نتنياهو في الكونغرس الأميركي.. خطاب انتهازي ورسائل فارغة

يرى مراقبون، أن خطاب رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام الكونغرس الأميركي أمس الأربعاء، "لم يكن سوى محاولة استعراضية لإثبات الذات، محاولا تعزيز حضوره الشخصي وقدرته على إدارة الحالة السياسية وأنه الزعيم الوحيد القادر على حماية العلاقة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة الأميركية، خاصة وأنه قدم الكثير من النقاط المرتبطة بشخصه".
ووصف الخبير في الشأن الأميركي أسامة أبو ارشيد الخطاب بأنه "أسوأ خطاب قدمه زعيم أجنبي كُرم عبر دعوته لمخاطبة الكونغرس الأميركي"، وهو ذات الوصف الذي صرحت به رئيسة مجلس النواب الأمريكي السابقة نانسي بيلوسي.
وأضاف أبو ارشيد لـ"قدس برس"، أن "الخطاب سيء بكل المعايير لأنه كان خطابا استعلائيا من الدرجة الأولى، بالرغم من أنه يرأس رئاسة وزراء دولة ما كانت لتكون لولا الدعم الأميركي، وما كانت لتستمر في حرب الإبادة في قطاع غزة لولا الدعم الأميركي ومع ذلك يحاضر به فيهم عن التحالف الأميركي الإسرائيلي وأنهما في قارب واحد، وكأن إسرائيل هي الدولة العظمى والولايات المتحدة هي الدولة التابعة التي تحتاج لدعم إسرائيل".
واعتبر أبو ارشيد، أنه الخطاب كان "مليئا بالتعدي على القيم المزعومة أميركيا من حرية التعبير وحرية التظاهر باتهام نتنياهو المتظاهرين في الولايات المتحدة ضد زيارته والكلمة التي ألقاها في الكونغرس، ووصف المتظاهرين ضد الجرائم التي ترتكبها إسرائيل بأنهم أغبياء اإران المفيدين، وكيف أنه هاجم الجامعات الأمريكية وإداراتها بأنها معادية للسامية رغم أن هذه الإدارات منحازة لصالح إسرائيل واعتدت على الحقوق الدستورية للطلبة الذين يؤيدون العدالة في فلسطين ووقف جريمة الإبادة".
وأضاف "حاول نتنياهو أن يحرض الجمهوريين على الديمقراطيين وعلى إدارة بايدن عبر دعوته لتسريع تسليم الأسلحة، وكأن قرابة السبعة مليارات دولار التي قدمت إلى الآن منذ السابع من أكتوبر للاحتلال والأسلحة من قبل هذه الإدارة غير كافية، هذا بالإضافة إلى 3.8 مليار دولار التي تعطى سنوياً لإسرائيل وبالإضافة إلى صفقة أسلحة بما لا يقل عن 19 مليار دولار تم تمريرها إلى جانب إرسال حاملتي طائرات وغواصة نووية مع مجموعاتهم المقاتلة ودعمهم حتى أمام الهجوم الإيراني الانتقامي في شهر ابريل الماضي".
ولفت أبو ارشيد إلى أن "العديد من قادة وزعماء المعارضة الإسرائيلية الذين حذروا من هذا الخطاب الحزبي الذي يجعل من إسرائيل قضية حزبية وليست قضية اجماع سياسي في أميركا".
ويرى أبو ارشيد من خلال خطاب نتنياهو أنه "يريد أن يستمر في حرب الابادة إلى ما لا نهاية، وأنه يجر الولايات المتحدة إلى حرب اقليمية واسعة بما يؤثر على أولوياتها الجيوسياسية فيما يتعلق باحتواء كل من الصين وروسيا".
ويعتقد أن "الخطاب سيعمق من شقة الخلاف حول إسرائيل في الولايات المتحدة وسيقدم إسرائيل وسيؤكد أنها عدوة لحرية التعبير وحرية التظاهر والتجمع وهي قيم أميركية سواء كانت حقيقية أو مزعومة".
رسائل سياسية
بدوره تطرق الباحث في مركز يبوس للاستشارات والدراسات الاستراتيجية سليمان بشارات، للرسائل السياسية في خطاب نتنياهو، لافتا إلى أن أولها كانت "للداخل الإسرائيلي فبالرغم من فشله وعدم تحقيق صورة الانتصار، إلا أنه أراد أن يقول للمجتمع الإسرائيلي وللمعارضة الإسرائيلية وللمنافسين الإسرائيليين أنه استطاع أن يحقق صورة الانتصار من خلال ما حظي به من استقبال وتصفيق حار داخل الكونغرس الأمريكي".
أما الرسالة الثانية فهي "لليمين المتطرف بأن بنيامين نتنياهو هو خياركم الأول والأخير وبالتالي إن كان هناك حالة ابتعاد عن نتنياهو فإن ذلك سيمثل خسارة لليمين المتطرف وهذا ربما يحمي نتنياهو حتى وإن ذهب إلى قرار وقف الحرب فإن الائتلاف الحكومي وبالتحديد شركاؤه من اليمين المتطرف لن يستطيعوا أن يتركوه فهو يريد أن يشكل ضمانة وحماية لنفسه ولمستقبله".
والرسالة الثالثة "للمجتمع الإسرائيلي بأنه لديه طموح ورؤية يمكن أن تتخطى المطالب الاعتيادية ولهذا السبب هو لم يفرد مساحة فيما يتعلق بموضوع الصفقة، ولم يعط اهتمام في هذا الإطار وفي القضايا الأخرى، وإنما جل حديثه عن البطولات والاستعراضات".
وتابع بشارات، أن "المحور الثاني المتعلق بالرسائل السياسية والمرتبطة بالولايات المتحدة وهي أنه حتى وأن تعرضت إسرائيل إلى هزات وإلى انتكاسات إلا أنها ستبقى الدولة ذات العلاقة الاستراتيجية والدولة الوحيدة التي يمكن المراهنة عليها كشريك وحليف استراتيجي للولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة العربية وفي مواجهة التحديات الكبرى".
وأشار إلى أن "هذه واحدة من الرسائل أن حاول نتنياهو أن يقدمها رسالة أخرى للمجتمع الأمريكي والدولي وبالتحديد الغربي الذي ما زال نتنياهو يراهن عليه أنه بدون اسرائيل لن تستطيع الدول الغربية وأمريكا أن تحمي مصالحها في المنطقة مالم تكن هناك اسرائيل موجودة وهذا نوع من التسويق لمكانة إسرائيل وقدراتها وأهمية دعمها بالسلاح والمال وتعزيزها وعدم التخلي عنها".