خبير: الجهود القانونية الدولية المتعلقة بفلسطين تمر بمنعطف تاريخي

رام الله (فلسطين) - قدس برس
|
أكتوبر 9, 2024 5:14 م
تقدم المدعي العام في محكمة الجنايات الدولية، كريم خان، بطلب استصدار مذكرة اعتقال من المحكمة بحق رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، ووزير حربه يوآف غالانت، في أيار/مايو 2024، وذلك على خلفية احتمال وقوع جرائم حرب وجرائم ضد البشرية في قطاع غزة، تحت طائلة مسؤوليتهما.
ويقول الخبير في القانون الدولي مدير "منظمة القانون من أجل فلسطين" (حقوقي مستقل مقره رام الله) عادل إحسان، إن "إسرائيل لم تحترم يوما القانون الدولي، لكنها حقيقة تخشى الملاحقة في المحاكم الدولية، وتعمل جهدها للحيلولة دون ذلك بكافة الطرق الممكنة علناً وسراً".
وتابع أن التأخر بإصدار القرارات "له علاقة بالضغوط السياسية والقانونية الموجهة للمحكمة لإعاقة قراراتها"، مشيراً إلى أن "بريطانيا توجهت ورفعت قضية لمنع محاسبة إسرائيل... وهذه القضية التي قدمتها بريطانيا وُجهَت مقابلها حجج مضادة من الجهات جميعها".
ونوه إحسان في حوار مع "قدس برس" إلى الفتوى التي صدرت من محكمة العدل الدولية في التاسع عشر من تموز/يوليو الماضي بأن الاحتلال غير قانوني، وبناءً عليها أصدرت الجمعية العامة قراراً تمهل فيه إسرائيل لإنهاء احتلالها، ودعت فيه الدول إلى فرض العقوبات وقطع العلاقات الدبلوماسية.
وتقدمت "جنوب أفريقيا" بشكوى إلى محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل؛ بسبب حربها على غزة، وكانت المحكمة قد أصدرت أواخر كانون الثاني/يناير 2024 حكما أوليا في القضية، إذ أمرت إسرائيل باتخاذ التدابير جميعها في حدود سلطتها لمنع الأعمال التي يمكن أن تخالف قانون محاربة الإبادة الجماعية.
أما فيما يتعلق بالمحاكم الوطنية فهناك أكثر من مبادرة ومنظمة دولية داخل أكثر من دولة بالعالم كانت قد رفعت قضايا ضد "إسرائيل" ومسؤولين في كيان الاحتلال، وضد الشركات المنخرطة مع المستوطنات، وتلك القضايا إما رفعت، أو قد يُحَضَّر لرفعها.
واتهمت مقررة الأمم المتحدة بالأراضي الفلسطينية، فرانشيسكا ألبانيزي، قيادة حكومة الاحتلال وجنودها بـ "تحريف مبادئ القانون الدولي لتشريع العنف، وهم يتلاعبون بالألفاظ، ويستخدمون مصطلحات مثل (دروع بشرية) و(مناطق آمنة) لتبرير انتهاكاتهم لحقوق الإنسان والقانون الدولي".
يعلق الخبير القانوني على ذلك بقوله إن "تحريف إسرائيل للقانون الدولي، المقصود فيه هو أن الاحتلال يستعمل أو يرتكب أو يمارس كثيرًا من الأفعال تحت نطاق وستار يبدو قانونياً، ولكنه غير قانوني، ومن خلاله يشوه معنى القانون الدولي، وكأن القانون يقف إلى صف الاحتلال، وهو ليس كذلك، من خلال استخدامها لحيل مثل الدفاع عن النفس وتشكيل لجان التحقيق".
ويضيف "مما لا يمكن إنكاره أنه لعقود من الزمان، كان النضال الفلسطيني من أجل العدالة معركة تخلّلها صعوبات ساحقة. لقد واجه الفلسطينيون الاحتلال والتشريد والفصل العنصري، وأخيرا الإبادة الجماعية، دون تغير جوهري يبدو في الأفق".
ويؤكد إحسان على أن "الجهود القانونية المتعلقة بفلسطين تمر الآن بمنعطف تاريخي، وتحدث تحولات كبرى، يبدو معها ما كان يعد مستحيلاً وغير قابل للتصور في المعركة القانونية الدولية الخاصة بفلسطين حقيقةً اليوم" وفق تقديره.
واستدرك "بينما يقدم هذا التحول فرصاً وتحديات جديدة لا يمكن للفلسطينيين تجاهلها... فقد استمر القادة الإسرائيليون في التمتع بالحماية من المساءلة على جرائمهم ضد الفلسطينيين، ما عزز الاعتقاد بأن النظام الدولي متحيز وغير فعال، وهو اعتقاد محق إلى حد كبير".
وشدد على أهمية أن "ندرك أن حركات التحرر الوطني، بما في ذلك الحركة الفلسطينية، تحقق التقدم من خلال التراكم القانوني، وليس الضربة القاضية".
وأوضح "فكرة أن أي أداة، سواء كانت دبلوماسية أو قانونية أو عسكرية، يمكن لها أن تنهي معاناة الشعب الفلسطيني، بمفردها، هي فكرة تبدو حالمة، كما أثبت الواقع. فكل أداة، عندما تستخدم بشكل جماعي ومستمر، تساهم في استراتيجية أكبر".
وذكّر بالرأي الاستشاري الذي أصدرته "العدل الدولية" يوم 19 تموز/يوليو الماضي "والذي يعد من الناحية القانونية والفنية، من أهم ما صدر عن المحكمة من فتاوى على مدار تاريخها. لقد أعلن رأي المحكمة أن الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين غير قانوني، ودحض حجة إسرائيل الثابتة بأن وجودها مبرَّر بمخاوف أمنية".
كما أعلن الرأي الاستشاري أنه "على إسرائيل أن تنسحب من فلسطين دون انتظار نتائج المفاوضات، وأن على الدول جميعها مسؤولية خاصة لاتخاذ الإجراءات اللازمة لإنهاء الاحتلال. هذه المسؤولية يمكن أن تشمل حظر السلاح، وفرض العقوبات" وفق قول الخبير القانوني.
وأكد أن "هذا الحكم لن يجلب التحرير، إلا أنه يوفر حجة قانونية وأخلاقية قوية تدعم النضال الفلسطيني، وتساعد المنظمات الحقوقية الداعمة لفلسطين في كل مكان في العالم لكي تضغط على حكوماتها، لدفعها للقيام بمسؤوليتها لإنهاء الاحتلال والتصرف وفقًا للقانون الدولي".
خلفية للملاحقات
وكانت مساعي محاكمة إسرائيل بسبب سياسات الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني بدأت أمام المحاكم الدولية قبل سنوات عديدة، من مؤسسات حقوقية فلسطينية ودولية، وكان الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية عام 2004، حول الجدار الأمني، أول النجاحات للفلسطينيين في استخدام أدوات القانون الدولي لملاحقة الاحتلال الإسرائيلي.
وعلى الرغم من أهمية القرار ومخرجاته القانونية، لم يفض ذلك إلى تفكيك الجدار كما قالت المحكمة، بل توغل الجدار والاستيطان بوتيرة غير مسبوقة بهدف منع قيام دولة فلسطينية وضم أراض من الضفة الغربية المحتلة لإسرائيل.
وفي أعقاب الحرب الإسرائيلية الأولى على قطاع غزة (معركة الفرقان بين عامي 2008 و2009) برز تقرير للمحقق الدولي، ريتشارد غولدستون، ناهز عشرة آلاف صفحة، وخلص إلى أن إسرائيل خالفت الفصل 13 من القانون الدولي الإنساني، إضافة إلى انتهاك سلطات الاحتلال اتفاقية جنيف الرابعة.
غير أن السلطة الفلسطينية قررت بعد ضغوط أميركية وإسرائيلية، إرجاء البت والتصويت على توصيات تقرير "غولدستون" أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف.