محللان سياسيان: هذه دلالات "الفيتو" الأمريكي على وقف إطلاق النار بغزة؟

اعتبر محللان سياسيان أن إقدام الولايات المتحدة الأمركية، على تعطيل صدور قرار من مجلس الأمن الدولي، يدعو إلى وقف “فوري وغير مشروط ودائم” لإطلاق النار في غزة عبر استخدام حق النقض، دعما لحليفتها "إسرائيل"، وإمعانا بدعمها المطلق لجرائم الاحتلال ومجازره اليومية بحق الفلسطينيين بغزة.
وقال الكاتب والمحلل السياسي سليمان بشارات في حديث لـ"قدس برس"، إن الفيتو الأمريكي على قرار وقف الحرب، تأكيد على دور الولايات المتحدة الأمريكية في حرب الإبادة التي يخوضها الاحتلال الإسرائيلي بقطاع غزة، فإدارة بايدن تعتبر شريكا بل قائدة لهذه الحرب وتنفذها إسرائيل بالنيابة عنها.
وأضاف بأن "جميع ما تحاول أن تسوقه إدارة بايدن من مواقف وحديثها عن جهود تبذل لحماية المدنيين أو إدخال المساعدات أو وقف الحرب، ما هي إلا مواقف إعلامية كاذبة ومخادعة، الهدف منها شرعنة ما يقوم به الاحتلال الإسرائيلي، فالولايات المتحدة من خلال استخدامها الفيتو هي تصادر إرادة العالم، فجميع دول العالم أيدت مشروع القرار باستثناء الرفض الأمريكي وهذا يؤكد على هيمنة الولايات المتحدة على القرار الدولي".
وأكمل بشارات :"من الواضح أن الحرب التدميرية على غزة يتم محاولة تهميشها من أي مساعي وجهود سياسية ودبلوماسية، والتركيز كله بات باتجاه الجبهة الشمالية في محاولة من قبل أمريكا إعطاء إسرائيل مساحة زمانية وضوء أخضر لتنفيذ كل مخططاتها في القطاع، وهذا ما يترجم من خلال حجم المجاز اليومية التي يرتكبها الاحتلال بالقطاع والتي يروح ضحيتها المدنيين من النساء والأطفال".
ويرى بشارات بأن "التعويل على الدور والموقف الأمريكي لوقف الحرب هو تعويل غير سليم، فلولا الدعم الأمريكي لما استطاع الاحتلال القيام بكل ما يجري في ظل صمت دولي وإقليمي وعربي وإسلامي، وهذا يجعل كل الأطراف العربية والإسلامية والدولية، تقع في حالة حرج شديد أمام شعوبها، وأن أي وعود لبذل جهود لوقف الحرب هي تبقى وعودا غير واقعية، لأن القرار في نهاية المطاف هو قرار أمريكي باستمرار الحرب وينفذ إسرائيليا".
ومن جانبه قال فريد أبو ظهير الكاتب والمحاضر السياسي، بأن الولايات المتحدة شريك كامل في الحرب على غزة، بل وفي ارتكاب الجرائم، وتابع :" كل من يعلم تاريخ الولايات المتحدة عالميا وشرق أوسطيا، يدرك تماما السياسات الأمريكية في الحروب، حيث اقترفت هي نفسها نفس ما تقترفه دولة الاحتلال الإسرائيلي حاليا في غزة ولبنان من جرائم ومجازر بحق المدنيين.
وأردف:" الولايات المتحدة تخدع الناس بالكلام المعسول، والأساليب الملتوية في التصريحات والتعليقات على المجازر، حتى أنها لم تستخدم أي عبارة إدانة أو تنديد أو حتى انتقاد للجرائم الإسرائيلية في غزة".
وشدد أبو ظهير على أن "استخدام حق النقض الفيتو من قبل الولايات المتحدة في مجلس الأمن هو أمر غير مستغرب، لكن الأسوأ من ذلك هو أنها حتى لو لم تستخدم الفيتو، فلن يكون أية قيمة لقرار مجلس الأمن، ولن يتم تنفيذه، وستعمل الولايات المتحدة جاهدة لكي تقدم للاحتلال الإسرائيلي الغطاء الكامل لخرقها لذلك القرار".
ونبه إلى أن هذا الفيتو تكرر في الفترة الأولى من الحرب، حيث أصدر مجلس الأمن قرارا بوقف إطلاق النار، ولكن ذهب القرار أدراج الرياح، ولم يجد طريقة للتطبيق في ظل الدعم الأمريكي من جهة، وصمت معظم دول العالم من جهة أخرى، وتواطؤ دول أخرى، ومنها دول عربية وإسلامية، من جهة ثالثة.
ووصف الفيتو الأمريكي ، بـ"شيك على بياض" لدولة الاحتلال لكي تفعل ما تشاء دون حسب أو رقيب، وبغطاء كامل من الولايات المتحدة، ورسالة إلى العالم أن أحداً لن يستطيع الوقوف أمام دولة الاحتلال الإسرائيلي مهما فعلت، طالما أن الولايات المتحدة تقف خلفها، وتمدها بكل مقومات الحياة وكل أدوات التدمير والقتل. واعتبر أن هذا الفيتو بمثابة الغطاء لدولة الاحتلال الذي يعطيها الراحة، أن تفعل ما تشاء دون أي اعتبار لقوانين دولية أو مواثق ومعاهدات، أو حتى قيم إنسانية، وهي سياسة تنسجم تماما مع طبيعة الولايات المتحدة التي نفذت بنفسها ذات الممارسات عبر التاريخ المعاصر، وهي تمنح دولة الاحتلال حق القيام بنفس الممارسات .
وعطلت الولايات المتحدة، أمس الأربعاء، صدور قرار من مجلس الأمن الدولي يدعو الى وقف “فوري وغير مشروط ودائم” لإطلاق النار في غزة عبر استخدام حق النقض مجددا دعما لحليفتها إسرائيل.
وكان مشروع القرار الذي أيدته 14 دولة وعارضته الولايات المتحدة، يطالب “بوقف فوري وغير مشروط ودائم لإطلاق النار يجب أن تحترمه كل الأطراف” و”الإفراج الفوري وغير المشروط عن كل الرهائن”.
وقدمت سفيرة غيانا، كارولين رودريغز بيركيت، مشروع القرار بالنيابة عن الدول العشرة المنتخبة في مجلس الأمن: الجزائر وغيانا وسويسرا واليابان وكوريا الجنوبية وسيراليون وموزمبيق ومالطا والإكوادور وسلوفينيا.
ويطالب مشروع القرار إلى جانب وقف إطلاق نار فوري وبدون شروط وإطلاق سراح جميع الرهائن، ضرورة زيادة المساعدات الإنسانية وبدون توقف أو إعاقة. وقالت بيركيت إن النص يتسم بالواقعية بعد خضوعه لمشاورات طويلة مع كافة الأعضاء.
ويواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي، مدعوما من الولايات المتحدة وأوروبا، للعام الثاني على التوالي، عدوانه على قطاع غزة، حيث تقصف طائراته محيط المستشفيات والبنايات والأبراج ومنازل المدنيين الفلسطينيين وتدمرها فوق رؤوس ساكنيها، ويمنع دخول الماء والغذاء والدواء والوقود.
وخلّف العدوان نحو 148 ألف شهيد وجريح فلسطينيي، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.