تجويع غزة في رمضان.. على ماذا يراهن الاحتلال؟

أقدمت حكومة الاحتلال الإسرائيلي على وقف دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، في وقت يواجه فيه السكان كارثة غير مسبوقة، تفاقمت بفعل الحصار والعدوان المستمر. يأتي هذا القرار مع حلول شهر رمضان المبارك، ليضيف بعدًا جديدًا من القسوة والاستهداف الممنهج لأبسط حقوق الفلسطينيين في الحياة الكريمة.

وبينما تتصاعد التحذيرات من كارثة إنسانية حقيقية، تتواصل الدعوات لضرورة تحرك المجتمع الدولي والمؤسسات الإغاثية للضغط على الاحتلال من أجل السماح بإيصال المساعدات، خاصة في ظل استمرار استخدام الغذاء والدواء كسلاح لإخضاع الشعب الفلسطيني.

في هذا السياق، يؤكد ناشطون وباحثون أن هذه السياسة ليست إلا امتدادًا لمحاولات فاشلة سابقة، وأن رهان الاحتلال على كسر إرادة غزة عبر التجويع والعقوبات الجماعية لن ينجح، تمامًا كما فشلت رهاناته العسكرية والسياسية على مدار الأشهر الماضية.

كسر إرادة غزة

واعتبر الناشط الكويتي في العمل الخيري والإغاثي، عثمان الثويني، أن "قرار حكومة الاحتلال بوقف دخول المساعدات إلى غزة، في هذا التوقيت الحساس وخلال شهر رمضان المبارك، يعكس مستوى غير مسبوق من الوحشية والاستخفاف بحياة المدنيين الأبرياء".

وفي حديثه لـ"قدس برس"، أكد الثويني أن "هذا القرار لا يقتصر على تجويع أهالي غزة، بل يستهدف كسر إرادتهم وتجريدهم من أبسط مقومات الحياة، في انتهاك صارخ لكل القوانين والأعراف الإنسانية".

وأضاف أن "استخدام الغذاء والدواء كسلاح ضد شعب محاصر يعاني من كارثة إنسانية غير مسبوقة، وسط صمت دولي مخجل، يستوجب تحركًا جادًا من جميع القوى الحرة في العالم".

ودعا الثويني المؤسسات الإنسانية والمجتمع الدولي إلى "التحرك العاجل للضغط من أجل إيصال المساعدات، خصوصًا في هذا الشهر الفضيل الذي يجسد معاني الرحمة والتضامن".

وشدد على أن "غزة لن تُكسر، ولن يكون رمضان شهر تجويع، بل شهر صبر وثبات"، داعيًا الأمة الإسلامية إلى "تحمل مسؤولياتها في دعم الأشقاء الفلسطينيين بكل الوسائل الممكنة".

رهان خاسر

من جهته، أكد الباحث في مؤسسة "القدس الدولية"، علي إبراهيم، أن "سلطات الاحتلال، رغم حربها المستمرة على غزة، لم تنجح في كسر عزيمة المقاومة أو فرض مخططاتها سواء بالقضاء عليها أو تهجير الفلسطينيين من القطاع".

وأوضح إبراهيم في حديثه لـ"قدس برس"، أن "الاحتلال سبق أن استخدم سلاح “التجويع” لإخضاع غزة، لكنه فشل، وها هو اليوم يعيد المحاولة مجددًا مع بداية شهر رمضان، في محاولة رخيصة لحرمان الفلسطينيين من أي فرصة لحياة طبيعية، وإشعال السخط الشعبي ضد المقاومة، وهو رهان خاسر مجددًا".

وأشار إلى أن "هذا القرار يشكل انتهاكًا صارخًا لمبادئ حقوق الإنسان والقانون الدولي، إذ يؤدي إلى تفاقم معاناة المدنيين في ظل أوضاع إنسانية واقتصادية كارثية، مما يستدعي ضمان وصول المساعدات بشكل غير مشروط للحفاظ على أرواح الأبرياء وتخفيف الأزمة".

كما شدد إبراهيم على أن "هذه القرارات تضع جهود الوسطاء على المحك، خاصة أن الاحتلال استمر في خروقاته لاتفاق وقف إطلاق النار، مما يجعل استكمال الاتفاق في مراحله اللاحقة موضع اختبار حقيقي".

وأضاف أن "نجاح أي وساطة مرهون بمدى قدرة الضغوط الدولية على إرغام الاحتلال على الالتزام بتعهداته"، مشيرًا إلى أن "الانحياز الأمريكي الدائم لإسرائيل يعرقل أي جهود للوصول إلى اتفاق شامل يضمن إنهاء العدوان، وإعادة الإعمار، وحماية الفلسطينيين من مخططات التهجير".

وقرر رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو صباح أمس الأحد وقف إدخال المساعدات الإنسانية كافة إلى غزة، وإغلاق المعابر مع القطاع.

وجاء في بيان مكتب نتنياهو "مع انتهاء المرحلة الأولى من صفقة الأسرى، ورفض حماس مقترح، ويتكوف لاستمرار المفاوضات الذي وافقت عليه إسرائيل، قرر رئيس الوزراء نتنياهو وقف إدخال كافة البضائع والإمدادات إلى قطاع غزة اعتباراً من صباح اليوم".

وخلّف عدوان الاحتلال الإسرائيلي بين 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 و19 كانون الثاني/يناير الماضي، بمساندة الولايات المتحدة وبريطانيا وعدد من الدول الأوروبية، أكثر من 160 ألف شهيد وجريح فلسطيني معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.

وسوم :
تصنيفات :
مواضيع ذات صلة
طلاب مؤيدون لفلسطين في أستراليا: انتقاد الإبادة في غزة لا يُعد معاداة للسامية
أبريل 23, 2025
دعت اتحادات طلابية ومنظمات داعمة للقضية الفلسطينية في أستراليا إلى سحب تعريف جديد لمعاداة السامية اعتمدته بعض الجامعات، محذرين من أنه قد يؤدي إلى الخلط بين انتقاد سياسات "إسرائيل" والتعبير عن كراهية اليهود كشعب. وأصدر تحالف مكوَّن من 26 جمعية طلابية إسلامية و35 مجموعة مؤيدة لفلسطين بيانًا مشتركًا نشره موقع /ميدل إيست آي/ البريطاني اليوم
صحة غزة: الاحتلال استهدف بغارة ألواح الطاقة البديلة في مستشفى الدرة للأطفال
أبريل 22, 2025
كشف المتحدث باسم وزارة الصحة في قطاع غزة، أشرف القدرة، الثلاثاء، عن استهداف غارة لجيش الاحتلال مستشفى الدرة للأطفال في قطاع غزة. وقال القدرة في تصريح مقتضب، إن غارة لجيش الاحتلال استهدفت ألواح الطاقة البديلة بمستشفى الدرة للأطفال بحي التفاح شرق مدينة غزة وسط القطاع. وكان الاحتلال الإسرائيلي قد استأنف، فجر 18 آذار/ مارس 2025،
عشائر غزة تطالب الهيات الدولية والعربية بفرض إدخال المساعدات إلى غزة
أبريل 22, 2025
طالبت العشائر الفلسطينية في قطاع غزة، الثلاثاء، الهيات الدولية والعربية كافة، بفرض إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة. وقال المفوض العام للهيئة العليا لشؤون العشائر في قطاع غزة، عاكف المصري، إنه "في ظل الكارثة الإنسانية المتفاقمة التي يشهدها قطاع غزة، ومع تفشي شبح المجاعة الذي يهدد حياة مئات الآلاف من أبناء شعبنا". وتوجه مفوض عام
مركز حقوقي: تدمير المعدات الثقيلة بغزة سياسة ممنهجة لمنع الإنقاذ وفتح الطرق
أبريل 22, 2025
اعتبرت مؤسسة حقوقية فلسطينية تدمير الدولة العبرية الممنهج للجرافات والمعدات المستخدمة في الإنقاذ يعكس مضيها في جريمة الإبادة الجماعية. وندد المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان في بيان له اليوم الثلاثاء بأشد العبارات تدمير قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي عددًا من الجرافات والمعدات الثقيلة المستخدمة في أعمال الإنقاذ وفتح الطرق وإزالة الأنقاض في قطاع غزة. وشدد على أن
"سرايا القدس" تعلن السيطرة على مسيرة "إسرائيلية" بغزة
أبريل 22, 2025
أعلنت "سرايا القدس" الجناح العسكري لحركة "الجهاد الإسلامي"، مساء اليوم الثلاثاء، "السيطرة على مسيرة تابعة للاحتلال في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة". وفي منشور على تلغرام، قالت "سرايا القدس" إنها "سيطرت على طائرة استطلاعية صهيونية من نوع (Matrice 350 RTK) خلال تنفيذها مهام استخباراتية متعددة في سماء مدينة خانيونس". وكانت "سرايا القدس" قد بثّت
هل بدأ الاحتلال فعلياً بتقويض السلطة الفلسطينية؟
أبريل 22, 2025
رأى متابعون ومحللون التقتهم "قدس برس"، أن "ممارسات الاحتلال الإسرائيلي الأخيرة بحق عدد من رموز السلطة الفلسطينية، من تقييد لحركتهم وتنقلهم وعرقلة مهامهم، بالتزامن مع تفشي الاستيطان وازدياد وتيرة المشاريع والانتهاكات الاستيطانية في الضفة الغربية، تؤشر إلى نوايا حقيقية تستهدف تقويض السلطة الفلسطينية وربما تصفيتها". حيث قال الكاتب والمتابع للشأن "الإسرائيلي"، محمد أبو علان، إن