الطموحات الإسرائيلية في الوصول إلى "الفرات" وخيارات بسط النفوذ

تتجدد بين الحين والآخر التكهنات حول الطموحات التوسعية الإسرائيلية، لا سيما فيما يتعلق بوصولها إلى نهر الفرات عبر الأراضي السورية. وبينما يرى بعض المحللين أن هذه الأفكار لا تعدو كونها أوهامًا، يعتقد آخرون أن إسرائيل قد تعتمد نهجًا اقتصاديًا بديلًا عن السيطرة الجغرافية المباشرة.

التوسع الجغرافي بين الحلم والواقع
يرى المحلل السياسي والكاتب السوري نوار نجمة أن فكرة التوسع البري لإسرائيل كانت حلمًا تقليديًا، لكنه بات مستحيلًا في ظل الظروف الراهنة. ويوضح نجمة أن "إسرائيل، وبعد حرب استمرت لعامين، تواجه إنهاكًا عسكريًا وسياسيًا، مما يجعل أي مشروع توسعي مباشر أمرًا بعيد المنال. ورغم الدعم السياسي العالمي الذي تحظى به، فإن التأييد الشعبي لهذا التوسع يبدو محدودًا".

في المقابل، يشير نجمة إلى أن إسرائيل قد تتجه نحو السيطرة الاقتصادية عبر تعزيز علاقاتها مع مناطق مثل شمال شرق سوريا وكردستان العراق، وحتى دول الخليج مستقبلًا. ويرى أن "هذا الامتداد الاقتصادي أكثر واقعية من التوسع العسكري".

سوريا.. جسر أم عائق؟
وتساءل نجمة في حديث مع "قدس برس": "هل ستكون سوريا جسرًا للوصول إلى الفرات من الناحية الجغرافية؟ نعم، سوريا تمثل هذا الجسر، لكن السؤال الأهم: إلى أي مدى تستطيع إسرائيل عبوره؟".

ويؤكد نجمة أن "سوريا اليوم مختلفة جذريًا عما كانت عليه خلال حكم الرئيس المخلوع بشار الأسد، الذي كان مستبدًا داخليًا وضعيفًا خارجيًا، وهو ما كان يتماشى مع المصالح الإسرائيلية، حيث وجدت في الأنظمة الاستبدادية أدوات لتحقيق أجنداتها عبر جيوش موالية تسيطر على الشعوب العربية".

ويضيف أن "الوضع تغير الآن، إذ يحظى النظام السوري الحالي بتأييد شعبي كبير، وهو ما يثير قلق إسرائيل أكثر من أي وقت مضى". كما يشير إلى أن "تل أبيب لا تخشى فقط الطابع الإسلامي للنظام السوري، بل أيضًا استناده إلى إرادة شعبية قد تدفعه لدعم القضية الفلسطينية بشكل أكبر والعمل على تحرير الأراضي السورية المحتلة".

النزعات الانفصالية.. حقيقة أم وهم؟
فيما يتعلق بالنزعات الانفصالية داخل سوريا، شدد نجمة على أنه "لا يوجد مشروع انفصال حقيقي في السويداء (جنوب سوريا حيث يتمركز الدروز)، بل مجرد تصريحات تصدر عن شخصيات لا تحظى بقاعدة شعبية واسعة".

وأضاف: "المرجعيات الدرزية الكبرى ترفض التقسيم، رغم تحفظها على الوضع السياسي الحالي. كما أن السويداء لا تمتلك مؤسسات انفصالية أو مقومات اقتصادية كافية، مثل النفط أو الزراعة، مما يجعل انفصالها أمرًا غير واقعي".

وأشار إلى أن الموقع الجغرافي للسويداء يجعلها محط اهتمام إسرائيلي، خاصة لقربها من دروز فلسطين والجولان المحتل. لكنه تساءل عما إذا كانت التحركات الإسرائيلية الأخيرة مجرد وسيلة للضغط السياسي على حكومة دمشق، التي تعتبرها إسرائيل ضعيفة، سعيًا للحصول على تنازلات أو اتفاقيات تخدم مصالحها.

النفوذ الإسرائيلي في الجنوب السوري
بدوره، يرى المحلل السياسي السوري عرابي عرابي أن إسرائيل تحاول بسط نفوذها في السويداء تحت ذريعة حماية الدروز، "لكنها تواجه عقبات حقيقية، فالمجتمع الدرزي في سوريا كان دائمًا عنصر توحيد، ولم يكن يومًا بيئة حاضنة للمشاريع الإسرائيلية".

ويؤكد عرابي أن إسرائيل قد تستغل قضية الأقليات كذريعة للتدخل، إلا أن هدفها الحقيقي يتمثل في منع عودة النفوذ الإيراني إلى الجنوب السوري. كما يشير إلى أن بعض الشخصيات الدرزية التي تواصلت مع الاحتلال لا تملك قواعد شعبية حقيقية، مما يحد من تأثيرها في المنطقة.

أما بخصوص احتمال التوسع الإسرائيلي في سوريا، فيؤكد عرابي أن "ذلك غير ممكن من الناحية العملية، إلا أن تل أبيب قد تسعى لإنشاء كانتون موالٍ لها في الجنوب السوري".

وفي ظل المعطيات الحالية، تصطدم الطموحات الإسرائيلية في التوسع الجغرافي نحو الفرات بواقع غير مواتٍ، مما يدفعها للبحث عن خيارات أخرى لبسط نفوذها. وتبقى سوريا عنصرًا محوريًا في هذه المعادلة، حيث يمكن لمواقفها أن تؤثر بشكل مباشر على أي تحركات إسرائيلية محتملة في المنطقة.

 

تصنيفات :
مواضيع ذات صلة
"حماس" تثمن المواقف العربية المنددة بالعدوان على غزة
مارس 18, 2025
ثمّنت حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، الثلاثاء، المواقف العربية والإسلامية والدولية المندّدة والرافضة "لاستئناف نتنياهو وحكومته المتطرّفة عدوانها المتوحّش، بعد انقلابها على اتفاق وقف إطلاق النار في غزة". ودعت "حماس" الدول الصديقة والداعمة لعدالة القضية الفلسطينية إلى "ممارسة الضغوط على الإدارة الأمريكية لوقف هذا العدوان وحرب الإبادة الجماعية ضد المدنيين العزّل". وطالبت الأمم المتحدة، بمختلف مؤسساتها
60 ألفا يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في المسجد الأقصى
مارس 18, 2025
أدى 60 ألف مصل صلاتي العشاء والتراويح في اليوم الثامن عشر من شهر رمضان الفضيل، في رحاب المسجد الأقصى المبارك، في ظل الإجراءات العسكرية المشددة التي تفرضها قوات الاحتلال الإسرائيلي على الوصول إلى المسجد. وقدّرت دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس (تابعة للأردن) أن "نحو 60 ألف مصل أدوا صلاتي العشاء والتراويح في رحاب المسجد الأقصى،
غوتيريش: نشهد معاناة لا تطاق في غزة
مارس 18, 2025
قال أمين عام الأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الثلاثاء، إننا "نشهد وضعا عانى فيه الشعب الفلسطيني معاناة لا تُطاق مع الغارات الجوية التي أودت بحياة المئات والمساعدات الإنسانية ما زالت محظورة". وأضاف غوتيريش، أن "دور الأمم المتحدة هو بذل قصارى جهدها لإقناع الأطراف، ودفع المجتمع الدولي للضغط من أجل 3 جوانب أساسية". وأوضح أن الجوانب تتمثل
حمدان: الاحتلال واهم إذا ظن أنه سيضغط علينا بتصعيد عملياته العسكرية
مارس 18, 2025
قال القيادي في حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، أسامة حمدان، الثلاثاء، إن الاتصالات مع الأشقاء في قطر ومصر مستمرة للجم العدوان "الإسرائيلي" على الشعب الفلسطيني. وأضاف حمدان، أن الحركة "منفتحة على أي جهد يعيد اللحمة للشعب الفلسطيني لمواجهة العدو الإسرائيلي". وأوضح أن "تهجير آلاف الفلسطينيين في الضفة تم تحت سمع وبصر السلطة دون أن تحرك ساكنا".
عودة الحرب على غزة.. تفاوض بالنار أم تنفيذ لخطة التهجير؟
مارس 18, 2025
استأنف جيش الاحتلال الإسرائيلي بصورة مفاجئة، فجر الثلاثاء، حربه المستعرة على قطاع غزة، ضاربًا ملف التفاوض حول وقف إطلاق النار عرض الحائط؛ حيث شن عشرات الغارات دفعةً واحدة على مناطق متفرقة من القطاع ما تسبب باستشهاد ما يقرب من 500 فلسطيني. ورغم شكل التصعيد المفاجئ، إلا أن محللين عسكريين وسياسيين يرونه متوقعًا وليس وليد اللحظة،
"حماس" توجه نداء للعالم لتجديد وتصعيد الحراك التضامني مع غزة
مارس 18, 2025
وجهت حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، الثلاثاء، نداء إلى الأمة وأحرار العالم، من أجل تجديد وتصعيد الحراك التضامني مع غزَّة، تنديدا باستئناف الاحتلال عدوانه وحرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني. وقالت الحركة في بيان تلقته "قدس برس"، أنه "أمام استئناف حكومة الاحتلال الفاشية عدوانها الهمجي وحرب الإبادة الجماعية ضدّ شعبنا في قطاع غزَّة، وانقلابها على اتفاق وقف