محللون سياسيون: عمليتا الخليل ضربة قاصمة لمنظومة الاحتلال الاستخباراتية

لم تكد المنظومة الأمنية والاستخباراتية الإسرائيلية تستوعب العملية النوعية التي وقعت فجر أمس في منطقة "غوش عتصيون" الاستيطانية، التي نفذها الشابان زهدي أبو عفيفة ومحمد مرقة (20 عاماً)، حتى ضربت المقاومة من جديد، بعد أن تمكن مقاومون من قتل ثلاثة ضباط يتبعون الشرطة العسكرية الإسرائيلية باطلاق النار على مركبتهم جنوب مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية المحتلة.

ويصف الكاتب أحمد الطناني العملية بأنها "مهمة جدًا من حيث التوقيت والمكان، وهي تنقل كل الحسابات الأمنية الإسرائيلية في الضفة إلى طور جديد، كما تؤكد أن المزيد من الضغط العسكري والأمني لن يفضي إلا إلى المزيد من المقاومة، وما يسعى الاحتلال إلى تحييده في شمال الضفة بالعدوان الغاشم على جنين وطولكرم وقلقيلية، حرك القدرات الكامنة في جنوب الضفة".

وأضاف الطناني لـ"قدس برس" قائلا: "تكشف الأشهر الأخيرة وجود تغيير نوعي في طريقة عمل المقاومة وتشكيلاتها في الضفة الغربية، خصوصا من حيث قوة التنظيم والصلابة الأمنية والتطور التكتيكي، حيث نجح عدد من العمليات بدون وجود إشارات ساخنة لدى الاحتلال حول نوايا تنفيذ عمليات في هذه المناطق، وهذا يعكس التطور الذي ذكرناه. كما أن الإعلانات المركزية التي تصدر عن الأجنحة العسكرية حول الفعل المقاوم تؤكد حجم البنية المنظمة التي أصبحت فاعلة على الأرض".

ويرى الطناني أن "التطورات المتلاحقة مهمة ونجاح العمليات يُسهم في تعزيز ثقة المقاومين بنفسهم وبجدوى فعلهم، ويكسر المزيد من الحواجز أمام انطلاق المزيد من الهجمات".

من جانبه أشار المختص في الشؤون الإسرائيلية عمر نصر الدين، إلى أن عمليتي الخليل تأتيان رداً من الفصائل الفلسطينية على الاحتلال الإسرائيلي بأن سياسة التفرّد في بعض المناطق، والقيام بعمليات عسكرية فيها، لا يعني أن الفصائل تنتظر أن يفرغ الاحتلال من هذه المناطق لينتقل إلى أماكن أخرى، وهذا تكريس لفكرة أن الحالة الوطنية النضالية متكاملة، وإن اختلفت الأدوات والمقدرات وفق الظروف الأمنية، وبالتالي فشل سياسة "خلق النماذج"، بمعنى جعل بعض مناطق الضفة الغربية تعيش وسط اعتداءات إسرائيلية قليلة، مقارنة بمناطق أخرى تعيش حالة ضنك بفعل تفاعلها مع الحالة النضالية، وذلك يعني أن الرسالة التي حملتها عملية الخليل للإسرائيليين هي "أن سياسة الاجتثاث والقمع والتدمير لن تؤدي إلى تضيق الحالة النضالية، بقدر ما ستؤدي إلى توسيعها".

ووفق نصر الدين،" تحمل العملية رسالة أخرى، هي أن مناطق الضفة لم تستسلم للواقع الأمني المفروض، بقدر ما كانت حالة الهدوء تشير إلى محاولات ترميم هادئة للتنظيمات المقاومة، والشاهد على ذلك قدرة الفصائل على الانتقال تدريجياً وبصورة منظمة إلى حالة فاعلة في مختلف مناطق الضفة. كما توحي عملية الخليل وأنشطة المقاومة في مختلف مناطق الضفة، إلى قدرة التنظيمات على الحشد بعيداً عن النمط الكلاسيكي المعتاد، ما يعني استثمارها بالفلسطينيين عبر الوصول إليهم من الناحية الإعلامية مثلاً، من دون أن تكون هناك حاجة إلى التنشئة التنظيمية كما كانت في مرحلتي الانتفاضة الأولى والثانية، وذلك يشير إلى أن الاعتقاد الإسرائيلي لم يكن صائباً عندما ظنّ أن تغييبه لبؤر التنشئة السياسية والتربية الحركية، سيكون مبعثاً للطمأنينة، بل بات يشكل تحدياً أكبر له".

ويشير إلى أن "البنية الديمغرافية للخليل أكبر من غيرها، بالتالي يتوقع أن تخرج منها عمليات بشكل كبير، إضافة إلى قربها جغرافياً من القدس، واحتكاك مجتمع المستوطنين مع سكّان محافظة الخليل أكبر من غيرهم في مناطق أخرى، بالتالي عرقلة حياة المستوطنين في المحافظة مختلف عن أي مكان آخر بحكم القرب الجغرافي، عدا عن عامل آخر غير ظاهر، هو الحضور الفصائلي المكثف في الخليل بحكم البنية الاجتماعية للمدينة، وذلك قد يخيف إسرائيل بأن تشهد المدينة عملية ترميم فصائلي، تحديداً التنظيمات الإسلامية".

العمليتان -وفق المراقبين- تؤكدان فشل رؤية الاحتلال، التي اعتقد من خلالها أنه أطبق سيطرته الكاملة على الخليل، ذات المنظومة العشائرية والعائلية من جهة، واقتصادية تجارية من جهة أخرى، ترى ضرورة الحفاظ على الأمن والهدوء والاستقرار، انسجاماً مع مصالحها وفق ما يريده الاحتلال، غير أن هذا كلّه فشل، ما دام أنّ هناك عمليّة نفّذت بشكل دقيق وقوي.

وسوم :
تصنيفات :
مواضيع ذات صلة
ترامب: وقف إطلاق النار في غزة "وشيك"
يونيو 27, 2025
قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الجمعة، إن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة "بات قريبا"، مرجحا أن يتم إبرامه خلال الأسبوع المقبل. وأضاف ترامب خلال فعالية في البيت الأبيض احتفالا باتفاق السلام بين الكونغو الديمقراطية ورواندا، أنه تحدث أخيرا مع عدد من الأطراف المعنية بالمفاوضات الجارية بشأن وقف إطلاق النار في قطاع
"القسام" تعلن تفجير نفق مفخخ شرق خان يونس ومقتل ضابط "إسرائيلي"
يونيو 27, 2025
أعلنت كتائب "القسام"، الجناح العسكري لحركة "حماس"، الجمعة، تنفيذ عملية تفجير نفق مفخخ استهدفت قوة عسكرية تابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي، شرق مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، بتاريخ 16 حزيران/يونيو الجاري. وذكرت الكتائب، في بيان مصوّر نشرته، أن العملية أسفرت عن مقتل نائب قائد كتيبة في جيش الاحتلال، وإصابة عشرة جنود بجروح متفاوتة. وأشار البيان
عنف المستوطنين يتواصل.. إطلاق نار وسرقة وتخريب في رام الله والخليل
يونيو 27, 2025
شهدت مناطق عدة في الضفة الغربية، الجمعة، سلسلة اعتداءات عنيفة نفذها مستوطنون "إسرائيليون" مسلحون بحق المواطنين الفلسطينيين وممتلكاتهم، تخللتها أعمال ترويع وتخريب متعمد. ففي بلدة "شقبا" غرب رام الله، هاجم عدد من المستوطنين مجموعة من المواطنين أثناء تواجدهم في أراضيهم الزراعية شمال غرب البلدة. وقام المستوطنون بطرد أصحاب الأرض تحت تهديد السلاح، حيث أظهر مقطع
البرازيل.. مظاهرة حاشدة أمام القنصلية الأميركية في ساو باولو رفضا للعدوان على غزة
يونيو 27, 2025
شارك العشرات من النشطاء البرازيليين والمنظمات السياسية والنقابية، اليوم الجمعة، في تظاهرة جماهيرية أمام القنصلية الأمريكية في مدينة ساو باولو (جنوب شرق البرازيل)، احتجاجا على استمرار العدوان "الإسرائيلي" على قطاع غزة، والدعم الأميركي اللامحدود لحكومة الاحتلال. وجاءت التظاهرة بدعوة من قوى يسارية وحركات اجتماعية، بينها الحزب الشيوعي الثوري (P.C.O)، ومركز النقابات الشعبية  (CSP Conlutas)، ومجموعة
لازاريني: نظام توزيع المساعدات الجديد في غزة تحوّل إلى "ساحة قتل"
يونيو 27, 2025
قال المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، فيليب لازاريني، الجمعة، إن نظام توزيع المساعدات الجديد في قطاع غزة، الذي بدأ تطبيقه قبل نحو شهر، أدى إلى "مقتل أكثر من 400 شخص من المدنيين الجوعى". وأضاف لازاريني في منشور عبر حسابه الرسمي على منصة "إكس"، أن هذا النظام أصبح "ساحة قتل" بدلا
غوتيريش: البحث عن الطعام في غزة لا يجب أن يكون "حكما بالإعدام"
يونيو 27, 2025
ندد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الجمعة، بالوضع الإنساني الكارثي في قطاع غزة. وأكد غوتيريش أن السعي للحصول على الطعام لا يجب أن يُعرّض الناس للموت، محذرا من أن آليات توزيع المساعدات الحالية في القطاع تؤدي فعليا إلى قتل المدنيين. وقال في تصريح للصحفيين من نيويورك: "يُقتل الناس لمجرد محاولتهم إطعام عائلاتهم وأنفسهم. لا