محللان لـ"قدس برس": المقاومة في الضفة اكتسبت خبرة كبيرة وباتت ترعب الاحتلال

أكد محللان سياسيان أن المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية اكتسبت خبرة كبيرة في التعامل مع الاحتلال الإسرائيلي، رغم الضربات التي تعرضت لها خلال السنوات الماضية.

واعتبر المحللان، في أحاديث منفصلة لـ"قدس برس"، أن جيش الاحتلال ومستوطنيه باتوا يحسبون للمقاومة في الضفة "ألف حساب".

يقول الكاتب والمحلل السياسي، فايز أبو شمالة: "اليوم خرجت المقاومة في الضفة الغربية من القمقم، وبدأت تواجه العدو الإسرائيلي بشكل صريح وواضح".

واعتبر أبو شمالة في حديثه لـ"قدس برس" أن "عمليات الاشتباك اليومية لرجال المقاومة سواء في جنين او نابلس (شمال الضفة) تدلل على أن المقاومة باتت قوة مرعبة للاحتلال، ويُحسب لها حساب".

وأشار إلى أن "قوة هذه المقاومة دفعت الاحتلال إلى التفكير بعملية عسكرية جديدة في الضفة، ما يدلل على أن المقاومة وصلت إلى الدرجة التي تفرض على الاحتلال فيها أن يراجع حساباته".

ورأى أن "هذا التطور في أداء المقاومة يعود إلى تراجع دور السلطة".

 

مرحلة جديدة في الضفة

وأردف: "نحن أمام مرحلة جديدة في الضفة الغربية، جسدتها تلك الجماهير التي خرجت بعشرات الآلاف، وأغلقت الطرق، ورجمت عربات السلطة بالحجارة، عشية اعتقال البطل المطارد مصعب اشتية".

وشهدت نابلس مواجهات بين مسلحين وفلسطينيين من جهة، والأجهزة الأمنية من جهة أخرى، فور اعتقال اشتية ورفيقه عميد طبيلة، ما أسفر عن ارتقاء الفلسطيني فراس فارس يعيش (53 عامًا)، وإصابة 3 آخرين.

وتابع أبو شمالة: "كل هذه الدلائل تشير إلى أن الواقع في الضفة الغربية بات يختلف عما كان عليه قبل فترة من الزمن، وبالتحديد أثناء انتفاضة القدس (وُصفت بالانتفاضة الفلسطينية الثالثة) عام 2015".

وأضاف أن "الشعب الفلسطيني والضفة الغربية كلها باتت تدرك أن المقاومة هي الطريق الصحيح، والطريق القويم لمواجهة الاحتلال، وهو ما يتجسد بالعمليات اليومية".

وشدد أبو شمالة على أن "اعتراف القيادة العسكرية الإسرائيلية بوقوع 212 عملية فدائية في الشهر الماضي يعني ذلك ان "الضفة الغربية كلها في خندق المقاومة" حسب قوله.

تجدر الإشارة إلى أن تقريرًا لمخابرات الاحتلال "الشاباك" أظهر أن الفلسطينيين نفذوا 172 هجومًا في آب/أغسطس الماضي بالضفة الغربية، منها 23 عملية إطلاق نار، بينما ارتفع العدد ليصل في أيلول/سبتمبر الماضي إلى 212 هجومًا، منها 34 عملية إطلاق نار.

واستطرد الكاتب والمحلل السياسي أبو شمالة بالقول إن "المقاومة في الضفة اليوم ليست ارتجالية، وليست عفوية، وقد تعلمت من تجربة غزة".

وتابع: "مقاومة غزة كانت حتى سنة 2005 عبارة عن ردات فعل على الاقتحامات والتوغلات، حتى أصبحت بعد ذلك تهاجم الجيش والمستوطنات، ضمن سلسلة عمليات كانت سببًا في خروج الاحتلال من غزة".

واستدرك أن عمل المقاومة في الضفة "بات عملاً منظمًا، وليس فرديًا، وهذا باعتراف جيش الاحتلال انهم يواجهون مقاومة منظمة".

وتوقع أبو شمالة أنه اذا "استمرت المقاومة في الضفة بهذا النسق فان جيش الاحتلال والمستوطنين لن يبقوا فيها أكثر من عامين، وسوف ينسحبوا منها كما انحسبوا من غزة"، وفق اعتقاده.

واعتبر ان "الانسحاب من الضفة يرعب الاحتلال وحلفاءه، خاصة أمريكا التي تريد أن تبقى المنطقة هادئة وساكنة، دون إزعاج لمخططاتها سواء الإقليمية أو الدولية".

 

مراكمة الإنجازات

من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي، إياد القرا، إن "المقاومة في الضفة الغربية راكمت الكثير من الإنجازات خلال الفترة الماضية، خاصة خلال العام الأخير، وبالتحديد منذ معركة سيف القدس (عدوان الاحتلال على غزة في أيار/مايو 2021)".

وأضاف القرا لـ"قدس برس" أن "المقاومة بنت تراكمها على أساس أن المواجهة مع الاحتلال في مناطق عدة أصبحت حتمية".

وأوضح أن هذه التراكمات "ساهمت في أن يكون هناك تطوير في الأدوات بشكل واضح في التصدي لعمليات الاقتحام، التي كانت مسلمات لجيش الاحتلال ومستوطنيه، سواء عبر اقتحام المدن الرئيسية أو المخيمات".

واستدرك: "اليوم لم يعد هذا الأمر (الاقتحامات) مثل الأمس، بالعكس؛ هناك قرارات من الاحتلال بوقف دخول المستوطنين لعمق المدن الفلسطينية خاصة في نابلس".

يذكر أن هيئة البث الإسرائيلية الرسمية /كان/، قالت في 29 أيلول/سبتمبر الماضي، أن جيش الاحتلال قرر منع المستوطنين من اقتحام منطقة "قبر يوسف"، إثر مخاوف على حياتهم .

وأشار القرا إلى أن "هناك أعدادًا كبيرة من المقاومين تنضم إلى صفوف المقاومة ضمن تجمعات وحدات قتالية، تضم كل الفصائل الفلسطينية، كما في جنين ونابلس، ما ساعد في العمل المشترك والتعاون بين المقاومين".

وبيّن أن "هناك قناعة تامة باتت لدى هؤلاء الشبان؛ أن الاحتلال يصل إليهم ويغتال رفاقهم، سواء شاركوا في التصدي او لم يشاركوا، لذلك اختاروا طريق التصدي وعدم الاستسلام".

وأردف أن "عمليات التصدي تتسع في مناطق مختلفة، وهي تردع الاحتلال عن القيام بعمليات اجتياح واسعة، كما حصل في جنين ونابلس، الأمر الذي بات يمثل عبئًا كبيرًا على الاحتلال".

ونوّه إلى أن "هذه العوامل ساهمت بشكل كبير في وجود مقاومة في الضفة الغربية، قادرة -على الحد الأدنى- على التصدي للاحتلال".

وأردف: "ذلك إلى جانب وجود حاضنة شعبية داعمة للمقاومة، ترفض بشكل كبير أي تدخل خارجي، كما جرى خلال اعتقال المقاوم مصعب اشتية"، مشيرًا إلى "أهمية وجود حاضنة شعبية للمطلوبين للاحتلال، أمثال فتحي خازم (أبو رعد)".

وتشهد الضفة الغربية تصاعدًا كبيرًا في عمليات المقاومة، على مستوى إطلاق النار، وإلقاء العبوات المتفجرة والحارقة، فيما بدأ جيش الاحتلال الإسرائيلي، منذ نيسان/أبريل الماضي، حملة عسكرية أطلق عليها اسم "كاسر الأمواج"، لمواجهة تصاعد أعمال المقاومة والعمليات الفدائية، خاصة في شمال الضفة الغربية.

تصنيفات :
مواضيع ذات صلة
بيانات تأييد الفصائل لـ"حماس".. ما دلالاتها السياسية والميدانية؟
يوليو 5, 2025
أجمعت فصائل فلسطينية بارزة على دعم موقف حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في تعاطيها مع المقترحات الدولية لوقف إطلاق النار في قطاع غزة. فقد توالت بيانات التأييد من مختلف القوى الوطنية والإسلامية، لتؤكد أن موقف "حماس" لا يعكس اجتهادًا فرديًا، بل يستند إلى غطاء سياسي وشعبي واسع يرى في المقاومة الخيار الجامع لحماية الحقوق الوطنية والتصدي
نشطاء وأكاديميون كويتيون: الابتعاث إلى جامعات تدعم إبادة غزة يتناقض مع قيم الإنسانية
يوليو 5, 2025
أكد نشطاء وأكاديميون كويتيون أن الصمت تجاه الجرائم المروعة التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في غزة لم يعد خيارًا أخلاقيًا، مشددين على أن الاستمرار في دعم أو تمويل المؤسسات المتورطة في تلك الجرائم ولو بشكل غير مباشر هو شكل من أشكال التواطؤ المرفوض. وفي ظل ما تكشفه التقارير الحقوقية من شراكات عسكرية وبحثية تجمع بين عدد
النجاة السياسية أم النصر الميداني؟ معضلة نتنياهو في عدوانه على غزة
يوليو 5, 2025
تتزايد التساؤلات حول كيفية موازنة رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بين طموحه السياسي الداخلي ورغبته الظاهرة بإنهاء الحرب، من دون أن يفقد صورته كـ"منتصر" أمام جمهوره. وفي ظل تحولات المزاج الشعبي الإسرائيلي والخسائر البشرية المتزايدة، تجد حركة "حماس" نفسها أمام تحدي المناورة في المفاوضات دون الوقوع في فخ الشروط الإسرائيلية. وبين هذه المفارقات، تتضح
قراءة في المقترح الأمريكي الجديد لوقف إطلاق النار في غزة
يوليو 3, 2025
في خضم تسريبات متزايدة حول تفاصيل الورقة الأمريكية لوقف إطلاق النار في غزة، تتحدث تقارير إعلامية عن مقترح مختلف من حيث الشكل والمضمون، تطرحه إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بصيغة تحمل ملامح تحول سياسي لافت. هذه الورقة، التي يُروّج لها على أنها اتفاق متكامل يمتد لـ60 يومًا، تتضمن بنودًا غير مسبوقة، كوقف شامل لإطلاق النار،
خبراء يحذرون: الاقتصاد في مناطق السلطة الفلسطينية ينهار وديون الموظفين قنبلة موقوتة
يوليو 1, 2025
"الاقتصاد الفلسطيني يواجه كارثة مالية وديونًا متراكمة تهدد بالانهيار البنيوي" – بهذه العبارة الصادمة افتتح البنك الدولي تقريره الأخير الصادر في حزيران/يونيو 2025، ليدق ناقوس الخطر بشأن الحالة الاقتصادية والمالية في مناطق السلطة الفلسطينية بالضفة الغربية المحتلة. غير أن الأزمة لم تعد في خانة التحذير، بل تحوّلت إلى واقع يومي يعيشه الفلسطينيون في الضفة الغربية،
"طوفان الأقصى".. سيناريوهات متوقعة وغير متوقعة بعد 630 يوما
يونيو 29, 2025
تُذكّرنا الحروب الكبرى دومًا بما قاله وزير الدفاع الأميركي الأسبق، روبرت مكنمارا، في وثائقي "ضباب الحرب" إن للحروب نتائج مقصودة، وأخرى غير مقصودة قد تكون أكثر تأثيرًا وخطورة . وهذا يتقاطع ويتصادى اليوم مع ما أحدثه السابع من أكتوبر في حرب غزة. فمنذ صباح طوفان السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، أصبح الشرق الأوسط يسير بتوقيت