رئيس اتحاد الجمعيات الخيرية بالكويت لـ"قدس برس": ملتزمون بمواصلة دعم غزة

تواصل الكويت دورها الإنساني بدعم غزة، من خلال حملات ومبادرات تمتد عبر الجو والبحر والبر، لترسيخ قيم العطاء ورفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني.
في هذا الحوار، يتحدث رئيس اتحاد الجمعيات والمبرات الخيرية سعد العتيبي لـ"قدس برس" عن جهود الكويت الإنسانية، وكيفية تفعيلها في ظل التحديات الراهنة، والنهج الاستراتيجي لتحقيق أثر إنساني واقتصادي مستدام.
- بداية.. حدثنا عن جهود الكويت الإنسانية لدعم غزة، وما الذي يميز هذا الدعم؟
الكويت كانت وستظل جسر الإنسانية الذي يصل إلى من هم في أمسّ الحاجة، بقيادة صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، وجهودنا نحو غزة تشمل دعمًا جويًا وبحريًا وبريًا، لنقدم المساعدات الضرورية كالغذاء والدواء والمأوى، ونؤكد التزامنا بالقيم الإنسانية الراسخة لدعم كل محتاج.
مضيفا، بأن الوزارات الكويتية تلعب دورًا محوريًا، فوزارة الشؤون تنظم العمل الخيري وتضمن الشفافية، ووزارة الخارجية تنسق لإيصال المساعدات، ووزارة الإعلام تغطي الحملات الإنسانية لتعزيز الصورة الإيجابية للكويت، فيما تدعم وزارة الدفاع نقل المساعدات جوًا. هذا التعاون يرسخ التزام الدولة تجاه القضايا الإنسانية.
- نود التعرف على تفاصيل الإغاثة الجوية التي أطلقتها الكويت لدعم غزة؟
بدأنا الجسر الجوي الإغاثي منذ أكتوبر 2023 ضمن حملة "فزعة لفلسطين"، وتم إرسال 50 طائرة محملة بالمساعدات، وهذه الطائرات حملت الغذاء والأدوية والمساعدات الأساسية لمئات الأسر المحتاجة في غزة، وكانت بمثابة شريان حياة في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها سكان القطاع.
- هل تطرقتم إلى وسائل أخرى لدعم غزة بجانب الجسر الجوي؟
نعم، أطلقنا أيضًا الإغاثة البحرية، حيث أبحرت ثلاث سفن كويتية محملة بما يقارب 2800 طن من المواد الغذائية الأساسية والمواد الصحية، وكانت آخرها في أغسطس 2024. استهدفت هذه الإغاثة دعم الأسر الأكثر حاجة وتوفير استقرار معيشي أفضل لهم.
- الإغاثة البرية تشكل أحد المحاور الرئيسية.. كيف تتم عملياتها؟
تم تجهيز شاحنات محملة بمئات الأطنان من المساعدات الغذائية والطبية، وعبرت الأراضي الأردنية لتصل إلى غزة بالتنسيق مع السلطات المختصة. نعمل على تسيير المزيد من هذه القوافل خلال الأيام المقبلة، لضمان وصول الدعم المستمر للأسر الفلسطينية.
-ماذا عن دور الفرق الطبية الكويتية في تقديم الرعاية الصحية بغزة؟
قدمت الفرق الطبية الكويتية، المؤلفة من استشاريين وجراحين، خدمات صحية متخصصة في غزة عبر معبر رفح، حيث عملت في ظروف صعبة لتقديم الرعاية الصحية. هذا الدور يعكس عمق التضامن الإنساني الذي نحمله تجاه أشقائنا في فلسطين.
- كيف ترى مستقبل العمل الخيري الكويتي تجاه غزة في ظل الأوضاع الراهنة؟
نحن ملتزمون بمواصلة دعم غزة، ونأمل أن نحقق استدامة في العمل الخيري عبر مبادرات تعزز الاقتصادات المحلية وتوفر الدعم على المدى الطويل. الكويت ستبقى منارة إنسانية، تحمل رسالة السلام والأمل، ونعمل على تكرار تجاربنا الناجحة بشكل مستدام ومستمر.
- حدثنا عن حملة "قوافل الخير" وكيف جاءت فكرتها لدعم الاقتصاد المحلي في فلسطين؟
جاءت فكرة "قوافل الخير" لتلبية الاحتياجات العاجلة للنازحين في غزة، مع تفكير استراتيجي في تحقيق دعم مزدوج: إنساني واقتصادي. الفكرة كانت تقوم على تقديم المساعدات الأساسية من غذاء ودواء للأسر المتضررة، ولكن بطريقة تساهم في دعم اقتصاد الضفة الغربية، إذ اعتمدنا على شراء المواد الإغاثية من تجار ومزارعين محليين في الضفة. هذه الخطوة لها أبعاد كبيرة، لأنها تخلق فرص عمل وتدعم الاقتصاد المحلي، في حين تضمن وصول الإغاثة إلى المستحقين في غزة.
وحملة "قوافل الخير" كانت لها خصوصية، حيث اعتمدنا على شراء المواد الإغاثية من الضفة الغربية قبل توزيعها على النازحين في غزة، مما دعم الاقتصاد المحلي في الضفة وساهم في خلق فرص عمل. هذا النهج الاستراتيجي يسعى لتحقيق تأثير مستدام على المستويين الإنساني والاقتصادي.
- ما أنواع المساعدات التي تم شراؤها من الضفة الغربية ضمن حملة "قوافل الخير"؟ وكيف ساهم ذلك في دعم الاقتصاد المحلي؟
شملت المساعدات المشتراة سلال غذائية أساسية، كالخضروات، البيض، والدواجن، بالإضافة إلى مواد طبية وإغاثية أخرى. هذه المشتريات ليست مجرد دعم عيني للمحتاجين، بل هي تحريك لعجلة الإنتاج المحلي. عندما نشتري من التجار والمزارعين الفلسطينيين في الضفة، نساهم في توفير سوق جديد لمنتجاتهم، وهذا يدعم الاستقرار الاقتصادي ويقلل من الاعتماد على الواردات الخارجية، مما يرفع من الناتج المحلي الإجمالي للضفة.
- كيف تساهم "قوافل الخير" في تعزيز الاستقلال الاقتصادي للفلسطينيين؟
تعزيز الاستقلال الاقتصادي يتحقق من خلال دعم المزارعين والتجار المحليين الذين يشكلون شريحة كبيرة من الاقتصاد الفلسطيني. عندما تتوفر لهم سوقٌ لتسويق منتجاتهم المحلية، كما فعلنا في "قوافل الخير"، فإننا نساعدهم على تطوير أعمالهم وتحقيق استقرار اقتصادي أكبر. هذا يعزز من صمود الفلسطينيين ويقلل من حاجتهم للاعتماد على المساعدات الدولية فقط، مما يعزز استقلالهم الاقتصادي على المدى الطويل.
- كيف كانت استجابة المجتمع المحلي في الضفة الغربية لمبادرة "قوافل الخير" ودورها في دعم الاقتصاد؟
الاستجابة كانت إيجابية للغاية؛ شعر المجتمع المحلي في الضفة بأن هذه المبادرة لا تدعم أهل غزة فقط، بل تدعم اقتصادهم أيضًا. تجار ومزارعون عبروا عن امتنانهم لأننا خلقنا لهم سوقًا جديدة لمنتجاتهم، خصوصًا في ظل التحديات الاقتصادية التي تواجه الضفة. هذه المبادرة أظهرت لهم أن العمل الخيري يمكن أن يكون حلًا اقتصاديًا واستراتيجيًا يعزز من صمودهم ويدعم قوتهم الاقتصادية.
- ما الخطط المستقبلية لتعزيز استدامة هذا النموذج الاقتصادي في الحملات القادمة؟
نعمل حاليًا على تطوير هذا النموذج ليصبح جزءًا أساسيًا من استراتيجياتنا المستقبلية. نسعى لزيادة الاعتماد على الموارد المحلية في الضفة، وسنعمل على إقامة شراكات مع المؤسسات الاقتصادية هناك، لدعم المشاريع الصغيرة وتمكين المجتمع المحلي من خلال برامج تدريب وتوظيف. هذا سيضمن استمرارية تأثير "قوافل الخير" من خلال تحقيق تنمية اقتصادية طويلة الأمد.
- هل هنالك تحديات في تنفيذ هذا النهج الاقتصادي؟ وكيف تم تجاوزها؟
بالطبع، كانت هناك تحديات عدة، منها القيود المفروضة على حركة البضائع والتنقل. ولكن تجاوزناها عبر التنسيق الوثيق مع الجهات المعنية في الأردن وفلسطين، وأيضًا من خلال التعاون مع مؤسسات دولية ومحلية معتمدة، مما سمح لنا بتخطي هذه الحواجز وإيصال المساعدات بشكل سلس. كانت هذه التجربة درسًا مهمًا في كيفية التكيف مع التحديات لتحقيق أهدافنا الإنسانية والاقتصادية.
- كيف ترى انعكاس حملة "قوافل الخير" على الاقتصاد الفلسطيني في ظل الحصار والقيود المفروضة؟
انعكاسات الحملة كانت إيجابية جدًا، خصوصًا في ظل الحصار المفروض على غزة والقيود الاقتصادية في الضفة، عندما نوفر للتجار سوقًا إضافية ونستثمر في الموارد المحلية، نمنح الفلسطينيين بارقة أمل وفرصة لتعزيز اقتصادهم. هذا يدعم صمودهم ويساعدهم على تطوير قطاعاتهم الحيوية، مثل الزراعة والتجارة، رغم الظروف الصعبة.
- هل يمكن اعتبار هذا النموذج الاقتصادي الإغاثي بداية تحول في أسلوب تقديم المساعدات؟
نعم، بكل تأكيد، يعتبر نموذج "قوافل الخير" بمثابة تحول نوعي في تقديم المساعدات، حيث أصبحنا لا نركز فقط على تقديم العون الإغاثي العاجل، بل نهدف أيضًا إلى دعم البنى الاقتصادية المحلية، ونأمل أن يكون هذا الأسلوب مصدر إلهام للمنظمات الأخرى. نطمح إلى أن تصبح جميع المبادرات الخيرية ذات طابع استدامي، بحيث تحقق نتائج ملموسة ومستدامة على المدى البعيد.