خبير: صعود السردية الفلسطينية عالميًا يقوّض الرواية الإسرائيلية

قال المؤسس والرئيس التنفيذي لمركز "ريكونسنس" للبحوث والدراسات (مستقل مقره الكويت)، عبدالعزيز العنجري، إن "هناك تحولًا إيجابيًا نحو دعم أوسع للقضية الفلسطينية في الرأي العام العالمي والغربي".
وأوضح العنجري في حوار مع "قدس برس"، أن هذا التحول "جاء نتيجة عدة عوامل، أبرزها صعود السردية الفلسطينية وقوة وسائل الإعلام البديلة بعد أحداث 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023".
وأشار إلى أن "العالم شهد تصاعدًا ملحوظًا في الوعي بحقوق الفلسطينيين، ما أسهم في تقويض الرواية الإسرائيلية التي لطالما اعتمدت على فكرة المظلومية المستمرة، في ظل غياب الصوت الفلسطيني أو من يعبر عنه".
ولفت إلى أن "ضعف المظاهرات المؤيدة لإسرائيل مقارنة بتلك المؤيدة لفلسطين يعكس هذا التراجع في السردية الإسرائيلية".
وأكد العنجري أن "تفاعل الطلبة وعدد كبير من الأكاديميين وطاقم التدريس في الجامعات الأمريكية أظهر تفوقًا واضحًا للمظاهرات المؤيدة لفلسطين، حيث طغى حجمها والتزامها على المظاهرات المؤيدة لإسرائيل".
واستطرد "نتيجة لذلك، تدخل كبار المانحين والسياسيين وأعضاء الكونغرس لمحاولة الضغط على الجامعات ومعاقبتها، في مسعى لحماية الرواية الإسرائيلية، بينما يكمن التحدي الحقيقي في ضعف تأثير المظاهرات المؤيدة لإسرائيل مقارنة بالحراك المؤيد لفلسطين".
وقال "على سبيل المثال، أعلنت جامعة برينستون الأمريكية عن حصول البروفيسورة روها بنيامين على منحة “العبقرية” بقيمة 800 ألف دولار من مؤسسة ماك آرثر، بينما كانت تخضع للتحقيق بسبب مشاركتها في مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين. هذا التناقض يبرز احتفاء الجامعة بإنجازاتها الأكاديمية ومعاقبتها لممارستها حرية التعبير".
وفي سياق متصل، أشار العنجري إلى "وجود إحصائيات تفيد بأن الشباب في الولايات المتحدة، وخاصة الجيل الجديد (الجيل "زد" والألفية)، يميلون إلى عدم الثقة بكبار السياسيين المخضرمين والمؤسسات التقليدية. عوضا عن ذلك، يفضلون الاعتماد على مصادرهم الخاصة للبحث وتشكيل آرائهم. كما يميلون إلى التفكير النقدي في القضايا السياسية، ويعطون أولوية للقيم التي تتوافق مع العدالة الاجتماعية والمساواة، وليس لحسابات المصالح السياسية وجماعات الضغط".
ولفت إلى "الدور الكبير الذي لعبته منصة (تيك توك) الصينية في تقديم محتوى غير مفلتر سياسيًا، على عكس المنصات الأمريكية التي تتحكم في نوعية المحتوى وخوارزمياته. وقد ساعدت هذه المنصة في إظهار محتوى صريح حول القضية الفلسطينية، مما فتح الباب أمام حوار واسع حولها".
وأشار الخبير الكويتي إلى أن "النشطاء الفلسطينيين والغربيين من أصول فلسطينية الذين يحملون جنسيات غربية، قد أسهموا في تعزيز حضور السردية الفلسطينية على المستوى الدولي، متجاوزين الأطر الرسمية".
كما أوضح العنجري أن "الحركات المناهضة للاستعمار في الغرب بدأت ترى في الاحتلال الإسرائيلي امتدادًا للأنظمة الاستعمارية القديمة، مما ساعد على جذب مزيد من التعاطف والدعم الدولي للفلسطينيين".
وأشار إلى "الأصوات المؤثرة بين المشاهير والمثقفين في الغرب، الذين أعلنوا صراحة دعمهم للفلسطينيين وانتقادهم للسياسات الإسرائيلية، مما ساهم في تعزيز الوعي الدولي بالقضية الفلسطينية".
ويقول: "لعلها من المفارقات المحزنة والمفرحة في آنٍ واحد، أنه بينما يتراجع اهتمام بعض العرب بالقضية الفلسطينية، أو يظهرون غير مبالين بها، هيأ الله لنا من لا يشاركوننا الجوار ولا اللغة ولا الدين، لكنهم يرون الظلم الإنساني الواقع على فلسطين. وساهموا في كشف حقيقة ما يجري في فلسطين وغزة، وساعدوا على رفع الغطاء عن هذه المأساة".
ويشن جيش الاحتلال الإسرائيلي، مدعوما من الولايات المتحدة وأوروبا، منذ عام كامل، حرب إبادة غير مسبوقة في التاريخ الإنساني، على قطاع غزة، أدت إلى استشهاد عشرات الألوف معظمهم من النساء والأطفال والشيوخ، وتدمير نحو 80 بالمئة من مباني القطاع، بما فيها مشافيه ومدارسه وأكاديمياته.