تسليم جثامين قتلى الاحتلال… المقاومة تحترم الموتى والاحتلال يدفنهم في "مقابر الأرقام"

نابلس (فلسطين) - ضحى أبو زنط - قدس برس
|
فبراير 20, 2025 6:42 م
فتحت مشاهد تسليم جثث قتلى الاحتلال اليوم ملفاً منسياً يتعلق بجثامين مئات الشهداء الفلسطينيين المحتجزين لدى الاحتلال في "مقابر الأرقام"، مما يبرز التباين الأخلاقي العميق بين المقاومة الفلسطينية التي احترمت جثث قتلى العدو، وبين سلطات الاحتلال التي تحتجز جثامين الفلسطينيين في مقابر مهملة وتحرم عائلاتهم من حقهم في دفنهم بكرامة.
أخلاقيات المقاومة في مقابل انتهاكات الاحتلال
أكد الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني خالد معالي أن مشاهد تسليم جثامين القتلى الإسرائيليين تعكس "حرفية عالية لدى المقاومة، ومدى التزامها بالمعايير الإنسانية عبر مراعاة حرمة الموتى واحترام مشاعر عائلاتهم من خلال تسليم الجثامين في توابيت خاصة".
وأشار معالي إلى أن المقاومة، بقيادة حركة "حماس"، أظهرت تفوقًا واضحًا في إدارة ملف الصفقة مع الاحتلال، حيث نجحت في الحفاظ على الجثامين رغم ضراوة الحرب والدمار الذي لحق بقطاع غزة.
وفي حديث مع "قدس برس"، شدد معالي على أن تسليم جثامين قتلى الاحتلال يجب أن يُسلط الضوء على معاناة مئات العائلات الفلسطينية التي تتطلع لاستعادة جثامين أبنائها المحتجزة في "مقابر الأرقام".
وأضاف: "أرادت المقاومة أن ترسل رسالة واضحة بأن تعاملها مع جثث قتلى الاحتلال يتماشى مع معايير القانون الدولي والإنساني، على عكس الاحتلال الذي يواصل انتهاك كل المواثيق الدولية".
مقارنة بين التعامل الفلسطيني والإسرائيلي مع الجثامين
بدوره، علق الكاتب والمحلل السياسي محمد القيق على مشهد تسليم الرفات قائلاً: "احترام المقاومة للجثامين، وعرضها للصواريخ الإسرائيلية التي قتلتهم، يؤكد مصداقية الرواية الفلسطينية وإنسانية المقاومة. وإذا ما قارنّا هذا المشهد بشاحنات الاحتلال التي كانت تنقل جثامين الشهداء الفلسطينيين وترمي بهم عند المعابر، أو في المناطق المفتوحة، يتضح الفرق الكبير في المعايير الإنسانية والقانونية".
وأضاف القيق: "اليوم صعب فقط على نتنياهو، الذي فشل في استثمار الحرب، وكشفته المقاومة بحكمتها ودقتها"، مؤكدًا أن تسليم الجثامين يُعد رسالة واضحة لنتنياهو لوقف مغامراته الفاشلة، والتراجع عن رهاناته العسكرية التي انتهت بإخفاقات متتالية.
665 شهيدًا فلسطينياً محتجزون لدى الاحتلال
في أعقاب عملية تسليم جثث قتلى الاحتلال، أصدرت "الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء" بيانًا أكدت فيه أن الاحتلال الإسرائيلي يواصل احتجاز جثامين 665 شهيدًا فلسطينيًا في مقابر الأرقام والثلاجات.
وأشارت الحملة إلى أن بعض هذه الجثامين تعود إلى ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، وآخرهم شهداء مخيم الفارعة في الضفة الغربية الذين استشهدوا مؤخراً. كما أوضحت أن هذه الأرقام لا تشمل شهداء قطاع غزة المحتجزة جثامينهم، إذ لا تتوفر إحصاءات دقيقة حول أعدادهم.
يُذكر أن "مقابر الأرقام" هي مواقع دفن غير منظمة تحتجز فيها سلطات الاحتلال جثامين فلسطينيين وعرب، حيث تُعطى لكل جثة رقمًا بدلاً من اسمها، في انتهاك صارخ للقوانين الإنسانية والدولية.
وقامت "كتائب القسام"، الجناح العسكري لحركة "حماس" صباح اليوم الخميس، بتسليم جثامين أربعة أسرى إسرائيليين قتلوا خلال العدوان الإسرائيلي على غزة، في مراسم رسمية جرت في بلدة "بني سهيلا" شرق خان يونس.
وأقيمت المراسم في مقبرة "بني سهيلا" التي سبق أن تعرضت للتدمير والنبش من قبل قوات الاحتلال خلال اجتياحها للمنطقة، في مشهد يحمل دلالات إنسانية وأخلاقية واضحة.
وتأتي عملية تسليم الجثامين في إطار اتفاق وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ في 19 يناير 2025، منهياً 471 يومًا من الحرب الإسرائيلية على غزة، والتي أسفرت عن استشهاد وإصابة أكثر من 158 ألف فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال، بالإضافة إلى أكثر من 11 ألف مفقود، وسط دمار واسع ومجاعة قاتلة.
ويتألف الاتفاق من ثلاث مراحل، تمتد كل منها على مدار 42 يومًا، ويتضمن وقف العمليات العسكرية، وانسحاب جيش الاحتلال من المناطق المأهولة في غزة، وفتح معبر رفح، وتعزيز تدفق المساعدات الإنسانية، إضافة إلى تنفيذ عمليات تبادل الأسرى بين الجانبين.