يحدث في غزة فقط... مواكب الشهداء حدث يومي منذ تسعة أشهر

 
يصلي مروان الفجر في خيمة أقامها بالقرب من مقبرة "النصيرات" وسط قطاع غزة، ثم يتجه إلى مشفى "العودة" الذي لا يبتعد كثيرا عن المقبرة، وهناك يعرف من خلال قسم الاستقبال والطوارئ عدد الشهداء الذين وصلوا المشفى خلال ساعات الليل لمعرفة كم قبراً سيجهز خلال الساعات المقبلة.
 
فقد مروان وهو في الثلاثينات من عمره حاليا، اثنان من أبنائه في قصف استهدف إحدى مدارس الإيواء شباط/فبراير الماضي، لم تسعفه الظروف من إلقاء نظرة الوداع الأخيرة على أبنائه؛ بسبب إصابته البالغة التي تعرض لها في رأسه، والتي أجبرته على البقاء في سرير المشفى عدة أيام، فقرر التطوع والمبادرة بعمل خيري وهي تجهيز مقابر الشهداء.
 
وقبيل بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، بنحو شهر، أعلنت وزارة الأوقاف هناك عن إغلاق عدد من المقابر لامتلائها، مثل مقبرتي "الشيخ رضوان" شمال غرب مدينة غزة، و"المعمداني" وسط المدينة، وبعد ذلك القرار بنحو شهر آخر، بدأ القطاع في مواجهة تحد إنساني وبيئي وأخلاقي، نادر في تاريخ العالم. أين سندفن مئات الشهداء الذين تقتلهم إسرائيل يوميا؟ في مجتمع يعتبر أن إكرام الميت في سرعة دفن جثمانه.
 
يشير مروان في حديث لـ"قدس برس" إلى أنه أكثر من يشعر بإحساس الفقد "فأنا لم أتمكن من تجهيز قبر أبنائي أو حتى توديعهم، فقررت تكريما لهم أن أبقى بجانبهم لخدمتهم، واختار لهم جيرانهم من الشهداء" على حد تعبيره.
 
ولأجل ذلك "أساعد ذوي الشهداء الذين يأتون يوميا في ساعات الفجر الأولى لتجهيز قبور ذويهم، أرشدهم بحكم خبرتي إلى المواقع التي يمكن أن تكون متاحة لدفن شهدائهم، وأساعدهم على اختيارها وما إذا كان من الممكن اختيار قبور جماعية في الحالات التي يكون فيها الشهداء أشلاء اختلط رفاتهم برفات من استشهد معهم".
 
لا تكاد تخلو مقابر القطاع من زوار دائمين يجوبونها طوال فترة النهار، وهم عادة ما يكونون من أقارب وأصدقاء الشهداء يأتون لقراءة الفاتحة والدعاء لهم، وآخرين لم يحالفهم الحظ في إلقاء نظرة الوداع لظروف الحرب القاهرة التي حالت دون مشاركتهم في مراسم الدفن، فتراهم يأتون تباعا من مناطق مختلفة للمقبرة، يجلسون ساعات مع شهدائهم يحاورونهم تارة، ويدعون لهم تارة أخرى.
 
وينشط في مقبرة "النصيرات" عدد من الشبان، جزء منهم يحفر القبور، وتجهيز الحجار اللازمة للتلحيد ووضع شواهد، إضافة إلى فتح ممرات لتسهيل حركة الناس بين القبور.
 
وحوّلت حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة، مواكب الشهداء إلى حدث يومي هناك، تخرج جثامين الشهداء من المشافي إلى المقابر محمولة على أعناق الأقارب والأصدقاء، حيث تؤدي صلاة الجنازة في المقبرة، حيث كان معتادا الصلاة عليها في المساجد التي دمرها الاحتلال.
 
وما أن تنفض جموع المعزين من الرجال ويغادرون المقبرة، حتى تبدأ أمهات وأخوات وزوجات الشهداء، بالجلوس أمام القبر والدعاء له، في مشهد بات مألوفا داخل المقبرة.
 
واستحدث الفلسطينيون في قطاع غزة عدداً كبير من المقابر المؤقتة لدفن شهدائهم وموتاهم، بعد أن أمست معظم المقابر الرسمية، والتي توجد جلها في أطراف المدن خارج الخدمة بفعل وقوعها تحت سيطرة قوات الاحتلال.
 
وتبرع عدد من الغزيين بقطع أراض لكي يقوم سكان كل منطقة بدفن شهدائهم وموتاهم فيها، وفي غالبها تضم قبورا جماعية؛ نظرا للعدد الكبير من الشهداء، حيث تتم عمليات الدفن بصورة سريعة وبحضور الحد الأدنى من العوائل، خوفا من القصف الإسرائيلي.
 
وفيما كان مروان يحمل أدوات الحفر، ويسير برفقة مراسل "قدس برس" بين القبور بحثا عن مساحات يمكن حفرها، أعرب عن اعتقاده، أن منطقة قطاع غزة شهدت خلال الأشهر التسعة الماضية، أكبر عمليات حفر للقبور في العالم.
 
وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، اليوم الثلاثاء، ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على القطاع إلى 39 ألفا و 90 شهيداً، و 90 ألفا و 147 إصابة، منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
 
وتواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي، مدعومة من الولايات المتحدة وأوروبا، ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة، لليوم الـ 291 تواليًا، عبر شن عشرات الغارات الجوية والقصف المدفعي، مع ارتكاب مجازر ضد المدنيين، وسط وضع إنساني كارثي نتيجة الحصار ونزوح أكثر من 95 بالمئة من السكان.
 
تصنيفات :
مواضيع ذات صلة
"يونيسف": أزمة سوء تغذية تهدد آلاف الأطفال في غزة
يوليو 3, 2025
قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، الخميس، إن آلاف الأطفال في قطاع غزة يعانون من سوء التغذية الحاد نتيجة استمرار الحصار "الإسرائيلي" ونقص الإمدادات الأساسية. وأوضحت المنظمة أن النقص الحاد في الوقود والمياه النظيفة يعيق قدرتها على تقديم المساعدات الغذائية والرعاية الصحية المنقذة للحياة للأطفال في القطاع، محذّرة من أن الوضع الإنساني يواصل التدهور بشكل
الاحتلال يواصل التصعيد في الضفة.. اقتحامات في عزون والعيزرية
يوليو 3, 2025
واصلت قوات الاحتلال "الإسرائيلي"، مساء الخميس، تصعيد حملتها العسكرية في الضفة الغربية، باقتحامها بلدتي "عزون" شرق قلقيلية و"العيزرية" جنوب شرق القدس المحتلة، حيث داهمت منازل المواطنين واعتدت على الأهالي. ففي بلدة عزون، أفادت مصادر محلية فلسطينية أن قوات الاحتلال اقتحمت البلدة من المدخل الشمالي وانتشرت في شارع البريد، قبل أن تبدأ بمداهمة وتفتيش عدد من
غوتيريش: آخر شرايين الحياة في غزة على وشك الانقطاع
يوليو 3, 2025
عبّر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، عن صدمته العميقة إزاء الأزمة الإنسانية المتفاقمة في قطاع غزة. وفي تصريحات أدلى بها المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، اليوم الخميس، نقلا عن غوتيريش، حذر من أن استمرار إغلاق معابر القطاع من قبل قوات الاحتلال "الإسرائيلي" يهدد بقطع آخر شرايين البقاء على قيد الحياة لسكان غزة. وقال
مصدر في أمن المقاومة: ضباط مخابرات الاحتلال يزودون العملاء بمواقع شاحنات المساعدات
يوليو 3, 2025
كشف مصدر في أمن المقاومة بقطاع غزة، الخميس، عن توجيه مخابرات الاحتلال "الإسرائيلي" عددا من العملاء لمهاجمة شاحنات المساعدات التي تصل إلى القطاع، تحت غطاء جوي. وقال المصدر في تصريحات صحفية، إن ضباط مخابرات الاحتلال يزودون العملاء بمواقع شاحنات المساعدات ضمن خطة لنشر الفوضى في القطاع. وأوضح أنه جرى تكليف العملاء على الأرض، من قبل
"التعاون الإسلامي" تحذر من خطورة تصريحات قادة الاحتلال
يوليو 3, 2025
أعربت منظمة التعاون الإسلامي، الخميس، عن رفضها الشديد لتصريحات مسؤولين في حكومة الاحتلال "الإسرائيلي"، والتي دعت إلى ضم الضفة الغربية وفرض "السيادة الإسرائيلية" عليها. وأكدت المنظمة في بيان، أن "هذه التصريحات تشكّل انتهاكا صارخًا للقانون الدولي ولقرارات الشرعية الدولية، وتقوّض الجهود الرامية لتحقيق حل الدولتين". وحذّرت المنظمة من خطورة التصريحات والتحريض المتواصل من قبل قادة
"الحوثيون": الاحتلال يستخدم الحرب في غزة لاختبار أسلحة جديدة ضد المدنيين
يوليو 3, 2025
أكد المكتب السياسي لجماعة "أنصار الله" اليمنية (الحوثيون)، الخميس، أن قوات الاحتلال الإسرائيلي تواصل ارتكاب المجازر بحق المدنيين في قطاع غزة، وكان آخرها صباح اليوم، في ظل تصعيد دموي ممنهج يستهدف الشعب الفلسطيني منذ شهور. وأوضح المكتب الإعلامي في بيان، أن "آلية توزيع المساعدات في غزة تحوّلت إلى واحدة من أقذر وسائل القتل المتعمد، تمارسها