هل تنجح الخطة المصرية في إعادة إعمار قطاع غزة؟

قال محللون سياسيون إن صعوبات كبيرة تواجه الدول العربية التي تسعى إلى تعزيز الموقف الفلسطيني، في ظل التحديات المستمرة التي يفرضها الاحتلال الإسرائيلي، من خلال العديد من المبادرات والخطط، أبرزها الخطة المصرية المدعومة عربياً لإغاثة وإعادة إعمار قطاع غزة.

ورغم الدعم العربي، تظل القدرة على تنفيذ هذه الخطة مرهونة بالعديد من العوامل الداخلية والخارجية التي قد تؤثر على تحقيق أهدافها.

نقلة نوعية

وقال الكاتب والمحلل السياسي إياد القرا إن "الخطة المصرية المدعومة عربياً تمثل خطوة هامة لتعزيز الموقف الفلسطيني، خاصة في مواجهة تحديات الاحتلال الإسرائيلي وسياسات التهجير التي سعت إدارة ترامب إلى دعمها".

وفي حديثه مع "قدس برس"، أضاف القرا أن "هذه الخطوة تهدف أيضاً إلى تثبيت ما تم الاتفاق عليه مسبقاً مع الجانب الإسرائيلي، وتمهيد الطريق لبدء عملية إعادة إعمار ما دمره الاحتلال في قطاع غزة".

وأكد القرا أن "إعادة الإعمار تعد خطوة حيوية للقطاع، ليس فقط في جوانب البنية التحتية، بل أيضاً لتحسين الأوضاع المعيشية التي تفاقمت جراء الحرب الإسرائيلية الأخيرة، التي استمرت نحو عام ونصف".

وأوضح أن "سرعة تنفيذ هذه العملية باتت أمراً ضرورياً لتخفيف المعاناة الإنسانية وضمان استقرار أفضل لسكان غزة".

وأشار إلى أن الخطة المصرية، "إذا نُفذت بدقة وبالتعاون مع الأطراف المعنية، قد تمثل نقلة نوعية تسهم في تحسين الواقع الفلسطيني وتعزيز صمود الشعب في مواجهة الاحتلال".

وأوضح أن "نجاح الخطة يعتمد بشكل كبير على التزام الدول العربية بدعمها والعمل على إقناع الولايات المتحدة بأهميتها كخطوة نحو تعزيز الاستقرار والسلام في المنطقة".

وختم قائلاً: "في حال غياب هذا الدعم، قد تجد إسرائيل نفسها في موقع يمكنها من الإبقاء على المنطقة تحت تهديد دائم من الحرب والقتال في غزة. وبالتالي، يتطلب نجاح الخطة حواراً جاداً وتوافقاً إقليمياً ودولياً لتوفير فرص مستقبل أكثر استقراراً وأقل عرضة للاضطرابات".

ضبابية القرارات

من جانبه اعتبر أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأمة في غزة إياد القطراوي، أن "قرارات القمة العربية الطارئة بشأن غزة التي انعقدت في القاهرة جاءت ضبابية وغير واضحة، رغم تركيزها على قضايا حيوية تخص مستقبل غزة، مثل الإغاثة الطارئة، إعادة الإعمار، رفض استخدام الحصار وتجويع المدنيين كأداة لتحقيق أهداف سياسية، ورفض محاولات تغيير التركيبة السكانية في الأراضي الفلسطينية".

وأضاف في حديث ل"قدس برس" أن الخطة تطرقت إلى "ضرورة تحقيق السلام العادل والشامل، وأكدت على حق الشعب الفلسطيني في الحرية والسيادة على ترابه الوطني وحق العودة، بالإضافة إلى تمويل إنشاء الميناء البحري".

ومع ذلك، أشار القطراوي إلى أن هذه القرارات "لم تتناول العديد من القضايا الجوهرية بشكل كافٍ، مثل قدرة الدول العربية على تنفيذ هذه القرارات في ظل الرفض الصهيوني والعنجهية الأمريكية. كما لم تتم معالجة سبل الضغط الفعالة على “إسرائيل” على المستوى الدولي لوقف انتهاكاتها بحق الفلسطينيين وتحديها للقانون الدولي".

وتابع أنها "لم تُعطَ الأولوية اللازمة لإعادة بناء غزة بشكل شامل ومستدام، مع وضع خطط طويلة المدى لتحسين البنية التحتية والاقتصاد المحلي".

وأضاف أنه "غابت الآليات التي تضمن تحقيق الوحدة بين الفصائل الفلسطينية، مثل حركتي فتح وحماس، وهو أمر أساسي لاستقرار غزة على المدى الطويل".

وقال القطراوي، إن الخطة "لم تتطرق بشكل عميق إلى مسألة فتح المعابر بشكل دائم وتوسيع حركة التجارة والسلع في غزة، إضافة إلى التخفيف من الحصار الاقتصادي الذي يعاني منه القطاع".

وأوضح أنها "لم تناقش القمة بشكل كافٍ دور الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في التأثير على الوضع في غزة، ولا كيفية تغيير المواقف الدولية لدعم القضية الفلسطينية".

وتابع أنه "لم تولِ الاهتمام الكافي لمناقشة السيادة الفلسطينية على غزة بشكل مستقل، أو كيفية التصدي للمشاريع السياسية التي تهدف إلى تقليص هذه السيادة أو تقسيم الأراضي الفلسطينية".

وأكد القطراوي أن "تنفيذ هذه القرارات يتأثر بعدة عوامل رئيسية، أبرزها التحرك العربي الجماعي والتوافق بين الدول العربية، فضلاً عن التعاون الفعّال من الجميع".

ومع ذلك، يرى أن "هذه العوامل قد تكون صعبة في ظل الانقسامات السياسية والتوترات الداخلية بين بعض الدول العربية، وكذلك في ضوء قدرتهم المحدودة على التأثير على القوى الكبرى المنحازة علنًا لإسرائيل".

كما أشار إلى أن "الأزمات الاقتصادية الداخلية التي تعاني منها العديد من الدول العربية تمنعها من تقديم الدعم الاقتصادي لغزة، فضلاً عن غياب الآليات الفعّالة لتنفيذ تلك القرارات على الأرض".

وأضاف القطراوي أنه "حتى في حال وجود توافق على مستوى القمة، تبقى آليات التنفيذ محدودة بسبب العوامل الداخلية والخارجية التي قد تؤثر على القدرة على اتخاذ إجراءات ملموسة. كما تتفاوت استجابة الدول وفقًا لمصالحها السياسية والاقتصادية، في ظل غياب آليات تنفيذية موحدة، مما يجعل تفعيل القرارات صعبًا في ظل القوة والعنجهية الصهيونية والأمريكية".

وسوم :
تصنيفات :
مواضيع ذات صلة
عنف المستوطنين يتواصل.. إطلاق نار وسرقة وتخريب في رام الله والخليل
يونيو 27, 2025
شهدت مناطق عدة في الضفة الغربية، الجمعة، سلسلة اعتداءات عنيفة نفذها مستوطنون "إسرائيليون" مسلحون بحق المواطنين الفلسطينيين وممتلكاتهم، تخللتها أعمال ترويع وتخريب متعمد. ففي بلدة "شقبا" غرب رام الله، هاجم عدد من المستوطنين مجموعة من المواطنين أثناء تواجدهم في أراضيهم الزراعية شمال غرب البلدة. وقام المستوطنون بطرد أصحاب الأرض تحت تهديد السلاح، حيث أظهر مقطع
البرازيل.. مظاهرة حاشدة أمام القنصلية الأميركية في ساو باولو رفضا للعدوان على غزة
يونيو 27, 2025
شارك العشرات من النشطاء البرازيليين والمنظمات السياسية والنقابية، اليوم الجمعة، في تظاهرة جماهيرية أمام القنصلية الأمريكية في مدينة ساو باولو (جنوب شرق البرازيل)، احتجاجا على استمرار العدوان "الإسرائيلي" على قطاع غزة، والدعم الأميركي اللامحدود لحكومة الاحتلال. وجاءت التظاهرة بدعوة من قوى يسارية وحركات اجتماعية، بينها الحزب الشيوعي الثوري (P.C.O)، ومركز النقابات الشعبية  (CSP Conlutas)، ومجموعة
لازاريني: نظام توزيع المساعدات الجديد في غزة تحوّل إلى "ساحة قتل"
يونيو 27, 2025
قال المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، فيليب لازاريني، الجمعة، إن نظام توزيع المساعدات الجديد في قطاع غزة، الذي بدأ تطبيقه قبل نحو شهر، أدى إلى "مقتل أكثر من 400 شخص من المدنيين الجوعى". وأضاف لازاريني في منشور عبر حسابه الرسمي على منصة "إكس"، أن هذا النظام أصبح "ساحة قتل" بدلا
غوتيريش: البحث عن الطعام في غزة لا يجب أن يكون "حكما بالإعدام"
يونيو 27, 2025
ندد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الجمعة، بالوضع الإنساني الكارثي في قطاع غزة. وأكد غوتيريش أن السعي للحصول على الطعام لا يجب أن يُعرّض الناس للموت، محذرا من أن آليات توزيع المساعدات الحالية في القطاع تؤدي فعليا إلى قتل المدنيين. وقال في تصريح للصحفيين من نيويورك: "يُقتل الناس لمجرد محاولتهم إطعام عائلاتهم وأنفسهم. لا
الاتحاد الأوروبي يندد بعنف المستوطنين في الضفة الغربية ويدعو "إسرائيل" إلى التحرك
يونيو 27, 2025
أعرب الاتحاد الأوروبي عن قلقه البالغ إزاء التدهور السريع للأوضاع في الضفة الغربية المحتلة، محذرا من تصاعد غير مسبوق في اعتداءات المستوطنين "الإسرائيليين" ضد الفلسطينيين، والتي كان آخرها استشهاد ثلاثة مواطنين في بلدة كفر مالك شرق رام الله، يوم الأربعاء الماضي. وفي بيان رسمي، قال المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي، أنور العنوني، إن "موجة العنف والترويع
"الإعلامي الحكومي" يحذر من مواد مخدرة في معونات غذائية مصدرها الاحتلال
يونيو 27, 2025
أعرب المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، الجمعة، عن بالغ القلق والاستنكار إزاء العثور على أقراص مخدرة من نوع "أوكسيكودون" داخل أكياس طحين وزّعت على المواطنين عبر ما وُصف بـ"مراكز المساعدات الأمريكية-الإسرائيلية"، التي تُعرف شعبيا باسم "مصائد الموت". وأوضح المكتب أن التحقيقات وثّقت حتى الآن أربع إفادات منفصلة لمواطنين عثروا على هذه الأقراص داخل أكياس الطحين،