تفاؤل حذر بعد إعلان بكين.. العوامل والتحديات

حالة من التفاؤل الحذر، تسود الرأي العام الفلسطيني، وقادته ومحلليه السياسيين، عقب الاعلان عن نتائج اجتماع الفصائل الفلسطينية في العاصمة الصينية بكين.

ويظهرُ بصيص الأمل بإحراز تقدم نحو الوحدة في اجتماع بكين، جليًا، في الورقة التي يحملها وفد حركة فتح، وتختلف عن تلك التي كانت معه في اجتماعات الجزائر والعلمين وموسكو وجولة المصالحة الأولى في بكين، ففي الورقة الأولى شروط تعجيزية من المستحيل الموافقة عليها، فهي تنص على معالجة إفرازات الانقلاب، وعلى المقاومة السلمية حصرًا، وقيام الرئيس بتشكيل حكومة تكنوقراط من دون وفاق وطني ولا مرجعية وطنية. أما الورقة الجديدة فتطرح صياغات جديدة قابلة للأخذ والرد.

فقد أعرب النائب الثاني للمجلس التشريعي الفلسطيني د. حسن خريشة عن أمله في أن تكون نتائج الاجتماع خطوة نحو تحقيق وحدة وطنية حقيقية. وأكد أن الفصائل الفلسطينية، رغم تباينها السياسي والإيديولوجي، تتفق على مقاومة الاحتلال، ولكن يتعين أن تتجاوز هذه الفصائل التصريحات والبيانات إلى خطوات عملية ملموسة. وشدد في حديثه لـ"قدس برس" على ضرورة أن يكون البيان الصادر عن بكين ملموساً ويعكس التزاماً فعلياً، وليس مجرد إعلانا صوريا. وأشار إلى أن التجارب السابقة أظهرت أن مثل هذه الاجتماعات غالباً ما تكون محط تفاؤل مؤقت دون تحقيق نتائج ملموسة، وهو ما يتطلب حذرًا وتحققًا من الالتزامات التي تم الإعلان عنها

وشدد خريشة على أن الوضع الراهن يتطلب جهوداً مكثفة من جميع الأطراف لتحقيق مصالح الشعب الفلسطيني، داعيًا إلى عدم التفاؤل المفرط حتى تظهر نتائج ملموسة من الاجتماعات والمبادرات الدولية.

خطوة متقدمة

من جهتها، قالت نائب رئيس الجبهة الديمقراطية ماجدة المصري ورئيس وفدها، إلى الحوار في بكين، إن ما تحقق في جولة الحوار، خطوة إيجابية، لا بد من العمل الجاد لاستكمالها، وترجمتها عبر مدخل استعادة دور الإطار القيادي الوطني الموحد، المعني بوضع قرارات إعلان بكين موضع التطبيق.

وأضافت المصري: أن إعلان بكين، الذي تم التوصل إليه بين الفصائل، هو خطوة متقدمة تبعث على التفاؤل بإمكانية تحقيق اختراق، يضمن إنهاء الانقسام، ويستجيب لتطلعات وآمال شعبنا الفلسطيني، في استعادة الوحدة الوطنية، بما يعزز من قدرتنا على مواجهة المشروع الصهيوني التصفوي لحقوقنا وقضيتنا الوطنية.

واعتبرت في حديث لـ"قدس برس" أن الاعلان عكس قناعة جميع الوفود، بأن تشكيل حكومة توافق وطني، من كفاءات وطنية يقطع الطريق على المخططات الهادفة إلى فصل غزة عن الضفة، ويشكل مدخلاً للإعداد للانتخابات، وفقاً للقانون بنظام التمثيل النسبي الكامل، وإعادة بناء النظام السياسي على أسس من الديمقراطية والشراكة الوطنية الحقيقية.

وأضافت رئيس وفد الجبهة الديمقراطية: إن قرار تفعيل وانتظام اجتماعات الإطار القيادي المؤقت، بمشاركة الأمناء العامين، يشكل خطوة هامة، تنسجم مع ما نصت عليه اتفاقيات المصالحة، لجهة تعزيز الشراكة في صنع القرار الوطني الفلسطيني، وخطوة من شأنها أن تفتح على مشاركة الكل الفلسطيني، في تشكيل مجلس وطني جديد بالانتخاب، حيث أمكن، وفق التمثيل النسبي الكامل، أو بالتوافق حيث يتعذر ذلك.

عوامل تدفع نحو الاتفاق

بدوره، قال الكاتب والمحلل السياسي هاني المصري إن التفاؤل الحذر حول إمكانية الاتفاق في بكين، نبع كون الاجتماع يعقد في ظل استمرار حرب الإبادة والتهجير في قطاع غزة وعدم نجاح التوقعات بوقفها أو بهزيمة المقاومة، وخطة الضم المتدرج والتهجير في الضفة الغربية، في سياق تنفيذ خطة الحسم التي طرحها الوزير بتسلئيل سموتريتش منذ سنوات، وتؤيدها الحكومة الإسرائيلية الحالية عمليًا، وترمي إلى تصفية القضية الفلسطينية من مختلف جوانبها.

وكذلك ازدياد الحاجة إلى ترتيب البيت الفلسطيني استعدادًا لوقف الحرب وإعادة الإعمار والبناء، حيث ثبت أنه من دون اتفاق أو وفاق فلسطيني لن يكون هناك "يوم تالٍ" ولا حكومة فلسطينية قادرة على الحكم، إضافة إلى تقدم سيناريو الفوضى في القطاع الذي تسعى سلطات الاحتلال إلى تحقيقه، كما يظهر من خلال استهداف كل الأفراد والمؤسسات، خاصة التي تنتمي إلى حركة حماس أو تمت بصلة لسلطتها، سلطة الأمر الواقع التي أقامتها في قطاع غزة، والتي تقوم بالإغاثة أو تحاول ترتيب أمور الحكم.

وتابع "لعل السعي المتدرج إلى تصفية السلطة بما تجسده من هوية وطنية فلسطينية، والملامح المتزايدة عن عودة عهد الوصاية والبدائل الإقليمية والإسرائيلية والأميركية، وقرار الكنيست برفض قيام دولة فلسطينية بتأييد معظم الأحزاب في الحكم والمعارضة، كلها أدلة على عدم إمكانية فتح أفق سياسي ما دامت موازين القوى الحالية، وتحديدًا ما دامت هذه الحكومة اليمينية قائمة، مع أن التي ستحل محلها لن تكون جوهريًا أقل سوءًا منها، كما يظهر في تصويت معظم أحزاب المعارضة ضد الدولة الفلسطينية، وهي تعلن على لسان رئيسها نتنياهو، لا عباس ولا حماس، ولا فتحستان ولا حماسستان".

ومن العوامل وفق المصري طرح هدف "تنشيط" السلطة وإيجاد "سلطة متجددة"؛ ما يعكس عدم رضا أميركي أوروبي عربي عن السلطة الحالية، ومسعى لتحويل الرئيس محمود عباس إلى رئيس فخري، وتشكيل حكومة ذات صلاحيات تقوم بالإصلاحات المطلوبة أميركيًا وتجعل السلطة أكثر خضوعًا، وهذا يتزامن مع قناعة بزيادة فرص دونالد ترامب بالفوز، وهو سيعتمد سياسة ستشكل دعمًا أكبر لحكومة اليمين من سياسة بايدن.

وزاد بقوله إن الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية والزخم الدولي للاعتراف بالدولة الفلسطينية، وقرب صدور مذكرات اعتقال لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير حربه يوآف غالانت؛ يوجبان رصّ الصفوف الفلسطينية تمهيدًا لشن هجوم سياسي يهدف إلى تقليل الأضرار والخسائر وتوظيف الفرص المتاحة، فنحن في وضع القضية حضورها طاغٍ والحل يبعد؛ ما يستدعي رؤية وخطة تجسر الهوة بين حضور القضية وابتعاد الحل.

وسوم :
تصنيفات :
مواضيع ذات صلة
غوتيريش: البحث عن الطعام في غزة لا يجب أن يكون "حكما بالإعدام"
يونيو 27, 2025
ندد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الجمعة، بالوضع الإنساني الكارثي في قطاع غزة. وأكد غوتيريش أن السعي للحصول على الطعام لا يجب أن يُعرّض الناس للموت، محذرا من أن آليات توزيع المساعدات الحالية في القطاع تؤدي فعليا إلى قتل المدنيين. وقال في تصريح للصحفيين من نيويورك: "يُقتل الناس لمجرد محاولتهم إطعام عائلاتهم وأنفسهم. لا
الاتحاد الأوروبي يندد بعنف المستوطنين في الضفة الغربية ويدعو "إسرائيل" إلى التحرك
يونيو 27, 2025
أعرب الاتحاد الأوروبي عن قلقه البالغ إزاء التدهور السريع للأوضاع في الضفة الغربية المحتلة، محذرا من تصاعد غير مسبوق في اعتداءات المستوطنين "الإسرائيليين" ضد الفلسطينيين، والتي كان آخرها استشهاد ثلاثة مواطنين في بلدة كفر مالك شرق رام الله، يوم الأربعاء الماضي. وفي بيان رسمي، قال المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي، أنور العنوني، إن "موجة العنف والترويع
"إلإعلامي الحكومي" يحذر من مواد مخدرة في معونات غذائية مصدرها الاحتلال
يونيو 27, 2025
أعرب المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، الجمعة، عن بالغ القلق والاستنكار إزاء العثور على أقراص مخدرة من نوع "أوكسيكودون" داخل أكياس طحين وزّعت على المواطنين عبر ما وُصف بـ"مراكز المساعدات الأمريكية-الإسرائيلية"، التي تُعرف شعبيا باسم "مصائد الموت". وأوضح المكتب أن التحقيقات وثّقت حتى الآن أربع إفادات منفصلة لمواطنين عثروا على هذه الأقراص داخل أكياس الطحين،
الاحتلال يوزع شرائح تجسس في غزة.. وأمن المقاومة يحذر من استخدامها
يونيو 27, 2025
حذّرت منصة "الحارس" الأمنية التابعة للمقاومة، الجمعة، من تداول وشحن شرائح اتصالات "إسرائيلية" مجهولة المصدر تُلقى عبر طائرات استطلاع في مختلف مناطق قطاع غزة، متهمة الاحتلال بمحاولة استخدام هذه الشرائح كـأدوات اختراق وتجسس. وأوضحت المنصة أن هذه الشرائح تمكّن الاحتلال من تتبع هواتف المواطنين واختراقها، وجمع معلومات حساسة قد تمس السلامة الشخصية وأمن البيئة المحيطة.
فساد الأنسولين بسبب ارتفاع درجات الحرارة يهدد حياة آلاف المرضى في غزة
يونيو 27, 2025
داخل خيمته الصغيرة في مواصي خان يونس جنوبي القطاع، تحتفظ الحاجة أم رامي (56 عاما) والمصابة بمرض السكري منذ نحو عشر سنوات، بعلبة بلاستيكية تحتوي على عبوات الأنسولين التي تعتمد عليها يوميا للبقاء على قيد الحياة، لكن هذه العبوات لم تعد آمنة كما ينبغي، فدرجات الحرارة المرتفعة داخل الخيام والتي تحولها لما يشبه بالأفران، أدت
المئات من العلماء والفقهاء يصدرون ميثاقًا مؤيدًا لـ "طوفان الأقصى": مقاومة مشروعة وواجب شرعي على الأمة
يونيو 27, 2025
أصدر، اليوم الجمعة، مئات العلماء والفقهاء والهيئات والمؤسسات الإسلامية من مختلف أنحاء العالم ميثاقًا علميًا وشرعيًا جامعًا بعنوان "ميثاق علماء الأمة بشأن طوفان الأقصى وتداعياته"، عبّروا فيه عن موقفهم من معركة تلك المعركة التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، مؤكدين على شرعية المقاومة الفلسطينية ووجوب نصرتها من جميع المسلمين، حكامًا ومحكومين.