مراقبان: الوحدة الوطنية هي خيار الفلسطينيين الوحيد لمواجهة حكومة نتنياهو
أكد كاتبان ومحللان سياسيان أن خيارات الفلسطينيين باتت تقتصر على التوجه للوحدة الوطنية، من أجل مواجهة الحكومة الإسرائيلية المتطرفة التي شكلها بنيامين نتنياهو من قادة الأحزاب اليمينة المتطرفة.
وقال الباحث والكاتب الفلسطيني مصطفى اللداوي إن "الحكومة الإسرائيلية الجديدة التي تشكلت يصفها الإسرائيليون أنفسهم، لا العرب والفلسطينيون فقط، بأنها الحكومة الأكثر يمينيّةً وتطرفًا في تاريخ الكيان الصهيوني".
وأضاف اللداوي لـ"قدس برس" أن "الدول تلجأ عند الخوف، وفي مواجهة الأخطار وتحدي الأعداء، أو عند الحروب والكوارث والنوازل، إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية".
واستدرك قائلاً إن من ميزات حكومة الوحدة الوطنية أنها "تجمع مختلف القوى والأحزاب المشكلة للدولة، وتلتقي تحت سقفها المولاة والمعارضة، والحلفاء والخصوم، لتتمكن من التصدي للتحديات ومواجهة الأخطار".
وأردف أن "الهدف من هذه الوحدة هو حماية الشعب وتأمين مصالحه وحفظ حقوقه، حيث تتراجع الاختلافات وتختفي، أو تتلاشى التناقضات وتذوب، وتفرض الحالة الاستثنائية أولويات جديدة، وقواعد للعمل مشتركة".
وأشار إلى أنه "لا مكان في الوحدة الوطنية للحزبية ولا للمنافع الشخصية أو المكتسبات المادية، وإنما تتقدم مصالح الشعب وسيادة البلاد وسلطة الدولة، وتتنازل القوى والأحزاب عن مصالحها الضيقة أمام مصالح الشعب العامة والوطن المقدسة".
واعتبر اللداوي أن "تشكيل الحكومة الإسرائيلية اليمينية الجديدة جعل من الوحدة أوجب وألزم من أي وقت مضى، بعد أن أعلنت بوضوح نيتها تشريع عدة قوانين تهدد حياة الفلسطينيين بشكل مباشر، وتشكل خطرًا على الضفة الغربية والقدس".
وأشار إلى أنه "لم يعد أمام القوى الفلسطينية سلطةً ومعارضةً، وفصائل وتنظيمات سياسية وعسكرية، في الوطن والشتات، إلا أن يكونوا على قدر المرحلة، وأن يتصدوا بقوةٍ للتحديات، وأن يعجلوا باتخاذ مجموعة من القرارات الوطنية، التي ترقى إلى أعلى درجات المسؤولية والأمانة، والتي لا يجوز تأخيرها أو المماطلة فيها، أو معارضتها ومنع تنفيذها".
وطالب الباحث القيادة الفلسطينية بـ"إعلان حالة الطوارئ العامة، والمباشرة في عقد حوارات وطنية شاملة، تفضي إلى تشكيل قيادة وطنية موحدة، تشارك فيها كل القوى والفصائل، تتقدمها حركتا فتح وحماس".
وبيّن أن على القيادة "إعلان الخروج من اتفاقية أوسلو، والتخلص من كل تبعاتها وإفرازاتها الأمنية والسياسية والاقتصادية، وسحب الاعتراف بالدولة العبرية، والعودة إلى الميثاق الوطني الفلسطيني، واستعادة العمل بالمقاومة المسلحة طريقًا وحيدًا لتحرير فلسطين واستعادة الحقوق وتحقيق الأهداف الوطنية المشروعة".
وأكد أن "الاحتلال يتربص ويحاول انتهاز الفرص واقتناص الأهداف، في ظل استمرار الانقسام وتفاقم سلبياته، وتعمق الخلافات وتعدد التناقضات، وتصدع الجبهات العربية، واختراق البلاد وتطبيع العلاقات وعزل الأنظمة عن القضية الفلسطينية، واستخدامها في الضغط والتضييق على شعبها".
ورأى اللدواي أن "الوقت الآن مناسب جدًا لإنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة، وإغلاق السجون السياسية والإفراج عن المعتقلين، ووقف الاعتقالات ومنع الملاحقات الاستفزازية والتضيقات السياسية، ووقف سياسة الاستدعاءات والمقابلات الأمنية".
وشدد على ضرورة "منح جميع القوى الفرص المتكافئة للتعبير عن رأيها، وبيان مواقفها، وممارسة النضال والمقاومة بمختلف الوسائل والأساليب المشروعة، فالوقت والظرف لا يسمحان أبدًا للانشغال بتوافه الأمور وسفاسفها، وإهمال المصالح الوطنية ومستقبل القضية".
وأضاف أن "هذه الخطوات الرصينة الموزونة، والقيادة المؤقتة المسؤولة، والبرامج المتفق عليها، والكلمة الموحدة والإرادة المشتركة، والوعي الهادف واليقظة الدائمة، مع الصدق والإخلاص، والتجرد والانتماء، ستمكّن شعبنا من تجاوز المرحلة، والتصدي للعدو وإفشال مخططاته".
من جهته، اتفق الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل مع اللداوي، قائلاً إنه "لا يوجد أمامنا خيارات ولا وقت للبحث في المسائل العالقة والصغيرة، هذه الحكومة الإسرائيلية عمليًا وصلت إلى قمة التطرف الذي يعبر عن المشروع الصهيوني الأساس وهو المشروع التوسعي الإرهابي العنصري".
وأردف عوكل لـ قدس برس" القول إن "حكومة الاحتلال الجديدة تتسم بطابع فاشي، وهي مؤهلة عمليًا لأن تقدم نفسها أمام العالم باعتبارها حكومة شريرة وغير ملتزمة بالقوانين الدولية بشكل معلن، ولا تلتزم بقرارات أو قوانين دولية، ولا علاقة لها بالسلام ولا بمنطق حدود 67 أو 48. هذه الأمور غير واردة لديها مطلقًا".
وأكد أن "على الفلسطينيين أن يتصرفوا باعتبار أن هناك مرحلة جديدة لم تعد تحتمل الخلاف والانقسام الفلسطيني الموجود".
وتابع: "الموضوع ليس موضوع إصلاحات؛ إنما موضوع تغيرات في النظام السياسي الفلسطيني"، مطالبًا بـ"إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية والنظام السياسي الفلسطيني على أساس شراكة كاملة عمليًا توازي حالة التوحد الميداني للشعب الفلسطيني".
وشدد على أن "الشعب الفلسطيني موحد في الخارج والداخل، ومنخرط في المقاومة بشكل أو بآخر، ولا بد أن يكون البناء الفوقي (القيادة الفلسطينية) متناسقًا مع الوضع الميداني الموحد".
واعتبر عوكل أن "القيادات الفلسطينية تتحمل المسؤولية التاريخية إزاء ضرورة تغير هذا الوضع وإعادة بناء القوة الفلسطينية".
ويصوّت الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي، بعد غد الخميس 29 كانون الأول/ديسمبر الجاري، على منح الثقة لحكومة نتنياهو، حسب هيئة البث الإسرائيلية الرسمية.
يشار إلى أن نتنياهو شغل منصب رئيس الوزراء لأول مرة بين عامي 1996 و1999، ثم لمدة 12 عاما متواصلة بين 2009 و2021.