إصلاح خزانات المياه مهنة تلقى رواجا في غزة بسبب الحرب

افتتح رائد ورشة صغيرة لصيانة خزانات المياه، حيث يقوم يوميا بالبحث عن قطع بلاستيكية بين ركام البيوت المدمرة، لاستخدامها في "رقع" الخزانات التي تعرضت لطلقات نارية أو شظايا أحدثت ثقوبا كبيرة فيها.
وبالنظر لكثافة قصف قوات الاحتلال الإسرائيلي الذي لم يفارق أيا من أحياء قطاع غزة، كانت شظايا هذا القصف تصل أسطح المنازل ما تسبب بأعطاب وثقوب في خزانات المياه.
اضطر الغزيون تحت ضغط قلة الخيارات وارتفاع تكاليف نقل المياه، للبحث عن بدائل، فكانت مهنة استصلاح الخزانات، التي لاقت رواجا مع مرور الوقت بين النازحين لتشكل مصدر رزق للعشرات منهم.
يقول رائد الدسوقي لـ"قدس برس"، اليوم الاثنين، "كنا نعمل في هذه المهنة قبل الحرب، ولكن ليس بهذه الكثافة، فمعدل عملنا لم يكن يتجاوز إصلاح خزان أو اثنين طيلة الشهر، ولكن الآن نعتمد على الحجز المسبق نظرا لكثرة الطلبات".
وأضاف "مهمتنا بسيطة حيث نقوم بـ(رقع) الخزان بقطع بلاستيكية من نفس المواصفات، وذلك بعد أن نقوم بتسخين وتليين هذه (الرقع) بالنار والمياه الساخنة، ثم وضعها على الثقوب في الخزان وإغلاق كل الثقوب فيه ليصبح جاهزا للاستعمال".
ما أن ينهي جيش الاحتلال عملياته العسكرية في المناطق التي يتوغل فيها، ينطلق الأهالي للبحث عن أغراضهم ومنها خزانات المياه الكبيرة ذات السعة الكبيرة (ألف لتر) التي تتواجد على الأسطح، أو الخزانات الصغيرة التي تتواجد داخل البيوت.
يحمل الغزيون ما تبقى من هذه الخزانات وينقلونها لأماكن النزوح، لاستخدامها في الاستعمالات اليومية كدورات المياه وغسل الأواني والاستحمام وغيرها.
وما أن يتم نقل هذه الخزانات المعطوبة لأماكن النزوح تبدأ عمليات الصيانة، فبعض الثقوب تتم معالجتها بشكل بسيط، عبر "رقع" صغيرة، وأخرى يتم حملها لورشات متخصصة لمعالجة الثقوب الكبيرة فيها لتصبح جاهزة للاستخدام.
ويعاني قطاع غزة، الذي تفاقم الحصار عليه منذ بداية عدوان الاحتلال، من نقص حاد في المياه نتيجة الأضرار التي لحقت بخزانات المياه الرئيسية ومحطات تحلية مياه البحر، بالإضافة إلى الانقطاع المتكرر لإمدادات المياه المعبأة.
وتعد أزمة المياه في غزة ليست وليدة الحرب الحالية، فقد ظل سكان القطاع يعانون من نقص المياه على مر السنين، وكانوا يواجهون صعوبات في الحصول على مياه صالحة للشرب من مصادر متعددة، بما في ذلك المياه الجوفية التي غالباً ما تكون ملوثة بسبب تسرب المياه المالحة أو مياه الصرف الصحي والمواد الكيميائية.
ومنذ اندلاع العدوان قبل 451 يوما، تعرضت أكثر من ثلثي مرافق الصرف الصحي والمياه في القطاع للدمار أو الأضرار، وفقاً للبيانات التي استندت إليها وكالات الأمم المتحدة.
وقد أدى ذلك إلى تفاقم المخاطر الصحية العامة، مثل الجفاف وتلوث الغذاء وانتشار أمراض مثل الإسهال، خصوصاً في مخيمات النازحين المكتظة.
ويواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي، مدعوما من الولايات المتحدة وأوروبا، منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، عدوانه على قطاع غزة، حيث تقصف طائراته محيط المستشفيات والبنايات والأبراج ومنازل المدنيين الفلسطينيين وتدمرها فوق رؤوس ساكنيها، ويمنع دخول الماء والغذاء والدواء والوقود.
وخلّف العدوان نحو 154 ألف شهيد وجريح فلسطينيي، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.