نشطاء: استمرار السلطة في اعتقالاتها بجنين تدمير للنسيج الاجتماعي

أكد محللون ومراقبون فلسطينيون أن إصرار السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، عبر أجهزتها الأمنية، على ممارسة الاعتقال السياسي وملاحقة المقاومين، يؤدي إلى خلق حالة من الاحتقان المجتمعي وزرع الفتنة وتفتيت النسيج الاجتماعي.
وقالت الناشطة السياسية والمرشحة السابقة للمجلس التشريعي الفلسطيني، سمر حمد: "الشعب الفلسطيني اليوم يقف مذهولاً، يعتريه الألم والحسرة، وهو يشاهد ما آلت إليه الحالة الفلسطينية في الضفة الغربية".
وأوضحت في حديث مع "قدس برس" أن "الاحتلال يقوم يومياً باجتياح جنين واستباحة دم أبنائها بحجة محاربة الخارجين عن القانون الذين عجزت السلطة عن الإمساك بهم وتفكيكهم".
وأضافت حمد: "ما يزيد الأمور تعقيداً، هو أن الفلسطينيين يشاهدون في الوقت نفسه جزءاً من شعبهم يرفع سلاحه في وجه المقاومين ويُنكِّل بهم"، في إشارة إلى أجهزة أمن السلطة الفلسطينية.
ووصفت حمد ما يجري بأنه "سابقة خطيرة وانتكاسة غير مسبوقة؛ فبعد أن كانت السلطة تدعي سعيها لإقامة دولة فلسطينية، تحولت اليوم إلى أداة قمع في مواجهة الشرفاء من شعبنا".
ورأت أن هذا الوضع "سيؤدي إلى شرخ عميق في جسد الشعب الفلسطيني، ويهدد التماسك الداخلي، ويزعزع عوامل الصمود، خاصة في ظل وجود مخطط متسارع لضم الضفة الغربية وإنهاء أي أمل في استعادة الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني".
وأدانت حمد ما وصفته بـ"سلوك السلطة الذي تجاوز كل الخطوط الحمراء"، مؤكدة أن "الشعب الفلسطيني لن يترك الميدان لعبث العابثين، وسيفشل كل المخططات الخبيثة التي تحاك في الخفاء، وسيخرج رافعاً رأسه ليقرر مصيره بدولته المستقلة وعاصمتها القدس".
من جانبه، قال الكاتب السياسي والناشط ثامر سباعنة إن الاعتقال السياسي الذي تنفذه أجهزة أمن السلطة "يفكك النسيج الاجتماعي الفلسطيني، ويعزز الانقسام المجتمعي للفلسطينيين بعد الانقسام السياسي".
وأشار سباعنة في حديث مع "قدس برس" إلى أن "ما يؤلم أكثر هو أن الفلسطيني، الذي عانى طويلاً من الاعتقال والأسر على يد الاحتلال، أصبح اليوم يمارس الاعتقال بحق أبناء شعبه".
ووصف سباعنة ما يجري حالياً من اعتقالات سياسية في الضفة الغربية بأنه "مؤلم جداً"، لا سيما في ظل العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد الفلسطينيين في جنين.
وأضاف: "الاعتقال السياسي يُعدّ سلاحاً متعدد الأوجه، يُستخدم لتفتيت المجتمع الفلسطيني من خلال استهداف الأفراد وأسرهم".
وحذر سباعنة من أن الاعتقالات السياسية التي تنفذها أجهزة أمن السلطة "قد تشوه القيم الاجتماعية، وتترك تأثيرات نفسية على المعتقل وعائلته ومجتمعه".
ورغم سوداوية المشهد، يرى سباعنة أن "الفلسطينيين يظهرون قدرة استثنائية على التكيف مع هذه الظروف وبناء شبكات دعم تعزز التماسك الاجتماعي والمقاومة المستمرة".
وأظهرت مقاطع فيديو وصور نشرها نشطاء من حركة "فتح" والأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية، قيام الأخيرة باعتقال وإهانة العديد من نشطاء المقاومة المحسوبين على "كتيبة جنين" في عدة أحياء وقرى بالمدينة. وقد اضطر هؤلاء النشطاء للخروج من المخيم بعد الاتفاق على تهدئة الأمور وإنهاء حالة الاحتقان، إلا أن الأجهزة الأمنية أخلّت بالاتفاق، مما أدى إلى تفاقم الأوضاع.
وفي الوقت ذاته، تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي عدوانها على جنين ومخيمها، شمال الضفة الغربية المحتلة، لليوم الخامس على التوالي، وسط مقاومة باسلة.
وقد فرض الاحتلال حظر التجوال على الفلسطينيين في المخيم، وأجبر مئات العائلات على مغادرة منازلها تحت تهديد السلاح، وفتح ممراً واحداً يتم من خلاله فحص بصمات العين والوجه عبر كاميرات المراقبة.
كما قامت قوات الاحتلال بقطع الكهرباء عن مخيم جنين وأجزاء واسعة من محيطه، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي عن مستشفى جنين الحكومي ومستشفى ابن سينا، ومنعت طواقم شركة الكهرباء من إصلاح الشبكة.
وأسفر العدوان الإسرائيلي على مدينة جنين ومخيمها وبلدة برقين، الذي بدأ يوم الثلاثاء الماضي، عن استشهاد 12 فلسطينياً، بينهم طفل، وإصابة العشرات، إضافة إلى دمار هائل في البنية التحتية.