عائلة سناكرة في مخيم بلاطة.. تضحيات متواصلة في وجه الاحتلال

قدّمت عائلة سناكرة في مخيم بلاطة للاجئين شرق مدينة نابلس، شهيدها الثالث، لتجسد نموذجًا للتضحية والانتماء الوطني. فقد ارتقى نجلها محمود سناكرة شهيدًا خلال اشتباك مسلح مع قوات الاحتلال.
في فجر الخميس الماضي، توغلت قوة خاصة تابعة لجيش الاحتلال داخل مخيم بلاطة، حيث حاصرت المكان الذي كان يتواجد فيه محمود (25 عامًا)، قبل أن تتدفق العشرات من الآليات العسكرية إلى المنطقة، ما أدى إلى اندلاع اشتباكات عنيفة انتهت باستشهاده.
لم يكن محمود غريبًا عن المواجهة؛ فقد أمضى ثلاث سنوات في سجون الاحتلال، قبل أن يُفرج عنه في 10 تموز/يوليو 2022. لكن سرعان ما أصبح خلال الأشهر التالية من المطاردين والمنخرطين في صفوف المقاومة داخل المخيم.
إرث الشهادة في عائلة سناكرة
لم تكن هذه هي المرة الأولى التي تفقد فيها العائلة أحد أبنائها. فقد بدأت رحلتها مع الشهادة قبل نحو عقدين، حينما كان محمود طفلًا لا يتجاوز السادسة من عمره. حينها، استشهد شقيقه إبراهيم أثناء محاولته إنقاذ شقيقه الآخر أحمد، الذي تعرض لمحاولة اغتيال أصيب خلالها بجروح خطيرة. لكن القدر كتب لإبراهيم الشهادة، بينما واصل أحمد مسيرته النضالية حتى ارتقائه لاحقًا.
الشهيد أحمد سناكرة.. مطارد عاش تحت الركام
يعتبر أحمد سناكرة (22 عامًا) أحد أبرز رموز المقاومة في مخيم بلاطة، إذ نجا من محاولات اغتيال عديدة، حيث استهدفته قوات الاحتلال أكثر من 10 مرات، وأصيب خلالها خمس مرات بجروح خطيرة، لكنه نجا في كل مرة.
في إحدى المحطات الفاصلة بمسيرته، حاصرته قوات الاحتلال في مقر المقاطعة التابع للسلطة شرق نابلس، وشرعت بقصفه وهدمه على من فيه. ومع استسلام معظم المطلوبين، رفض أحمد ذلك، وبقي وحيدًا تحت الأنقاض لأكثر من ثلاثة أيام قبل أن ينجو من الموت.
لكن في 18 كانون الثاني/يناير الماضي، كانت المواجهة الأخيرة، حينما حاصرت قوات الاحتلال منزله في مخيم بلاطة. خاض أحمد اشتباكًا مسلحًا عنيفًا انتهى بارتقائه شهيدًا.
عائلة سناكرة.. تاريخ من الصمود
تنحدر عائلة سناكرة من بلدة المويلح (عرب الجرامنة)، إحدى ضواحي يافا، والتي هجّرت منها عام 1948، لتستقر في مخيم بلاطة بانتظار العودة. وكحال الكثير من العائلات الفلسطينية المهجرة، حملت العائلة إرث النضال في وجه الاحتلال.
لم تقتصر استهدافات الاحتلال على الشهداء الثلاثة فقط، بل تعرض منزل العائلة لعمليات نسف وتدمير متكررة، فيما قضى شقيقهم الأكبر علاء سناكرة سنوات طويلة مطاردًا من الاحتلال، بعد اتهامه بقيادة كتائب شهداء الأقصى وتنفيذ عمليات فدائية. كما شملت الملاحقات والاعتقالات أقاربهم من أعمام وأخوال، في ظل حملات عسكرية استهدفت حارة الجرامنة، التي شهدت دمارًا واسعًا خلال انتفاضة الأقصى.