فيها".
وسيعزز المكتب من "دورات حلف الناتو للقوات الأردنية، إلى جانب المساعدة في تسليح الأردن، والمساعدة في تعزيز أمنه السيبراني"، يضيف أبو نوار.
استباق للضغط
الكاتب والمحلل السياسي الأردني حازم عياد قال من جهته، إن "ما جعل الأردن يسارع في فتح المكتب، هو استباق وصول دونالد ترامب إلى السلطة، أو غيره من الإدارات الأميركية التي قد تحاول الضغط على موقف المملكة بشأن القضية الفلسطينية".
وأضاف عياد لـ"قدس برس"، أن "الأردن يحاول تخفيف الضغوط التي قد يتعرض لها من واشنطن، والتي قد تتمثل بفرض دور له في الضفة الغربية لا يرضاه، أو دور في حكم قطاع غزة".
وأوضح عياد، أنه "من خلال هذه العلاقة للأردن مع (الناتو)، فإنه يقوّي موقفه في مواجهة الإدارة الأميركية، ويتصرف ضمن منظومة (الناتو) التي لن تتوافق بشكل مطلق مع سياسة الإدارات الأميركية القادمة".
وأشار إلى أن رفع مستوى العلاقة والشراكة الاستراتيجية بين الأردن والحلف، أثبت أن علاقة المملكة بالـ"الناتو لم تتأثر بالحرب على غزة".
شركاء أقوياء
وأكد عياد، أن "الأردن يفضل أن يكون لديه شركاء أقوياء، في ظل عدم قدرة الدول العربية على توفير منظومة أمنية خاصة فيها، إلى جانب عدم قدرتها على منع الأزمات قبل حدوثها"، بحسب قوله.
واعتبر عياد، أن الأردن "لن يقدم تنازلات على حساب القضية الفلسطينية"، مستدركا أنه "لا يُنظر إلى افتتاح المكتب على أنه انسياق كامل للإدارة الأميركية، وإنما شراكة على مستوى عال تشبه العضوية في الناتو".
ويعتمد الأردن على "الناتو" في التدريب والسلاح والمظلة الأمنية، إلى جانب الدعم الأمني والاستخباري، وجرى تطوير العلاقة بين المملكة والحلف إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، التي تعد اتفاقية "دفاع مشترك وليس استهداف لدولة بعينها"، وفقا لعياد.
بلا عمق عربي
ويقول عياد، إن "استشعار الأردن أنه بلا عمق عربي دفعه إلى خيار الشراكة الاستراتيجة مع حلف (الناتو)، ولا شيء سوى ذلك".
وقال الأمين العام لحلف "الناتو" ينس ستولتنبرغ من جانبه، إن "إنشاء مكتب ارتباط للحلف في العاصمة الأردنية عمّان، يمثل علامة فارقة في الشراكة الاستراتيجية بين الأردن والحلف".
وأكد ستولتنبرغ، أن "الأردن يعتبر شريكا طويل الأمد وذا قيمة عالية بالنسبة لحلف (الناتو)، وأن مكتب ارتباط الحلف في عمّان سيرفع الشراكة الثنائية إلى مستوى جديد".
وأوضح في تصريح نقلته وكالة الأنباء الأردنية /بترا/، أن "الحلف يسعى عبر شركائه في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لمواجهة التهديدات والتحديات".
ويقول الحلف، إن "إنشاء مكتب اتصال لحلف الناتو في عمّان، يُبنى على ما يقارب ثلاثة عقود من العلاقات الثنائية العميقة، لا سيما من خلال الحوار المتوسطي لحلف شمال الأطلسي، ويهدف إنشاؤه إلى تعزيز الحوار السياسي وتبسيط التعاون العملي بين الحلف والأردن، وهو تطور طبيعي في العلاقة المتنامية بين الأردن والحلف والممتدة منذ عام 1996".
وحلف شمال الأطلسي (الناتو)، تحالف عسكري دولي يتكون من 32 دولة، تأسس عام 1949، ويشكل نظاما للدفاع الجماعي تتفق فيه الدول الأعضاء على الدفاع المتبادل ردا على أي هجوم من قبل أطراف خارجية.
ويقود الأردن، دورا حيويا في المنطقة، من أجل إنهاء العدوان على قطاع غزة المستمر منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، حيث زار العاهل الأردني عبد الله الثاني دولا أوروبية وعربية عدة، إلى جانب الولايات المتحدة الأميركية غير مرة، في محاولة منه لجمع مواقف داعمة لإنهاء العدوان على غزة، ووقف الاستيطان في الضفة الغربية وما ينتجه من عنف يقوده المستوطنون ضد الفلسطينيين.
وبالتزامن مع ذلك، يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، عدوانه على قطاع غزة، بمساندة أمريكية وأوروبية، حيث تقصف طائراته محيط المستشفيات والبنايات والأبراج ومنازل المدنيين الفلسطينيين وتدمرها فوق رؤوس ساكنيها، ويمنع دخول الماء والغذاء والدواء والوقود.