بوصلة لم تضل طريقها نحو فلسطين (بورتريه)

السياسي الإسرائيلي يولد في المؤسسة العسكرية، والسياسي الرسمي العربي يرث المنصب من أبيه أو جده، أما السياسي الفلسطيني فيولد من خلال الاعتقالات والمنافي والدماء والمعاناة، هكذا كانت ولادته، وهكذا كانت رحلة صعوده على رأس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس).

تجربته السياسية والإنسانية المغرقة في السكينة والهدوء وضعته في مكانة مهيبة ورفيعة لدى الفلسطينيين والعرب.

ينحدر إسماعيل هنية من أسرة فلسطينية لاجئة من قرية "الجورة" في مدينة عسقلان جنوب فلسطين، ولد في مخيم الشاطئ للاجئين الفلسطينيين في غزة عام 1963، وهو المخيم الذي بقي فيه مع أولاده وأحفاده الذين استشهد غالبيتهم في العدوان الصهيوني الهمجي على قطاع غزة.

التحق عام 1983 بكلية التربية قسم اللغة العربية في الجامعة الإسلامية. وتولى منصب رئيس مجلس الطلبة.

اعتقل للمرة الأولى عام 1987، وفي الانتفاضة الأولى عام 1988، انتفاضة الحجارة. ثم لاحقا للمرة الثالثة في عام 1989 وامضي ثلاث سنوات في السجون الإسرائيلية.

وسيكون ضمن ثلة من المجاهدين الذين أبعدوا في عام 1992 إلى مرج الزهور في جنوب لبنان مع نحو 400 من قياديي حركتي حماس والجهاد الإسلامي.

وأمضى النشطاء أكثر من عام في معسكر مرج الزهور، حيث حظيت الجماعة الإسلامية بتغطية إعلامية غير مسبوقة وأصبحت معروفة إعلاميا.

ترشح للانتخابات الفلسطينية الأولى بعد اتفاقيات "أوسلو" في عام 1996 لكن حماس رأت تأجيل الأمر فتراجع عن موقفه.

وبعد عشر سنوات على محاولته الأولى الترشح، ترأس في عام 2006 قائمة مرشحي "حماس" للانتخابات التشريعية، وبعد إعلان النتائج بفوز الحركة شكل "أبو العبد" كما يكنى، الحكومة الفلسطينية. لكن حسابات رام الله والغرب الممول لم تتوافق مع حكومة غزة فأعلن من رام الله "إقالة" الحكومة برئاسة إسماعيل هنية.

احتكم الفلسطينيون للتاريخ فكانت حركة فتح في السلطة وفي الواجهة السياسية، واحتكموا للديمقراطية ولشرعية المقاومة فجاءت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إلى الحكم وتقدمت صفوف المقاتلين، رضي العرب والأمريكان والصهاينة بحكم التاريخ ولم يعجبهم رأي صناديق الاقتراع التي وضعت حماس على رأس السلطة في قطاع غزة.

ثم جاءت سنوات حبلى بالتوتر والحروب والمواجهات مع الاحتلال، وكانت الأفكار وأصوات المدافع والطائرات والصواريخ تتناثر في اثير فلسطين .

شارك هنية في جميع جلسات الحوار بين "حماس" والسلطة الفلسطينية والفصائل الفلسطينية الأخرى، والتقى بعدد كبير من قادة وزعماء الوطن العربي والعالم وانتخب "أبو العبد" رئيسا للمكتب السياسي لحركة حماس عام 2017 خلفا لخالد مشعل.

وستقوم الولايات المتحدة في العام التالي بتصنيف "أبو العبد" على أنه "إرهابي" وفرضت عليه عقوبات.

تعرض هنية لأكثر من محاولة اغتيال، كانت الأولى في عام 2003 بينما كان برفقة الشيخ الشهيد احمد ياسين. وأصيب هنية والشيخ بجروح طفيفة في غارة جوية إسرائيلية على مبنى سكني في مدينة غزة، بعد أن غادرا المبنى قبل ثوان من سقوط القنبلة، وبعد سماع صوت الطائرة الإسرائيلية تقترب.

وبعد ستة أشهر فقط، اغتيل أحمد ياسين بنيران طائرات الهليكوبتر الحربية الإسرائيلية أثناء خروجه من المسجد بعد صلاة الفجر.

وفي عام 2006 تعرض موكب هنية لإطلاق نار في غزة وتم إحراق إحدى السيارات، و لم يصب هنية بأذى، وقالت مصادر في حماس أن ذلك لم يكن محاولة لاغتياله، وقالت مصادر بالسلطة الفلسطينية أن المهاجمين كانوا أقرباء ناشط من " فتح" قتل خلال الصدام مع "حماس".

وفي نفس العام تعرض لمحاولة اغتيال فاشلة بعد إطلاق النار على موكبه لدى عبوره معبر رفح بين مصر وقطاع غزة الأمر الذي أدى لاستشهاد أحد مرافقيه وإصابة 5 من مرافقيه .

وفي عام 2014 وأثناء معركة "العصف المأكول" قصفت طائرات الاحتلال منزله في مخيم الشاطئ للاجئين الفلسطينيين غرب مدينة غزة بعدة صواريخ ما أدى إلى تدمير المنزل كليا.

وفي نيسان/ابريل الماضي، قتلت الغارات الجوية الإسرائيلية ثلاثة من أبناء هنية وأربعة من أحفاده.

اغتيال "أبو العبد" في طهران، فجر اليوم الأربعاء، في المحاولة الرابعة لإطفاء شمعة هذا القيادي الذي يتحرك ويتحدث كرجل زاهد، لن يوقف مسيرة النضال الوطني الفلسطيني، فقد سبقه كوكبة من القادة الشهداء ومن المقاتلين الشجعان، وبقيت جذوة المقاومة متقدة ومشتعلة.

وسوم :
تصنيفات :
مواضيع ذات صلة
عائلة "حلس" في غزة تُعلن البراءة من "عصابة عملاء" وتدعو لمحاسبة المتورطين
يوليو 3, 2025
أصدرت عائلة "حلس" في قطاع غزة والشتات بياناً شديد اللهجة، أعلنت فيه البراءة التامة والمطلقة من مجموعة من أبنائها المتورطين في "الخيانة والتخابر" مع الاحتلال الإسرائيلي، مؤكدةً رفضها القاطع لكل أشكال التعامل مع جهات معادية للشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية. وجاء في البيان الذي صدر اليوم الخميس، أن "عصابة من العملاء المأجورين"، ومن بينهم شخص يُدعى
قراءة في المقترح الأمريكي الجديد لوقف إطلاق النار في غزة
يوليو 3, 2025
في خضم تسريبات متزايدة حول تفاصيل الورقة الأمريكية لوقف إطلاق النار في غزة، تتحدث تقارير إعلامية عن مقترح مختلف من حيث الشكل والمضمون، تطرحه إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بصيغة تحمل ملامح تحول سياسي لافت. هذه الورقة، التي يُروّج لها على أنها اتفاق متكامل يمتد لـ60 يومًا، تتضمن بنودًا غير مسبوقة، كوقف شامل لإطلاق النار،
660 حالة اعتقال في يونيو بينهم 25 امرأة و39 طفلاً واستشهاد 3 أسرى في سجون الاحتلال
يوليو 3, 2025
قال "مركز فلسطين لدراسات الأسرى" (مستقل مقره بيروت)، إن سلطات الاحتلال الإسرائيلي صعّدت بشكل ملحوظ من عمليات الاعتقال خلال شهر حزيران/يونيو الماضي، في الضفة الغربية والقدس المحتلين، تزامنًا مع استمرار عدوانها على قطاع غزة، حيث وثّق المركز 660 حالة اعتقال، من بينهم 25 امرأة و39 طفلاً. وأوضح المركز في بيان له اليوم الخميس، أن إجمالي
"إسرائيل" تهاجم "العفو الدولية" بعد اتهامها باستخدام التجويع كأداة للإبادة الجماعية في غزة
يوليو 3, 2025
هاجمت "إسرائيل"، منظمة "العفو الدولية" بعد صدور تقريرها الذي أشار إلى استمرار "إسرائيل" في استخدام التجويع كوسيلة لإرتكاب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين. وقالت "وزارة الخارجية الإسرائيلية"، في بيان لها اليوم الخميس، أن "انضمام منظمة العفو الدولية إلى حركة حماس وتبني كل أكاذيبها الدعائية، يجعل من المناسب تسميتها (عفو حماس)". وادعت الوزارة أن "الحقائق تختلف تمامًا
سلطات الاحتلال تمهل 22 عائلة مقدسية بإخلاء منازلها جنوب القدس
يوليو 3, 2025
أمهلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الخميس، 22 عائلة مقدسية حتى السابع من تموز/يوليو الجاري، لإخلاء منازلها للسيطرة على أراضيهم في بلدة "أم طوبا" في "صور باهر" جنوب القدس المحتلة. وقالت محافظة القدس، في بيان لها اليوم الخميس، إن "الاحتلال أخطر 22 عائلة بإخلاء منازلها في حي المشاهد في بلدة أم طوبا مقابل مستعمرة "هار حوماه"
مقررة أممية: ما يجري في غزة واحدة من أكثر عمليات الإبادة في التاريخ والوضع هناك تجاوز حد الكارثة
يوليو 3, 2025
جددت المقررة الأممية المعنية بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية، فرانشيسكا ألبانيزي، تحذيرها من خطورة الجرائم الإسرائيلية المرتكبة في قطاع غزة، مؤكدة أن ما يجري لا يُعد حربًا، بل هو "واحدة من أكثر عمليات الإبادة في التاريخ"، وأن الوضع هناك "تجاوز حد الكارثة". وقالت ألبانيز، في تصريحات صحفي اليوم الخميس، إن ما يُسمى "مؤسسة غزة الإنسانية"