كاتب: نقل سفارة باراغواي للقدس مكافأة لـ"إسرائيل" على مجازرها

أكد رئيس الجمعية الأمريكولاتينية لحق العودة (مستقلة)، خالد الهندي، أنه لا مبرر لنقل سفارة باراغواي من "تل أبيب" إلى القدس المحتلة، موضحًا أن "الخطوة تتعارض مع القانون الدولي وقرار تقسيم فلسطين رقم 181 لعام 1947، حيث بقيت القدس تحت إدارة دولية، واعتبارها عاصمة لدولة معينة يتناقض مع هذا القرار الذي يأتي تحت ضغوط صهيونية وأمريكية".
واعتبر الهندي في تصريحات لـ"قدس برس"، أن "اتخاذ باراغواي خطوة نقل السفارة إلى القدس يجعلها محل استهجان من المجتمع الدولي، الذي يرى في المجازر وحرب الإبادة التي تُرتكب بحق شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة أنها ضد كل القرارات الدولية وضد الحقوق الإنسانية للشعب الفلسطيني".
واستهجن الهندي أنه في الوقت الذي يواجه فيه الشعب الفلسطيني هذه المجازر "تمنح باراغواي هذا الكيان الغاصب الدعم ليستمر في ارتكاب مجازره، وكأنها تكافئه على هذه الجرائم بنقل سفارته إلى القدس المحتلة".
وحول سؤالنا عن تأثير هذه الخطوة على العلاقات مع الدول العربية، إذ عادة ما تدين الجامعة العربية هذه الخطوة وتندد بها، قال الهندي إن "معظم الدول العربية بطبيعتها دول مُطبّعة أو تنتظر فرصة للتطبيع مع الكيان الصهيوني، بل هناك دول شاركت، بشكل مباشر أو غير مباشر، مع الكيان الصهيوني في حرب الإبادة ضد شعبنا في قطاع غزة، وإذا لم تشارك في حرب الإبادة، فهي مشاركة في الجهود الرامية للقضاء على المقاومة الفلسطينية، وفي مقدمتها (حماس)".وفق تصريحه
وشدد الهندي على أن "حركة حماس، التي حاصرها العرب منذ نجاحها في الانتخابات في الضفة الغربية وقطاع غزة، واجهت حصارًا عالميًا أيضًا، لأنهم لا يريدون لهذه المقاومة أن تنتصر. هذه الدول التي طبّعت أو تسعى للتطبيع تتآمر على القضية الفلسطينية ولا يهمها قرار نقل سفارة للقدس المحتلة".
واستدرك الهندي بأن "بعض الدول العربية التي تُحسب على الحياد تُبدي بطبيعتها موقف استهجان تجاه هذه الخطوة، لأنها تتعارض مع جميع القوانين الدولية".
أما فيما يتعلق بالموقف الباراغوياني الداخلي تجاه القرار، فأكد الهندي أن "الأحزاب الباراغويانية منقسمة على نفسها بين مؤيد ومعارض، لكن المؤيدين لهذه الخطوة قليلون جدًا، وغالبًا هم ينتمون إلى الطغمة الحاكمة التي تتأثر بالسياسات الاقتصادية للدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، ولا تريد أن تتعرض لعقوبات قد تؤثر على اقتصادها". مضيفًا: "هذه الأحزاب تسعى لتجنب غضب الولايات المتحدة ومن خلفها البنوك الكبرى مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، تلك البنوك التي تقدم القروض للدول، والتي يتحكم بها بشكل كبير اللوبي الصهيوني العالمي، سواء من اليهود أو من غيرهم".
وحول إذا ما كان قرار باراغواي يعكس تأثيرًا مباشرًا للسياسة الإسرائيلية أو الأمريكية على دول أمريكا اللاتينية ككل، لم يخفِ الهندي أن "هناك ضغطًا أمريكيًا صهيونيًا على دول أمريكا اللاتينية لدفعها لاتخاذ قرارات تخدم الهيمنة الإمبريالية والصهيونية على العالم". وذكر أنه سابقًا، وبوجود التوجه اليساري في أمريكا اللاتينية بقيادة شخصيات مثل هوغو تشافيز، وفيدل كاسترو، وإيفو موراليس، "شهدت المنطقة سياسات تدعم مصالح دولها، وكانت هذه السياسات تتعارض مع الهيمنة الأمريكية". وأضاف: "إذن، هناك ضغوط واضحة من الولايات المتحدة واللوبي الصهيوني على بعض دول أمريكا اللاتينية لتغيير سياساتها. وهذا ما رأيناه يحدث في الأرجنتين، حيث أن الرئيس الحالي لا يُولي الأولوية لمصلحة بلاده الاقتصادية بقدر ما ينظر إلى مصالح قصيرة المدى تتماشى مع الأجندات الإمبريالية والصهيونية".
مؤكدًا أن "هذه السياسات، على المدى الطويل، تتعارض مع المصالح الاقتصادية الحقيقية للأرجنتين، لأنها تجعلها دولة تابعة ولا تمتلك سياسات اقتصادية مستقلة. فالاستقلال السياسي والاقتصادي يتطلب تبني سياسات وطنية مستقلة بعيدًا عن الهيمنة الخارجية".
أما باقي دول أمريكا اللاتينية، فيرى الهندي أنه مع "خسارة كولومبيا كقاعدة صهيونية وإمبريالية أمريكية، فإن هناك توجهًا يساريًا متصاعدًا في القارة اللاتينية، بالإضافة إلى التفاف الشارع حول القيادات اليسارية التي تعمل لصالح بلدانها وتسعى للتحرر من الهيمنة الإمبريالية والصهيونية". موضحًا أن "هذا التوجه اليساري يظهر جليًا في عدة دول، مثل بوليفيا وكولومبيا والبرازيل وأوروغواي، وحتى في تشيلي، حيث هناك مواقف متقدمة ضد الصهيونية. ولا ننسى إغلاق المكاتب الصهيونية وطرد السفير الصهيوني من بوغوتا، كما حدث سابقًا في كاراكاس ولاباز. إذًا، هناك توجهات واضحة الآن في دول أمريكا اللاتينية، وقد نشهد قرارات ضد باراغواي داخل منظمة الدول الأمريكية اللاتينية في المستقبل القريب".
وتوقع الهندي أن لا يكون هناك تغيير في موقف دول أمريكا اللاتينية تجاه خطوة نقل السفارة من "تل أبيب" إلى القدس، لأن "معظم هذه الدول، بما تشاهده مباشرة من مجازر وحرب إبادة في قطاع غزة، والاعتداءات المتكررة على لبنان وسوريا والعراق واليمن، تدفعها نحو التنصل من ارتباطها بهذه الدولة العدوانية. هذه الدولة التي أٌجبر المجتمع الدولي على قبولها بقرار من الدول التي تتحكم في اقتصاد العالم، والتي هيمنت على قرارات مجلس الأمن".
يُذكر أن رئيس باراغواي، سانتياغو بنيا، أعلن في 11 كانون الأول/ديسمبر الجاري، خلال زيارته إلى "إسرائيل"، نقل سفارة بلاده إلى القدس. وسابقًا، كانت أسونسيون قد افتتحت سفارتها في القدس المحتلة في مايو/أيار 2017، إلا أن وزير خارجية باراغواي الأسبق، لويس ألبيرتو كاستجليوني، ألغى في سبتمبر/أيلول 2018 عملية نقل سفارة بلاده إلى مدينة القدس بقرار من الرئيس ماريو عبده، وأعاد تشغيل المكاتب التي جرى نقلها بالفعل إلى مدينة "تل أبيب".
ويُشار إلى أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أدانت، بـ"أشد العبارات قيام رئيس جمهورية الباراغواي، سانتياغو بينيا، بإعادة نقل سفارة بلاده لدى الكيان الصهيوني المجرم إلى القدس المحتلة"، وعدّت "هذه الخطوة تعدياً على حقوق شعبنا الفلسطيني في أرضه، وعاصمته الأبدية، وانتهاكاً يُخالِف قواعد القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة باعتبار القدس أرضاً فلسطينيةً محتلة".