المقاطعة الأطول لداعمي "إسرائيل".. حينما تتحول الغرائز الاستهلاكية إلى أداة مقاومة

أشار نشطاء وسياسيون كويتيون إلى أن حملة مقاطعة "إسرائيل" التي تلت معركة طوفان الأقصى "لم تكن مجرد رد فعل عابر، بل تعكس وعياً عربياً متزايداً في التصدي للاحتلال الإسرائيلي".

وأكدوا "ضرورة استمرار هذه الحملة وتنظيمها لزيادة فعالية التأثير في المستويين الشعبي والسياسي، مما يعزز من تضامن المجتمعات العربية مع القضية الفلسطينية".

مقاطعة تاريخية

وتحدث رئيس "رابطة شباب لأجل القدس العالمية" (أهلية) طارق الشايع لـ"قدس برس"، عن "دور المقاطعة كأداة مؤثرة في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، وتأثيراتها على الجوانب الاقتصادية، الثقافية، والسياسية".

وأوضح أن "المقاطعة الاقتصادية شهدت تصاعداً ملحوظاً بعد المعركة، حيث تزايدت الدعوات لمقاطعة المنتجات والشركات الداعمة للاحتلال الإسرائيلي سواء على نحو مباشر أو غير مباشر".

وأضاف أن هذه الحملة "تأتي ضمن استراتيجيات تهدف إلى إضعاف اقتصاد الكيان الإسرائيلي، والضغط على الشركات متعددة الجنسيات لقطع علاقاتها معه".

وأشار إلى أنه "رغم أن النتائج الأولية أظهرت تأثيراً على بعض الشركات الكبرى التي أصبحت أكثر حذرًا في تعاملاتها، إلا أن المقاطعة الاقتصادية لا تزال بحاجة إلى توسع وتنظيم أكبر لتحقيق تأثير ملموس".

على صعيد المقاطعة الثقافية والأكاديمية، أوضح الشايع أن هذا النوع من المقاطعة "كان له النصيب الأكبر من حملات المقاطعة، حيث شهد العام الماضي زيادة ملحوظة في رفض العديد من الفنانين والأكاديميين العالميين المشاركة في فعاليات إسرائيلية".

وأشار أيضاً إلى "تزايد الحملات على مواقع التواصل الاجتماعي التي تدعو لمقاطعة الأعمال الفنية الإسرائيلية ورفض التطبيع الثقافي مع الاحتلال، في محاولة لعزل إسرائيل ثقافياً وتجريدها من الشرعية الأخلاقية على الساحة الدولية".

فيما يخص المقاطعة السياسية، رأى الشايع، أنها "تمكنت من تحقيق بعض النجاحات، حيث أعادت بعض الدول ومجالس النواب النظر في علاقاتها مع الكيان الإسرائيلي، إلى جانب محاولات في المحافل الدولية لفرض عقوبات سياسية على إسرائيل؛ بسبب ممارساتها ضد الفلسطينيين".

وأضاف أنه "لا يزال التحدي الأكبر يتمثل في استمرارية الضغط الشعبي وتوحيد مواقف الدول العربية والإسلامية في مقاطعة الكيان على المستوى السياسي".

من جهتها، قالت الكاتبة الكويتية، سعدية مفرح، إن "حملة مقاطعة منتجات الشركات الداعمة للكيان الصهيوني، والتي انطلقت بعد معركة طوفان الأقصى، وبالتحديد بعد العدوان الصهيوني السافر على غزة، حملة تاريخية بامتياز، وما ميزها فعلاً أنها كانت حملة عفوية، ولم يكن مخططًا لها بدقة، ولكن سرعان ما تحولت إلى حركة شعبية ذات تأثير حقيقي".

وأشارت في حديث مع "قدس برس" إلى أن "الحملة المستمرة حتى بعد مرور عام كامل على الطوفان لها دلالات عميقة في الوعي العربي، فهي تعتبر واحدة من الأطول والأكثر تأثيراً، حيث عكست تضامن الشعوب العربية مع القضية الفلسطينية، وأظهرت رفضها للاحتلال والإجراءات الإسرائيلية".

وبينت "مفرح" أنها "أدت إلى زيادة الوعي حول حقوق الفلسطينيين وضرورة دعمهم، مما جعل الكثيرين يعيدون تقييم خياراتهم الشرائية والسلوكيات اليومية".

وأضافت أنه "لا يستطيع أحد أن يتجاهل أنها تمكَّنت من خلق حالة من الضغط على الشركات التي كانت تدعم الاحتلال، مما دفع بعضها إلى اتخاذ خطوات للتراجع عن تعاملاتها مع الكيان الصهيوني، أو على الأقل تقليل حجم تلك التعاملات أو إخفائها قدر المستطاع".

وأكدت أن "وسائل التواصل الاجتماعي أدت دورًا محوريًا في تعزيز الحملة ونشر قصص معاناة الفلسطينيين، ما ساهم في زيادة التضامن مع القضية الفلسطينية وتوسيع دائرة المشاركة الشعبية".

وأضافت أن الحملة "لم تكن مجرد رد فعل عابر، بل أصبحت بداية لوعي جماعي أعمق حول تأثير الخيارات الاقتصادية على دعم العدالة والحقوق الإنسانية".

وأشارت إلى "وجود العديد من المبادرات الشعبية، مثل تنظيم الفعاليات والمظاهرات الداعمة لحملة المقاطعة، مما ساهم بشكل واضح في توسيع دائرة الوعي وزيادة نسبة المشاركة".

وبينت أن هذه الحملة "قد تفتح آفاقًا جديدة لمزيد من النشاطات الشعبية، مما يعزز من قدرة المجتمعات العربية على التصدي للاحتلال والدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني بما تملكه من خيارات متاحة".

وأوضحت مفرح أن "المقاطعة لا تهدف فقط للبحث عن بدائل أرخص وأفضل، بل تعبر عن دور فاعل للأفراد في معركة تملك الشعوب فيها أدوات محدودة للتأثير"، مشددة على أن "الأهم هو الاستمرارية والمثابرة لتحقيق تأثير فعلي ومستدام".

معركة وعي

من جانبه، قال رئيس حزب "المحافظين المدني الكويتي" حماد النومسي، إن معركة طوفان الأقصى، التي اندلعت في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، "كانت حدثًا استثنائيًا سياسيًا وعسكريًا".

وأوضح في حديث لـ"قدس برس" إلى أن "المقاطعة للشركات العالمية الداعمة للكيان الصهيوني كانت إحدى النتائج المباشرة للحدث، حيث أُجبرت بعض الشركات على إغلاق فروعها أو تقليل تعاملاتها مع إسرائيل، وبدأت بعض الشركات في توجيه دعمها نحو المقاومة الإسلامية حماس بشكل أو بآخر".

وأوضح النومسي أن هذا الأمر "يعزز قناعتنا بفاعلية ومتانة الوعي والثقافة التي أرستها معركة طوفان الأقصى، مما يؤكد أهمية توجيه كل الطاقات الشعبية نحو المسارات التي تعزز من إدراكنا السليم في معركة الوعي التي تدور حاليًا. تلك المعركة التي تهدف إلى تحفيز الهمم، رفع المعنويات، وإشعال جذوة الأمل والعمل في أمتنا الإسلامية".

وأشار إلى أن "الحرب تُخاض على عدة جبهات: العسكرية، السياسية، الإعلامية، والأخلاقية. ومن يحاول حصرها في الجانب العسكري فقط، فإنه يُظهر قصورًا واضحًا في تقدير الموقف، سواء عن جهل أو بقصد مغرض. ومع ذلك، أؤكد أننا حتى الآن قد حققنا انتصارات شاملة على الجبهات جميعها، رغم أن البعض قد لا يدرك بعد مدى وضوح حسمنا العسكري الكامل".

وبهذا يكون عام "طوفان الأقصى"، هو العام الذي تمكن فيه ملايين البشر من تحويل غرائزهم وثقافتهم الاستهلاكية، إلى أداة للتعبير عن رفضهم لجرائم الاحتلال، وأداة لمقاومته اقتصاديا وثقافيا.

ويواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي، مدعوما من الولايات المتحدة وأوروبا، منذ عام كامل، عدوانه على قطاع غزة، حيث تقصف طائراته محيط المستشفيات والبنايات والأبراج ومنازل المدنيين الفلسطينيين وتدمرها فوق رؤوس ساكنيها، ويمنع دخول الماء والغذاء والدواء والوقود.

وأدى العدوان المستمر للاحتلال على غزة إلى استشهاد أكثر من 41 ألفا و965 شهيدا، وإصابة أكثر من 97 ألفا و590 آخرين، ونزوح 90% من سكان القطاع، بحسب بيانات منظمة الأمم المتحدة.

 

تصنيفات :
مواضيع ذات صلة
الصليب الأحمر: قلق عميق من تصاعد العدوان "الإسرائيلي" في غزة
يوليو 1, 2025
أعربت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، الثلاثاء، عن قلقها البالغ إزاء تصعيد العمليات العسكرية لجيش الاحتلال "الإسرائيلي" في مناطق مختلفة من قطاع غزة، في ظل الانهيار شبه الكامل للمنظومة الصحية وعجز المستشفيات القليلة المتبقية عن استيعاب الأعداد المتزايدة من الجرحى. وقالت اللجنة في بيان إنّها تشعر بـ"قلق عميق من تصاعد الأعمال العدائية في مدينة غزة ومخيم
"الحوثيون" يعلنون تنفيذ عملية بصاروخ فرط صوتي على مطار اللد
يوليو 1, 2025
أعلن المتحدث العسكري باسم جماعة "أنصار الله" اليمنية (الحوثيون)، يحيى سريع، الثلاثاء، أن القوة الصاروخية للجماعة نفّذت عملية عسكرية نوعية استهدفت مطار اللّد في مدينة يافا المحتلة، مستخدمة صاروخا باليستيا فرط صوتي من طراز "فلسطين 2". وأوضح سريع أن الهجوم حقق هدفه بدقة، وأنه أدى إلى توقف حركة المطار وهروب واسع للمدنيين نحو الملاجئ. وأشار
169 منظمة تطالب بوقف آلية توزيع المساعدات "الإسرائيلية" في غزة
يوليو 1, 2025
طالبت 169 منظمة إغاثية دولية بوقف فوري لآلية توزيع المساعدات الإنسانية التي تقودها ما تُعرف بـ"مؤسسة غزة الإنسانية"، وهي جهة "إسرائيلية" - أميركية مثيرة للجدل، تتولى منذ أواخر أيار/مايو الماضي إدارة توزيع الإغاثة في قطاع غزة، بدلا من الوكالات الأممية والدولية المعتادة. وفي بيان مشترك، دعت المنظمات إلى العودة للعمل بآلية التوزيع التي كانت تديرها
"القسام" تعلن قصف مستوطنتي "نير إسحاق" و"مفتاحيم" برشقة صاروخية
يوليو 1, 2025
أعلنت كتائب "القسام" الجناح المسلح لحركة "حماس"، الثلاثاء، قصف مستوطنتي "نير إسحاق" و"مفتاحيم" برشقة صاروخية. وقالت "القسام" في بيان مقتضب، إن الصواريخ التي جرى القصف بها من طراز "Q20" من منطقة تتواجد فيها آليات العدو شمال مدينة خان يونس جنوب القطاع. وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي في وقت سابق اليوم، أن "صاروخين أطلقا من قطاع غزة
الصفدي: منع إدخال المساعدات إلى غزة جريمة حرب تستدعي تحركا دوليا فوريا
يوليو 1, 2025
أكد وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، الثلاثاء، أن الوضع الإنساني الكارثي في قطاع غزة نتيجة استمرار عدوان الاحتلال "الإسرائيلي" ومنع دخول المساعدات، يتطلب تحركا دوليا فوريا لفرض إدخال المساعدات الإنسانية من خلال المنظمات الأممية المعنية، بما ينسجم مع القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني. وخلال لقائه المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)
"الأورومتوسطي": منع الوقود عن مستشفيات غزة أداة قتل مباشر
يوليو 1, 2025
قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان (مستقل مقره جنيف)، الثلاثاء، إن منع "إسرائيل" إدخال الوقود إلى مستشفيات قطاع غزة يُمثّل أداة قتل مباشر ووسيلة تهجير قسري بحق السكان المدنيين، ويُحوّل المرافق الصحية إلى أماكن للموت بدلا من الرعاية. وأوضح المرصد في بيان صحفي، أن توقف المولدات الكهربائية وتعطل الأجهزة الطبية الحيوية يعرض حياة آلاف المرضى لخطر