"الهستدروت" يتدخل بعد أكثر من 10 أشهر... ما الذي يحدث في مجتمع الاحتلال؟
صراع اليمن المتطرف واليسار يدخل مرحلة جديدة
الناصرة (فلسطين) - قدس برس
|
سبتمبر 2, 2024 1:38 م
بعد مرور نحو أحد عشر شهرا على اندلاع حرب الإبادة في غزة، وفشل حكومة بنيامين نتنياهو في استعادة الأسرى الإسرائيليين لدى "حماس"، ورجوع عدد منهم جثثا هامدة، تدخل هذه المرة "الهستدروت" كمحرك للاحتجاجات على أداء حكومة اليمين المتطرف، داعيا إلى إضراب شامل، بدأ صباح اليوم الاثنين.
و "الهستدروت" ليس مجرد نقابة عمال، بل جزء من الدولة العميقة في كيان الاحتلال، وأحد أركان تأسيسه، وعلى مدى ١١ شهراً من الحرب كان شبه صامت، لكنه اليوم انتفض، وأعلن رئيسه، أرنون بار ديفيد، الإضراب العام والتحرك لاستعادة "الدولة'" التي خطفها متطرفون.
ويرى الباحث في الشؤون الاستراتيجية والعلاقات الدولية، أحمد رمضان، إن "ما يجري في إسرائيل، أبعد من خلاف، وأعمق من أزمة، إنه انشطار في جذور الحكم، وانقسام حادٌّ بين التيارات، وصراعٌ قد يسفر عن حرب أهلية"، على حد تقديره.
وقال رمضان في حديث لـ"قدس برس" إن "تحالفُ نتنياهو مع قوميين دينيين كان هدفُه تدمير اليسار وتحجيم دور العمال، لكن تأثيرات الحرب على الاقتصاد قوَّضت خططه، ودفعت أعضاء النقابات للتحرك قبل أن يغرق المركب بالجميع".
يشار إلى أن "الهستدروت" تأسس نهاية عام ١٩٢٠، زمن الانتداب البريطاني على فلسطين، وهو يشكل قوة اقتصادية واجتماعية كبرى، حيث يملك ويشرف على مؤسسات اقتصادية تساهم بنحو ٦٠ بالمئة من الإنتاج الزراعي، و٥٠ بالمئة من الصناعات الثقيلة، و٢٥ بالمئة من الإنتاج الصناعي، و٤٥ بالمئة من سوق العقار والبناء، و٣٩ بالمئة من خطوط وشركات النقل، أي أنه يدير نسبة هامة من الإنتاج القومي في إسرائيل.
جذور التحرك
ويشير رمضان إلى أن "معظم الأسرى الإسرائيليين في غزة ينتمون إلى مجموعات علمانية، جذورها تعود إلى الكيبوتسات والهستدروت، ولذا لا يبدي نتنياهو ومعه (وزير أمن الاحتلال إيتمار) بن غفير و(وزير المالية بتسلئيل) سموتريتش والتيار القومي الديني المتشدد أي اهتمام بعودتهم أحياء، ويرفضون وقف الحرب وعمل صفقة تعيد الأسرى مقابل إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين، والأزمة الأخيرة بالعثور على جثث أسرى قتلوا حديثاً، وسبق أن شملت المرحلة الأولى من صفقة محتملة ٣ منهم وهم على قيد الحياة".
وأضاف أنه "في المقابل يدفع بن غفير لتوزيع السلاح على المستوطنين، ونجح في نشر ٤٠٠ ألف قطعة سلاح، لكن هؤلاء هم وقود حرب أهلية يتوقعها بن غفير حال خروجه من السلطة، وفتح ملفات ضده، بينما يمسك سموتريتش بالمال، ويحاول التحكم به لمصلحة أنصاره من اليمين الصهيوني المتشدد".
وشدد الباحث في العلاقات الدولية على أنه "في النهار سيمتنع الإسرائيليون عن فتح محلاتهم والذهاب إلى أعمالهم، وفي الليل سينزلون إلى الشارع للتظاهر والمطالبة بإقالة نتنياهو، وكلما تشبَّث الأخير بالسلطة وكرسي الحكم، قاد مجتمعه وكيانه نحو مزيد من التشظي والانقسام والاستقطاب، وزرع بذور التفكك نتيجة الصراع والضعف".
مكانة "إسرائيل" تواجه خطرا كبيرا
واستبعد رئيس مركز "يبوس" للدراسات في رام الله، سليمان البشارات، في حديث مع "قدس برس"، أن تتطور الأحداث في مجتمع الاحتلال إلى حرب أهلية، مؤكدا أنه لا يوجد خلافات "إسرائيلية - إسرائيلية" حول استخدام القوة المفرطة ضد الفلسطينيين.
إلا أنه لم يغفل أهمية ما يجري على الأرض حاليا، مشيرا إلى أنه في حال فقدان الأسرى لدى المقاومة الفلسطينية لحياتهم "فإن ذلك سيولد حالة من خيبة الأمل داخل المجتمع الإسرائيلي، ومن ثم سيضعف العلاقة الداخلية، ويدفع بعمليات هجرة عكسية".
واعتبر البشارات، أن الجدل الذي يجري حاليا داخل مجتمع الاحتلال "سيؤثر في المدى البعيد على مكانة إسرائيل الدولية، وقد تفضي إلى تحولات أمنية وعسكرية تفقد دولة الاحتلال جزءا كبيرا من وظائفها بالمنطقة" على حد تقديره. وبدأ الإضراب العام في دولة الاحتلال، اليوم الاثنين، اعتبارا من السادسة صباحا، والذي أعلنه رئيس اتحاد نقابة العمال "الهستدروت" للمطالبة بالتوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين بغزة.
وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن الإضراب الذي يشمل المرافق التجارية والاقتصادية والصحية والتعليمية والمواصلات العامة، والوزارات الحكومية ومطار بن غوريون، في أعقاب مظاهرات شارك فيها عشرات آلاف الإسرائيليين، الليلة الماضية، للمطالبة بإبرام الصفقة.
ونقلت صحيفة /يديعوت أحرونوت/ العبرية عن رئيس "الهستدروت" أرنون بار ديفيد قوله: "لا يمكننا الاستمرار في الوقوف جانبا والمشاهدة. إن قتل اليهود في أنفاق غزة غير مقبول. يجب علينا التوصل إلى صفقة مع "حماس"، فالصفقة أهم من أي شيء آخر".