الأسير الدكتور عبد الناصر عيسى... قائد "قسامي" ومفكر أكاديمي (بروفايل)
سيتنسم الحرية اليوم بعد 33 عاما

رام الله (فلسطين) - قدس برس
|
فبراير 22, 2025 2:04 م
يُعد الأسير الدكتور عبد الناصر عيسى، الذي يقضي عقوبته في سجون الاحتلال منذ 33 عامًا، من أبرز الأسرى الذين سيفرج عنهم اليوم. فهو أحد قادة "كتائب القسام" المرموقين ورفيق الشهيد المؤسس يحيى عياش، إضافة إلى كونه من أهم قادة الكتلة الإسلامية في جامعات الضفة الغربية خلال التسعينات.
حتى خلال فترة سجنه، ظل لعيسى تأثير كبير؛ فقد أسهم في تأسيس أول هيئة قيادية عليا لحركة "حماس" داخل السجون وانتُخب لرئاستها.
وُلد عبد الناصر عطا الله عيسى في الأول من تشرين الأول/أكتوبر 1968 في مخيم بلاطة بمدينة نابلس شمال الضفة الغربية، لعائلة لاجئة من "طيرة دندن" شمال شرق مدينة اللد المحتلة. ومنذ نشأته في المخيم، تشكلت شخصيته وانطلقت بدايات نضاله ضد الاحتلال.
تعرض الأسير لإصابات ناتجة عن طلقات نارية من قوات الاحتلال؛ فقد أصيب برصاصة في بداية شبابه عام 1982 في أثناء مشاركته في احتجاجات ردًا على مجزرتي صبرا وشتيلا في جنوب لبنان، وتعرض لإصابة أخرى عام 1988.
التحق في عام 1983 بجماعة "الإخوان المسلمين" في مساجد مخيم بلاطة، وتعرض لاعتقالات متكررة؛ الأولى عام 1985، والثانية عام 1986. وخلال تلك الفترة، التقى الشهيد القائد جمال منصور الذي أسهم في صقل خبراته. وفي اعتقاله الثالث عام 1988، وجهت إليه تهم إعداد عبوة ناسفة وصناعة قنابل "المولوتوف" ورميها على دوريات جنود الاحتلال؛ ما قاده لقضاء سنوات طويلة في السجن تحت ظروف قاسية، مع هدم منزل أسرته، وتوالى الاعتقالات عليه.
وبعد الإفراج عنه عام 1994، انضم فورا إلى "كتائب القسام"، الجناح العسكري لحركة "حماس"، وتواصل مع قائد أركانها آنذاك محمد الضيف لإعادة تفعيل خلايا "القسام" في الضفة الغربية. كما جمع بين صفوفه الشهيد المهندس يحيى عياش، مما عزز مكانته، وجعله على رأس سجلات المطاردة الإسرائيلية، حيث أصبح المطلوب الثاني بعد عياش.
وصفت سلطات الاحتلال دوره بأنه "مطلوب بالغ الخطورة" لدوره في تدريب وقيادة خلايا عسكرية نفذت عمليات تفجيرية داخل الأراضي المحتلة منذ عام 1948. وفي 19 آب/أغسطس 1995، اعتُقل مجددًا بتهمة التخطيط لتنفيذ عمليتي "رمات غان" و"رمات أشكول"، اللتين أسفرتا عن مقتل 12 إسرائيليًا وإصابة العشرات، ما أسفر عن إصدار حكم بالسجن المؤبد مرتين، إضافة إلى 7 سنوات أخرى.
خلال سنوات اعتقاله المؤلمة، قضى عبد الناصر عيسى فترات طويلة في العزل الانفرادي، وحرِم من الزيارات المتقطعة. وفي تلك الفترة، فقد والديه؛ إذ توفي والده عام 2006 قبل أن يتمكن من زيارته، فيما رحلت والدته عن الحياة عام 2017.
أدواره القيادية داخل السجون
برز الأسير عبد الناصر عيسى داخل جدران السجون؛ ففي عام 2005 كان من مؤسسي أول هيئة قيادية عليا لحركة حماس داخل السجون وانتُخب لرئاستها. وفي الدورة السادسة بين عامي 2015 و2017، انتُخب منسقًا عامًا للهيئة العليا لحماس في السجون ونائبًا لرئيسها، كما تقلد مسؤولية مهمة في اللجنة السياسية خلال الفترة من 2019 إلى 2021، إلى جانب متابعته الملف الخاص بالتعليم الأكاديمي داخل السجون.
المسيرة التعليمية والثقافية
على الصعيد الأكاديمي، حصل الأسير عبد الناصر عيسى على درجة البكالوريوس في العلوم السياسية من الجامعة العبرية عام 2007، بعدما استغرق سبع سنوات لإكمال دراسته نتيجة العقوبات والسجن التي أعاقت مسيرته التعليمية. كما أسس مركزًا للدراسات يُعنى بالنشاط الفكري والتقدم العلمي وتعزيز "الفكر المقاوم لسياسات الاحتلال"، وتولى تحرير مجلة "حريتنا" الخاصة بالحركة الأسيرة.
ساهم أيضًا في تأليف كتاب "مقاومة الاعتقال" إلى جانب الأسيران القائدان مروان البرغوثي وعاهد غلمة، وساهم في إعداد ثلاثة مجلدات بدأ نشرها عام 2018. ومن ثم، شرع في دراسة الماجستير في دراسات الديمقراطية عام 2009، إلا أن مصلحة السجون الإسرائيلية استبعدته لأسباب أمنية، وفقًا للسلطات التي حرصت على استثنائه من صفقة التبادل عام 2011.
رغم ذلك، تمكن في عام 2014 من استكمال مسيرته التعليمية بنيل شهادة الماجستير في "الدراسات الإسرائيلية" من جامعة القدس في أبو ديس، والحصول لاحقًا على درجة الدكتوراه. وفي عام 2022، أصدر كتابه "وفق المصادر"، الذي يُعد الجزء الخامس من سلسلة بدأ نشرها عام 2018، إلى جانب مؤلفات أخرى مثل "مقالات حرة" و"دراسات حرة"، إضافة إلى عدة أبحاث محكمة.