العدوان الإسرائيلي على سوريا: استراتيجية ردع أم تجاوز للخطوط الحمراء؟

دمشق - محمد صفية - قدس برس
|
ديسمبر 15, 2024 5:21 م
تشهد الساحة السورية تطورات متسارعة على خلفية التصعيد الإسرائيلي الأخير الذي استهدف مناطق حيوية ومنشآت داخل الأراضي السورية. وبينما بررت إسرائيل هذه العمليات بحجج تتعلق بأمنها القومي، برزت تصريحات متباينة من المحللين السياسيين حول أبعاد هذه العمليات وتأثيرها في المشهد الإقليمي.
وأشار الباحث والكاتب الفلسطيني محمود الرنتيسي إلى أن دولة الاحتلال الإسرائيلي قامت بقصف مكثف استهدف مواقع ومنشآت حيوية في سوريا "بهدف منع استخدام هذه المنشآت ضد إسرائيل مستقبلًا".
ورأى في حديث مع "قدس برس" أن "هذا التصعيد يعكس خشية الاحتلال من الواقع الجيوسياسي الجديد في سوريا، لا سيما في ظل وجود الفصائل الفلسطينية والجهادية التي كان لها دور كبير في الصراع السوري".
ونوّه الرنتيسي إلى أن العمليات الإسرائيلية الأخيرة "تعكس تداعيات أحداث السابع من أكتوبر، حيث باتت إسرائيل أكثر توترًا تجاه أي قوة قد تشكل تهديدًا لها".
وأوضح أن هناك "أصواتًا داخل إسرائيل ترى أن هذه العمليات غير سليمة، وتستفز الوضع الجديد في سوريا عوضا عن التعامل معه بحذر".
وفيما يتعلق بردود الفعل السورية المحتملة، أشار الرنتيسي إلى أن الحكومة السورية الجديدة، رغم رفضها للاعتداءات الإسرائيلية نظريًا، تواجه صعوبات عملية في الرد؛ بسبب التعقيدات الناتجة عن انهيار النظام السابق.
وعلى الصعيد ذاته أكد الباحث والمحلل السياسي السوري مصطفى النعيمي أن التصعيد الإسرائيلي الأخير "يأتي استكمالًا للعمليات العسكرية التي تستهدف الجنوب السوري، خاصة مع تزايد المخاوف من الأسلحة التي كانت تحت سيطرة النظام المخلوع".
وأضاف أن المنطقة المحاذية للجنوب اللبناني أصبحت ضمن أهداف إسرائيل بسبب ارتباطها بحزب الله والوجود الإيراني.
ونوّه النعيمي في حديث مع "قدس برس" إلى أن إسرائيل لم تعد تواجه تهديدات كبيرة من المحور الإيراني في سوريا، معتبرا أن "المشروع الإيراني تراجع بشكل ظاهر في المنطقة". مرجحا أن ذلك قد يؤدي إلى "تراجع التوغل الإسرائيلي في الأراضي السورية بعد أن فقد قيمته الاستراتيجية مع تراجع هذه التهديدات" على حد تقديره.
واستبعد النعيمي أن يتدخل مجلس الأمن الدولي لوقف التصعيد الإسرائيلي "إذ يعتبر العمليات جزءًا من حماية الأمن القومي الإسرائيلي، مما يعكس استمرار الذرائع الإسرائيلية لتبرير وجودها العسكري في سوريا".
وفي ظل استمرار التوغل الإسرائيلي في منطقة حوض اليرموك جنوب غرب البلاد، تتصاعد التساؤلات حول الأهداف الحقيقية لهذه العمليات وما إذا كانت تندرج ضمن استراتيجية ردع طويلة الأمد أو خطوات استفزازية قد تؤدي إلى تصعيد أكبر في المنطقة.
الجدير بالذكر أن جيش الاحتلال الإسرائيلي توغل في مناطق عدة داخل "حوض اليرموك"، شملت بلدات وقرى حدودية ذات أهمية استراتيجية. وقد اتخذ الاحتلال إجراءات صارمة بحق السكان المحليين، شملت تقييد الحركة، وفرض قيود أمنية مشددة، وتنفيذ عمليات دهم واعتقال واسعة النطاق، ما أدى إلى تفاقم معاناة المدنيين وزيادة التوتر في المنطقة.
واحتلت "إسرائيل"، اليوم الأحد، 3 قرى جديدة مع استمرار توغلها جنوبي سوريا.
وأفادت مصادر إعلامية، أن "إسرائيل" احتلت قرية جملة بمحافظة درعا وقريتي "مزرعة بيت جن" و"مغر المير" التابعتين لمحافظة ريف دمشق.
يذكر أن فصائل المعارضة السورية سيطرت على العاصمة دمشق، وقبلها مدن أخرى، في 8 كانون الأول/ ديسمبر الجاري مع انسحاب قوات النظام من المؤسسات العامة والشوارع، لينتهي بذلك عهد دام 53 سنة من حكم عائلة الأسد.
كما أعلنت "إسرائيل" انهيار اتفاقية فض الاشتباك مع سوريا لعام 1974، وانتشار جيشها في المنطقة العازلة منزوعة السلاح بهضبة الجولان السورية التي تحتل معظم مساحتها منذ عام 1967، في خطوة نددت بها الأمم المتحدة ودول عربية.