منخفض جوي عميق يزيد معاناة نازحي غزة ومخاوف من حالات وفاة جديدة
في الوقت الذي اقتلعت فيه الرياح العاتية التي تضرب قطاع غزة خيام النازحين المنتشرة في أرجاء القطاع، لا سيما ساحل البحر؛ فإن السقيع والبرد القارس اقتلع أرواح عدد من الأطفال وممرض، بعد تجمدهم لعدم احتمالهم هذا السقيع الغير مسبوق والذي لم يعهده سكان غزة.
خيام مهترئة لا تقي برد الشتاء ولا حر الصيف، تحتفظ بالبرودة لتتحول إلى قطعة من الثلج، رغم محاولة النازحين تدفئتها.
وقد سبق موجة البرد هذه منخفض جوي عميق، أغرق الخيام، في حين ابتلعت مياه البحر التي طالت بعض مقتنيات النازحين في تلك الخيام.
فصل الشتاء ضيف ثقيل جدا على النازحين، لا سيما وأن الأرصاد الجوية تتوقع أن تبقى الأجواء باردة، في ظل انعدام أدنى وسائل التدفئة أو الملابس الشتوية، لمواجهة ذلك مع بقاء الرياح نشطة من حين إلى آخر.
ورجح الراصد الجوي ليث العلامي في نشرة له أن الأراضى الفلسطينية تتعرض مطلع هذا الأسبوع لمنخفض جوي قبرصي، يتخلله أمطار غزيرة تضرب تلك المناطق، لا سيما قطاع غزة الذي يتعرض للعدوان منذ 14 شهرا.
وقال المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" فيليب لازريني في تصريح له: "إن أطفال غزة يتجمدون حتى الموت بسبب البرد ونقص المأوى."
وأضاف:"الأغطية والإمدادات الشتوية ظلت عالقة منذ أشهر في انتظار الموافقة على دخولها إلى غزة."
وشدد المسؤول الأمني أنهم يحتاجون وقفا لإطلاق النار وتدفقا فوريا للإمدادات الضرورية، بما فيها إمدادات الشتاء.
ويشرح النازح زكريا بكر في حديثه لـ" قدس برس" حال النازحين في ظل هذه الموجة من البرد والمنخفض الجوي العميق؟ الذي يضرب قطاع غزة ، وعدم توفر أدنى مقومات التدفئة لمواجهة ذلك.
ويقول بكر: "خلال 72 ساعة فقدنا أربعة أطفال بفعل هذا البرد القارس، وسنفقد المزيد من الأطفال في الأيام المقبلة".
وأضاف:" كثير من الناس يعشقون فصل الشتاء، لكن جاء واقع هذا العام مغاير."
ووصف الحال بأنه "كابوس على النازحين في الخيام ".
وقال النازح الفلسطيني:"حالة النازحين على شاطئ البحر كانت مأساوية، وذلك حينما أتت الأمواج على الخيام وما تحتويها من أغراضهم من القليل من الفراش، في ظل عدم وجود البدائل لتلك الخيام أو الفرشات أو الشوادر (غطاء الخيمة )".
وأضاف:" واقع مر أليم يعيشوه النازحون، وما زال الناس يعيشون ويلات فصل الشتاء البارد."
وتابع بكر:"أتى فصل الشتاء بدون تدفئة ، وبدون أغطية، خيام لا تقي حر الصيف ولا هطول الأمطار حتى الملابس الشتوية للأطفال والكبار غير متوفرة."
ووصف الحال بأنه "كارثة حلت بمئات آلاف النازحين الذين يعيشون في الخيام ".
وقال:" كذلك الرياح كانت عاتية اقتلعت تلك القيام من أماكنها، نحن نتحدث عن ماسي فطوال الليل وهطول الأمطار الاب والأم يقظين يتنقلون بأطفالهم من زاوية لأخرى في الخيمة، بسبب تسرب المياه".
وأضاف: "هذا واقع العائلات التي تعيش في تلك الخيام وضعها كارثي لا توجد حتى جهات معينة تهتم بالنازحين إلا القليل، في ظل انتشار الواسطة والمحسوبية، و للأسف يضاف إلى ذلك سرقة المساعدات والخيام التي تأتي للنازحين؛ من قبل اللصوص المدعومين من الاحتلال"، كما قال.
وشدد على أن الوضع مأساوي قاتم وصعب، قائلا "أصبح المواطن في حيرة من أمره يسعى لتدبير ملابس أو طعام أو وسائل تدفئة في ظل غيام التوزيع العادل للقليل مما يصل من مساعدات."
وأضاف بكر :"اكثر من 14 شهرا من النزوح؛ و الناس لا يتوفر لديها المال ، وليس لديها عمل بالتالي سنشهد في الأيام القادمة حالات وفاة كثيرة نتيجة البرد القارس بعد دخول الأربعينية".
وأضاف:" أنا أسكن في خيمة ومريض قلب أجريت عملية قلب مفتوح، وأحد أهم شروط السلامة لمريض القلب التدفئة الجيدة ، رغم ذلك لا امتلك غير غطاء خفيف ( بطانية) لا تقي البرد."
وتابع: "خلال ساعات الليل فإن السقيع ينخر عظمنا نخرا، ولا أعرف إلى متى سيستمر هكذا وضع، ولا يوجد بارقة أمل في الأفق لإنهاء هذه المعاناة".
وفي ظل موجة السقيع غير المسبوقة والمنخفض الجوي العميق الذي يضرب قطاع غزة فإن مديرية الدفاع المدني في غزة وجهت عدة ارشادات للنازحين في الخيام، وعلى شاطئ البحر ومراكز الإيواء لتجنب مخاطر البرد الشديد لا سيما على الأطفال والمرضى وكبار السن.
وأشار جهاز الدفاع المدني في نشرته الارشادية الى أن الأرصاد الجوية تتوقع أن يشهد الطقس في الأراضي الفلسطينية انخفاضا في درجات الحرارة، وتكون الأجواء شديد البرودة هذه الأيام، يتخللها هطول للأمطار.
ودعا المواطنين لاسيما النازحين في الخيام وأماكن الإيواء، الإكثار من شرب السوائل الساخنة، وارتداء مزيدا من الملابس القطنية الكافية ويفضل الضيقة، ووضع قبعات على الرأس خاصة لدى الأطفال الرضع وكبار السن.
كما طالبهم بوضع ضمادات دافئة على أطراف الجسم كاليدين والقدمين، والعمل على إحتكاكها ببعضها بين الفينة والأخرى، ومتابعة حرارة أجسام الأطفال باستمرار.
وشدد على ضرورة الحرص على نشاط الجسم وعدم بقائه ساكنا وبذل تمارين خفيفة؛ فذلك يساعد على توليد الطاقة وتوازن الحرارة في الجسم.
وحثهم على وضع وشاح قماشي قطني على الأنف والفم وحول الرقبة، لمنع الهواء البارد من الدخول إلى داخل الجسم.
وشدد على ضرورة الاهتمام بتغطية الخيمة أو المكان الذي يقيم فيه النازح بشكل جيد، ووضع صفائح من الكرتون تحت الأفرشة وعلى جوانب الخيام؛ فذلك يساعد في امتصاص البرودة.
وحذر الدفاع المدني من اشعال النيران داخل الخيام أو غرف الإيواء المغلقة، فذلك من شأنه أن يحدث حرائق و اختناقات تؤدي إلى الوفاة.
ويواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي، مدعوما من الولايات المتحدة وأوروبا، منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، عدوانه على قطاع غزة، حيث تقصف طائراته محيط المستشفيات والبنايات والأبراج ومنازل المدنيين الفلسطينيين وتدمرها فوق رؤوس ساكنيها، ويمنع دخول الماء والغذاء والدواء والوقود.
وخلّف العدوان أكثر من 153 ألفا و300 شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.
